تقدير «نيويرك تايمز» أم مناخ النخبة الأميركية؟
حميدي العبدالله
بتاريخ 17/4/2016 نشرت صحيفة «نيويرك تايمز» تقريراً حمل عنوان «مستقبل سورية: الثقب الأسود من عدم الاستقرار» قالت الصحيفة: «إنّ انهيار سورية يشكل تهديداً كبيراً للاستقرار في الشرق الأوسط»، وأضافت: «سورية تعتبر لاعباً رئيسياً في العالم العربي منذ الحرب العالمية الثانية، ولها دور مهمّ جداً في المنطقة». وتخلص الصحيفة إلى أنّ سورية الآن «متجهة إلى التأثير في المنطقة ليس بوصفها دمية رئيسية، ولكن كثقب أسود»، وتوضح ماذا تقصد بثقب أسود فتقول «الحرب في سورية قد ولدت بالفعل حالة من الفوضى نجم عنها ملايين اللاجئين… وصعود الدولة الإسلامية، وحركة المرور الكبيرة للأسلحة والمسلحين»، وتتوقع الصحيفة أنّ الفصل الآتي قد يكون الأسوأ».
لا شك أنّ المخاطر الناجمة عن الحرب التي شنّت على سورية، والسعي لإضعاف دور الدولة، وحصر وجودها في مناطق محدّدة، لم تكن مفاجئة لأحد إلا للدول والجهات التي كانت تسعى للوصول إلى تدمير الدولة السورية بمعزل عن النتائج المترتبة على ذلك، ومن ضمنها هذه النتائج التي حصرتها صحيفة «نيويورك تايمز» على النحو الذي مرّ ذكره.
منذ بداية الحرب على سورية حذر المسؤولون السوريون، وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد، ووزير الخارجية وليد المعلم، ومسؤولون آخرون، بأنّ اعتماد الإرهاب للنيل من نهج الدولة السورية المستقلّ لن يترك آثاراً سلبية على الدولة والشعب السوري وحده، ولا سيما بعد غضّ الدول الداعمة للتشكيلات المسلحة النظر عن دور الجماعات الإرهابية في الحرب التي شنّت على سورية، ولكن لم يصغ أحد لتحذيرات المسؤولين السوريين في التوقيت المناسب إلى أن وصلت الأوضاع إلى ما وصلت إليه وخرجت التنظيمات الإرهابية عن نطاق السيطرة وتمرّدت على مشغليها، ولم تعد تأخذ بعين الاعتبار لا خطوطهم الحمراء ولا مصالحهم الخاصة.
لكن هذا التقدير الذي ورد في صحيفة «نيويورك تايمز» هل هو مجرد رأي كاتب التقرير، أم أنه يعبّر عن مناخ سائد في النخبة الأميركية؟
من الواضح أنّ ثمة انقساما داخل النخبة الأميركية، في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وحتى ثمة انقساماً داخل إدارة أوباما، داخل الإدارة من يؤمن بما ذهبت إليه صحيفة «نيويورك تايمز» وعلى رأس هؤلاء الرئيس أوباما وأعضاء بارزين في مجلس الأمن القومي الأميركي، ولكن ثمة مسؤولين آخرين ولا سيما في الخارجية الأميركية لهم رأي آخر، ولا يزالون يتبنون مقاربات إزاء ما يجري في سورية هي أقرب إلى حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، مثل قطر والسعودية وتركيا، ولهذا من المستبعد أن تخرج السياسة الأميركية إزاء سورية عن النهج الذي اعتمد منذ بداية الأحداث عما كان عليه في السنوات الخمس الماضية.