عودة المحادثات اليمنية… ونجاح روسي أميركي بصياغة حلّ وسط للتهدئة: تحديد مناطق «داعش» و«النصرة» وشمول الهدنة ما عداها وتحييد المدنيين والبنى التحتية

كتب المحرر السياسي

التبشير بالعودة إلى محادثات جنيف من جماعة الرياض بعد مقاطعة ترتبط بقرار التصعيد والقتال إلى جانب «جبهة النصرة» في حرب الشمال السوري، بالتزامن مع الإعلان الروسي الأميركي عن حلّ وسط لنظام التهدئة يضمن شمول وقف النار كلّ سورية بعد تحديد مواقع «النصرة» و»داعش»، وتحييد مواقع الجماعات الأخرى والبنى التحتية والمدنيين من نتائج الأعمال الحربية، بالتزامن مع استئناف المحادثات اليمنية، يقول إنّ ملامح تفاهم أميركي سعودي لمواكبة تطبيق التفاهم الأميركي الروسي بصيغته الجديدة بدأت ترتسم.

الانفكاك عن «جبهة النصرة» من قبل جماعة الرياض ومن تضمهم من الجماعات المسلحة التي تتفق روسيا وسورية على تصنيفها إرهابية، وخصوصاً «أحرار الشام» و»جيش الإسلام»، ووضع آلية لفصل هذه الجماعات ومواقعها عن مواقع «النصرة» و»داعش» وملاحقتها، وتحييد الأماكن التي يتواجد فيها المدنيون والبنى التحتية عن الأعمال الحربية، وخصوصاً القصف الجوي، تبدو عناوين ما توصلت إليه واشنطن مع الرياض وجماعتها، قبل أن تنطلق صفارة هجوم روسي سوري إيراني جديد تشمل «النصرة» وكلّ الجماعات المسلحة المتواجدة معها في جغرافيا متداخلة، وهذا ما يفترض أن تظهره الأيام المقبلة، وإذا صحّ ذلك فتكون موسكو قد كسبت الرهان على الهدنة أولاً، ونظام التهدئة لاحقاً للوصول إلى غطاء دولي إقليمي أوسع لحرب «النصرة» مقابل التهدئة التي بدت متصلة في مناطق كثيرة شمال سورية مع الهدوء المتقطع على جبهات حلب. وهذا يعني أنّ تحديد مواقع النصرة سيقوم على أنظمة تحميل جوية وأقمار صناعية لتحديدها، وحصر الاستهداف بها بعيداً عن المدنيين والبنى التحتية.

قد تصدق التعهّدات التي قطعتها السعودية لواشنطن، وقد تصدق تعهّدات واشنطن لموسكو، وقد لا تصدق أيّ منهما لكن الأكيد أنّ تعهّدات موسكو لدمشق صدقت وتصدق دائماً.

في ميدان التطبيق ستظهر الحقائق، وإنْ حدث وتمّ التحديد لمواقع الإرهابيين وبدأ الاستهداف، وتمّ احترام تحييد من ينصّ عليهم الاتفاق، والتزمت جماعة الرياض بالتفاهمات سلك المسار السياسي طريقاً أقصر لبلوغ التفاهم الحكومة الموحدة وإنْ حدث العكس وعادت جماعة الرياض إلى التصعيد، وضعت واشنطن أمام مأزق في علاقتها بموسكو يوجب عليها تحميل حلفائها مسؤولية فشل الهدنة، وتقديم الغطاء الأميركي للقتال بوجه «النصرة» ومن معها.

وليس ببعيد كان قادة لبنان يعدّون الأرباح والخسائر بعد يوم انتخابي طويل، فخرج الرئيس الحريري خاسراً بيروت والبيارتة، رغم فوزه باللائحة البلدية، فلا نسبة المشاركة التي تصير خمس المقترعين تعبّر عن مدينة فيها زعامة ولا ما ناله الحريري وتياره يتخطى العشرة بالمئة، فبينما أثبت تحالف سمير جعجع رئيس القوات والعماد ميشال عون فشله في بيروت، لكنه سجل فوزاً لافتاً في مدن وبلدات البقاع وخصوصاً زحلة، بينما سجل ثنائي حركة أمل وحزب الله، فوزاً شاملاً تقريباً، إذا حسبت البلدات التي أدار فيها الثنائي التفاهمات المحلية.

