واشنطن في دمشق ما الهدف…؟
ناديا شحادة
قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإرسال طائراته وجنوده إلى سورية في الخريف الماضي للمشاركة الفعلية إلى جانب الجيش السوري وقوى المقاومة الأخرى في حربها على الإرهاب، فاجأ الجميع وقلب موازين القوى على الأرض وباتت الكفة الراجحة للجيش السوري ميدانياً. هذا التقدم الذي يتعارض مع الاستراتيجية الأميركية والأوروبية الغربية ومعها توابعها من «إسرائيل» والسعودية وتركيا…
بوتين الذي يملك استراتيجية واضحة ومواقفه ثابتة من الأزمة السورية بأنّ الحلّ السياسي أولوياته القضاء على الإرهاب بشكل كامل ومصير الرئيس الأسد يقرّره الشعب السوري. قراره بالحسم الاستراتيجي للمعركة باجتثاث الإرهاب في سورية قلب موازين القوى وأثار اهتمام العالم أجمع حسب ما أشارت صحيفة «شيكاغو تربيون» الأميركية، موضحة أنّ صنّاع السياسة الأميركية استهزأوا بقراره متوقعين أن بوتين ينجرّ إلى مستنقع، لكنهم فشلوا الآن مرة أخرى في التنبّؤ بتحركاته التكتيكية.
تلك التحرّكات التي أربكت الحلف المعادي، الذي أدخل منظمات الإرهاب إلى سورية لغرض تغيير المسار السياسي السوري وتحويله إلى مسار الدول التي تعادي المقاومة وتعترف بإسرائيل، ولكن مع الإنجازات العسكرية المتحققة على الأرض من قبل الجيش السوري وحلف المقاومة، لم يعُد الحلف يمتلك استراتيجية ومواقف سياسة واضحة بل شهدنا تنقلات وتغيرات وتبدّلات في المواقف من النقيض إلى النقيض، تارة بقبول حلّ سياسي مع بقاء الرئيس الأسد وتارة يغلف بفترة انتقالية وأخرى بانتخابات ديمقراطية، ولكن سرعان ما نجد واشنطن وحلفها المعادي يتراجعون عن ذلك ويعودون للغة التصعيد من جديد واتخاذ قرارات تدعو للقلق كالقرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي باراك اوباما بإرسال 250 جندياً إضافياً إلى سورية من دون التنسيق مع الحكومة السورية. تلك القوات التي ستعمل على محاربة تنظيم داعش داخل دولة ذات سيادة من دون حق قانوني واضح، يعتبر انتهاكاً لسيادة الدولة السورية وقد أكدت على ذلك الخارجية الروسية في التاسع والعشرين من الشهر الحالي ببيان صادر عن الخارجية الروسية، حيث قالت إن إرسال قوات أميركية إلى سورية من دون التنسيق مع الحكومة السورية هو انتهاك لسيادة سورية.
أوباما الذي قرّر منذ أن بدأ ولايته الأولى عام 2008 بعدم التورط عسكرياً في الشرق الأوسط والانجرار إلى حرب فيها وقد أكد على ذلك بكل وضوح في مقابلته الشهيرة لمجلة اتلانتيك الأميركية الشهر الماضي، اتخذ خطوة تنطوي على العديد من التساؤلات وعلى رأسها ما الذي تعنيه زيادة عدد القوات الأميركية، وبالذات بعد رفض الإدارة الأميركية ودوائر صناع القرار في واشنطن إرسال قوات أميركية إلى داخل سورية.
الخطوة الأميركية بإدخال قوات أميركية إضافية إلى سورية التي طرحت العديد من التساؤلات أبرزها: هل تأتي في سياق تغير في الموقف الأميركي من الصراع على سورية وهل تنبئ الخطوة الأميركية بتحوّل في استراتيجية الإدارة الأميركية في نظرتها للملف السوري خاصة بعد دخول روسيا العسكري إلى سورية بطلب الحكومة السورية وموافقتها على خلط الأوراق.
يؤكد الخبراء الاستراتيجيون على أن التصريحات الأميركية لا تنبئ بنية أميركا للصدام مع روسيا في سورية وعلى أن الخطة الأميركية لإرسال قوات خاصة إلى سورية تهدف إلى خلق نفوذ أميركي في سورية ضمن استراتيجية جديدة لها أهدافها ودلالاتها في التحوّل في الصراع بعد التغيّر في موازين القوى بفعل الدخول الروسي العسكري الذي يراه المراقبون غيّر موازين القوى العسكرية على الأرض لصالح الدولة السورية.
فواشنطن باتت الآن تسعى لإثبات وجودها على الأرض لكسب نقطة في المفاوضات السياسية في جنيف، إضافة إلى سعيها غير المعلن بالمساهمة مباشرة في تحرير الرقة بمساعدة العشائر السورية والقوات الكردية، وبذلك تقطع الطريق على الدولة السورية وحلفائها لتحقيق انتصار كامل ما سيجعل لواشنطن وحلفائها دوراً سياسياً بفعل الميدان.