نهلك ملوكاً ونستخلف آخرين ونحدّد سقف الكبار..!
محمد صادق الحسيني
حلب لن تبقى تنزف إلى أمد طويل والساعة آتية لا ريب فيها مهما أجرموا وقتلوا ودمّروا ومهما ناور المرجفون في المدينة…!
وبغداد لن تنام على الضيم بانتظار مؤامرة التقسيم الأميركية التي يُراد لها أن تمرّر بانقلاب أميركي ناعم أكثر من الحرير!
وحارة حريك لن تسكت إلى أمد طويل بانتظار أن يسقط الهيكل على الجميع، بل إنّ لديها المفتاح السحري الذي سيقلب الطاولة على الجميع في اللحظة المناسبة.
وطهران تمشي الهوينا، كما يمشي الوجي الوحل كأنّ مشيتها من بيت جارتها التحالف السعودي التركي القطري المفجّر للهدنات مرّ السحابة لا ريث ولا عجل، ولكنها تقترب من حسم مشيتها قطعاً مع الغرب واسترداداً… لا تفريط لا علل…!
هي الحرب بالضربة القاضية تقترب يوماً بعد يوم، بعد أن كسبناها بالنقاط ويحاول الغرب وأذنابه الصغار استرداد بعض ما خسروه من ماء الوجه على أسوار وبوابات مدننا وعواصم أقطارنا المقاومة…
وهو ما لن يكون لهم، ما دام لدينا قيادات مصمّمة على إجبار المهزوم على توقيع وثيقة الاعتراف بالهزيمة والإذعان بأنّ ثمة عالماً ينهار هم صنّاعه السابقون، وأنّ ثمة عالماً ينهض نحن صنّاعه اللاحقون، ومَن لا يصدّق أو يريد التشكيك فليراقب بدقة ما يجري تحت غبار المعارك المتنقلة وتحت طاولات حوار التكاذب المشترك، وفي كواليس استجداء أيّ تنازل مهما كان صغيراً ليسلّموا بعدها بأنّ عالم أحادية إمبراطوريتهم قد ولى زمانه واندثر…!
لن تخيفنا… لا صواريخهم الحرارية، ولا أسلحتهم المتطورة، ولا الأسلحة المحرّمة دولياً، ولا ضجيج التهديد والوعيد، ولا الترويج الكاذب بأنّ لديهم بيننا مَن هو سينقلب علينا من رجالاتهم المخبّئين تحت جلودنا، لأنهم يعرفون قبل غيرهم بأنّ هؤلاء ليسوا إلا زبد سيذهب جفاء مع أول صيحة نفير ويبقى ما يمكث في الأرض…!
سألنا الرئيس بشار الأسد يوماً عن سقف توقعاته من الروس فأجاب: إننا نحن مَن يحدّد سقف توقعات الآخرين تجاه قضايانا بصمودنا وصلابة موقفنا، وكلما كان موقفنا على الأرض أقوى ارتفعت سقوف الآخرين وتصلّبت مواقفهم في الدفاع عنا…!
لن نقبل بتعلّل الروس وتأجيلهم للحسم في الميدان انتظاراً لتفاهمات القوّتين الأعظم أياً كانت المحاذير إلى ما لا نهاية…!
يخادع ويخاتل ويكذب تحالف العدوان عندما يتحدّث عن أننا بتنا أقرب ما نكون إلى السلام، أو قرب التوصل إلى اتفاق تاريخي في أيّ من ساحات الصراع والقتال من حلب إلى صنعاء مروراً ببغداد ولبنان الذي في عين العاصفة…!
المراوغ الأميركي المنكفئ باتجاه البحر الأصفر والمحيط الهادئ في موسم الهجرة من بلادنا يبحث عن كلب حراسة جديد، وقد عقد صفقته الانتهازية الرخيصة مع اللاعب الاحتياطي الأهمّ في الفريق «الإسرائيلي» العدو إلا وهو ملك الرمال المتحركة في الربع الخالي…!
واليمنيون الوطنيون الشرفاء المخلصون لوطنهم ولدينهم وللأمن القومي العربي يصرّحون في الكواليس بأنّ ما يجري في الكويت ليس أكثر من استراحة محارب، وأن لا حلّ جذري لقضيتهم ولا تجفيف قريب لمنابع الحرب ضدّهم إلا بإنزال شاه الخليج وطاووسه وكلب حراسة الأميركان و«الإسرائيليين» عن عرشه…!
وعليه فليس ثمة ما ينبئ بقرب انفراج لأيّ من حروب الفتنة الأميركية المتنقلة على بلادنا من العراق إلى سورية إلى لبنان إلى اليمن إلى إيران إلى شمال افريقيا في المغرب العربي الكبير دون حسم في الميدان…!
وكما في تاريخنا المجيد القديم يوم قال محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام في فجر يوم من أيام ما بعد فتح مكة: بأننا يا علي كنا في بداية الدعوة نرعى الإبل وأصبحنا اليوم رعاة الشمس…!
فإننا اليوم في جبهة المقاومة وبعد الانتقال من الدفاع الاستراتيجي إلى الهجوم الاستراتيجي، أصبحنا: نهلك ملوكاً ونستخلف آخرين بإذن الله، وذلك بفضل تحوّلنا من قوى مبعثرة ومتناثرة تقاوم في ساحة منفردة إلى رقم صعب لا يتمكن أحد، أيّ أحد، من تجاوزه في عملية إعادة بناء العالم الجديد، عالم ما بعد انقراض معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية…!
نعم، نحن في مرحلة انتقالية متحركة صاعدة هابطة، لكنه ما إن تحين ساعة: «إذا وقعت الواقعة خافضة رافعة» إلا ونكون أصحاب اليد العليا، والحرب سجال والعالم في انتقال، فانتظروا قليلاً فبقاء الحال من المحال.
بعدنا طيبين قولوا الله…