لخسارة لائحة سكاف أسباب عدة…

وضعت المعارك البلدية أوزارها في محافظتي بيروت والبقاع واتجهت الأنظار لقراءة النتائج النهائية للانتخابات لا سيما في العاصمة وزحلة وبعلبك التي سجلت رقماً مرتفعاً في نسبة المشاركة وصل إلى 45 في المئة في بعض المناطق مقابل تدنيها في بيروت التي لم تتجاوز الـ20 في المئة وبالتالي مقاطعة أكثر من 80 في المئة من الناخبين ما يؤشر إلى حجم الفتور لدى المواطن البيروتي، أما في زحلة فقد حقق تحالف الأحزاب المسيحية الثلاثة التيار الوطني الحر و«القوات» و«الكتائب» فوزاً على اللائحتين المنافستين لا سيما المدعومة من آل سكاف التي تمثل الزعامة المحلية التقليدية. وقد حصدت «الكتلة الشعبية» وحدها وفق النتائج الأولية 8896 مقابل 10510 للائحة تحالف الأحزاب و7044 للائحة المدعومة من النائب نقولا فتوش.

وقالت مصادر زحلاوية لـ»البناء» إن «خسارة لائحة سكاف أمام تحالف الأحزاب له أسباب عدة أهمها رفض رئيسة الكتلة الشعبية ميريم سكاف الحوار مع النائب نقولا فتوش لتشكيل تحالف بينهما، والذي لو تمّ لكان اكتسح المقاعد كلها وفاز على تحالف الأحزاب، فضلاً عن أن أصوات المسلمين في زحلة الذي يصل إلى 11000 7000 شيعة و4000 سنة ، توزعت على تحالف الأحزاب الثلاثة وعلى لائحة سكاف وعلى لائحة فتوش، أما السبب الثالث فهو تحالف سكاف مع تيار المستقبل وقرار حزب الله ترك الخيار لجمهوره في التصويت».

عون: زحلة امتدّت إلى كل لبنان

وأكد رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في حديث إلى «أو.تي.في» أن «زحلة امتدت إلى كل لبنان بمجرد التصويت بأكثريتها إلى لائحة الأحزاب المتمثلة بالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لأن انتشار القوات والتيار على امتداد لبنان، وهذا ما يجب أن يعطي طمأنينة إلى أهل زحلة، وكل لبنان متضامن معهم في هذه الانتخابات»، وقال: «نتمنى أن يكون الحكم أفضل في المستقبل من أجل تأمين ضمانة أكبر وأقوى».

وأمل عون أن تسير الانتخابات في محافظة جبل لبنان على خطى البقاع وزحلة تحديداً لكي تضفي بصمة جديدة على التوافق المسيحي والوطني».

زغيب لـ«البناء»: أخصامنا فاشلون

وقال رئيس اللائحة الفائزة في زحلة والمدعومة من الثنائي الحزبي التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» أسعد زغيب «إنّ السمعة والإرادة الشعبية وتحالفنا الحزبي عند الزحلاويين أثمر فوزاً ساحقاً لكامل أعضاء اللائحة»، ووصف زغيب في حديث لـ»البناء» الثنائي الخصم سكاف – فتوش بأنه يفتقد إلى إدارة حملة انتخابية «فكانت حملتهم فاشلة، لأنهم يفتقدون إلى رئيس بلدية ورئيس لائحة يتحدّث باسم اللائحة بل هم يتحدثون باسمه وعنه»، فضلاً عن الشعارات التي أطلقوها «فأبعدوا الناس عنهم ونفر الزحلاويون منهم ومن شعاراتهم». وأشار زغيب إلى أنّ «اعتماد حملتَيْ الخصم على عنصر المال بهدف الرشى أمر رفضه الزحلاويون والناخب الزحلي وإنْ كانوا يعانون وضعاً اقتصادياً سيئاً، فالزحليون يرفضون أن يشتروا أو يباعوا، فكراماتهم أغلى وبالتالي صناديق الاقتراع خير دليل وفوزنا تأكيد على الحقيقة والمصداقية». وختم زغيب كلامه واعداً الزحليين بالإنماء.

.. والحريري يتّهم الحلفاء…

أما في بيروت فقد فازت لائحة «البيارتة» المدعومة من تيار المستقبل في المقاعد كلها على اللوائح الأخرى إلا أن نسبة المشاركة المتدنية قلّلت من أهمية هذا الفوز الأمر الذي دفع الرئيس سعد الحريري إلى تبرير ذلك بتوجيه الاتهام إلى بعض حلفائه في اللائحة بالتصويت إلى اللائحة المنافسة «بيروت مدينتي».

وقال الحريري في مؤتمر صحافي عقده في بيت الوسط: «هناك حلفاء التزموا معنا بالكامل، وصبّوا أصواتهم للائحة البيارتة، وهناك حلفاء آخرون فتحوا خطوطاً لحساب مرشحين من خارج اللائحة، بشكل كان من الممكن أن يهدّد المناصفة، وهذا أمر لا يشرّف العمل السياسي ولا العمل الانتخابي، نحن الذين حمينا المناصفة، تذكروا ذلك جيداً يا أهل بيروت، عندما يتّهمونكم بالطائفية والعنصرية، إنكم انتم ولا أحد سواكم مَن حمى المناصفة».

وقالت مصادر في تيار المستقبل في بيروت لـ«البناء» إن «نسبة التصويت في بيروت جيدة ولم تتغير عن السنوات الماضية كثيراً وأثبتت أن تيار المستقبل هو الأكثر تمثيلاً بين القوى الأخرى، كما أثبتت أن التيار الوطني الحر وحزب القوات لا يشكلان 60 في المئة من المسيحيين في العاصمة بل 40 في المئة مع حزب الكتائب». وأشارت المصادر إلى أن «كل الأحزاب الأرمنية صوتت للائحة البيارتة أما التيار الوطني الحر فصوّت للائحة بيروت مدينتي وليس للائحة البيارتة».

البقاع وحرارة المنافسة

وفي البقاع أسفرت النتائج عن «فوز كامل لوائح التنمية والوفاء في مدينة بعلبك وبلدة بريتال، وكذلك في ستين بلدية في البقاع»، كما أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مؤتمر صحافي من مركز ماكينة الحزب الانتخابية في بعلبك، وشدّد على حرارة هذه المنافسة. وأكد أن «حزب الله شارك في 80 بلدية في محافظة البقاع من أصل 143 بلدية، هذه البلديات الثمانون لها طابع تنموي، وتفترق بلديتان بالنسبة إلينا هما بلدية مدينة بعلبك وبلدية بلدة بريتال اللتان تتميّزان بطابع سياسي».

وبحسب النتائج فقد تفاوتت نسبة المشاركة بين بلدة وأخرى وفقاً لحماوة المنافسة، فهناك بلدات سجلت 67 في المئة في ما لم تتجاوز الـ25 في المئة في بلدات أخرى، لا سيما في قرية النبي شيت حيث اللائحة المقابلة للتحالف لم تتجاوز الـ4 أشخاص ما أضعف المنافسة فيها، وبالتالي خفض نسبة الاقتراع، أما في بريتال فقد شهدت منافسة شديدة سياسية أكثر منها إنمائية.

الهوية السياسية مقاومة

وأشار المسؤول الإعلامي لحزب الله في البقاع أحمد ريا لـ«البناء» أن «حزب الله كان يتدخّل في الانتخابات السابقة كلها في مدينة بعلبك لكن لم يتدخل بشكلٍ مباشر في بريتال لوجود جو عام في البلدة لا يريد خوض معركة مباشرة لحساسيات معينة، لكن حزب الله موجود داخل بريتال. وهي من القرى الكبرى والمهمة وقدمت شهداء من حزب الله في وجه العدو الإسرائيلي وفي وجه العدو التكفيري. وهذا دليل على وجود حزب الله الفاعل فيها وبين عائلاتها».

وشدد ريا على أن «هوية البقاع السياسية معروفة فهو خزان المقاومة، لكن الاقتراع في بعلبك كان سياسياً وإنمائياً أي لناحية إدارة الإنماء في البلدة بدعم ومساعدة حزب الله، لكن لا ندّعي أننا وحدنا من يقدم الإنماء لكننا جزء من هذا النسيج السياسي والإنمائي في البقاع».

وأوضح أن اللوائح الفائزة منفتحة على كل الأطراف الأخرى التي لم يحالفها الحظ بالفوز، مؤكداً أن «حضور الحزب في البلديات هو لعمل منظم وإدارة واضحة ورفع مستوى الخدمات فضلاً عن وجودنا السياسي والذي على أساسه يدار الإنماء». كما اعتبر أن «التحالف بين حزب الله وأمل والقوى الأخرى هدفه الأساسي إنمائي أما هدفه الثاني فهو الاستقرار الأمني. وهذا ما أظهرته الانتخابات التي كانت هادئة ولم تشهد أي إشكالات أمنية تذكر».

جلسة للجان المشتركة

على صعيد آخر، استأنفت اللجان النيابية المشتركة برئاسة الرئيس نبيه بري اجتماعها الثاني لمواصلة البحث في قوانين الانتخاب المطروحة، بعد التوافق على أربع صيغ في الجلسة السابقة. وبعد انتهاء الجلسة، تمّ الإعلان عن جلسة ثالثة للجان في 19 أيار. وفي حين تقدّم النائب سامي الجميل باقتراح يقوم على الدائرة الفردية، أعلن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض التمسك بالنسبية الكاملة مع إبداء مرونة إزاء مناقشة أي أفكار تطرح في جلسة اللجان المشتركة ومنها القانون المختلط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى