تفجيرات السعودية: بن نايف يأمر بحصر الحملة بداعش فيحذف تصريح ريفي تقارب جنبلاطي قواتي يُحيط بتفاهمات العونيين وأمل يفتح طريق قانون الانتخاب

كتب المحرّر السياسي

تفرض روزنامة الحرب في سورية عدم الانتظار لموعد قمة العشرين في الصين مطلع أيلول لانعقاد اللقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان، فالموقع الحاسم لكلّ من موسكو وأنقرة في هذه الحرب لا يتيح مواصلة التطبيع مع مواصلة وقوف جيشيهما قبالة بعضهما البعض في خنادق الحرب. كما قالت مصادر روسية إعلامية لـ «البناء» ما استدعى التفاهم على تسريع المحادثات على مستوى المسؤولين السياسيين والعسكريين تحضيراً للقاء في نهاية هذا الشهر، على أن تتمّ مراجعة جداول الفرص المتاحة لعقد هذا اللقاء ومكانه، ليأتي هذا اللقاء متناسباً مع التقدّم الذي تحققه المحادثات الروسية الأميركية حول التعاون العسكري في الحرب ضدّ جبهة النصرة وتنظيم داعش، بالتزامن مع التحضير لجولة مقبلة من المحادثات السياسية في جنيف، بين الحكومة السورية ووفد من المعارضة، يفترض أن تتبلور ملامحه منتصف هذا الشهر.

ومع التقدّم الذي يحققه الجيش السوري في جبهات أرياف حلب ودمشق، وتعثر القوات المدعومة من واشنطن في تحقيق أيّ تقدّم على داعش في محاور الرقة والحسكة، وتقهقرها في منبج، تصير الأيام المقبلة فاصلة في رسم صورة التفاهم حول اتجاه الحرب على داعش، خصوصاً بعد الضربات التي نفذها التنظيم مؤخراً والتي جاءت بمثابة رسائل موجّهة لحلفائه.

التفجيرات في تركيا حسمت منذ البداية بلسان وزيري العدل والخارجية، أنها بتوقيع داعش، بينما تركزت الحملة السعودية في اليوم الأول نحو إيران، بقرار من ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفقاً لما قالته مصادر خليجية متابعة، بينما جرى إيقاف الحملة وحذف التصريحات التي تبالغ في توجيه سهامها نحو إيران من برامج البث في القنوات المموّلة من السعودية، وهذا ما لحق بتصريح خاص لقناتي «العربية» و»الحدث» أدلى به الوزير أشرف ريفي، وقالت المصادر إنّ قرار الحذف صدر عن ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف. واعتبرت المصادر الدخول القوي لبن نايف تعبيراً عن امتعاض أميركي من التعامل السعودي مع التفجيرات وتوظيفها بحسابات ضيقة تتنافى مع الوجهة التي تريدها واشنطن لتزخيم الحملة على داعش، لتتصدّر الفضائيات السعودية في اليوم الثاني للتفجيرات حوارات وتحليلات دينية وسياسية وأمنية تركز على داعش بطريقة لافتة كعدو لا يمكن التهاون معه، وتتجاهل الحديث عن إيران.

لبنانياً، تخشى مصادر أمنية من أن يؤدّي مرور الوقت على تفجير داعش إلى تراجع النقاش اللبناني، حول كيفية التعامل في مرحلة يبدو فيها أنّ إيقاع الحرب على داعش إلى تصاعد، ومثله إيقاع موجات النزوح العسكري على طريقة تفجيرات القاع مرشح للتزايد، بينما سجلت على المستوى السياسي، بداية رسم خارطة طريق لتوافق يمكن أن يؤدّي للتفاهم على مشروع قانون انتخاب تعرض خطوطه العريضة في خلوة هيئة الحوار الوطني مطلع الشهر المقبل، فقد تحدّثت مصادر سياسية مطلعة عن حوارات ثنائية متعدّدة، تدور حول الدمج بين مشروع رئيس مجلس النواب نبيه بري ومشروع ثلاثي المستقبل والقوات والاشتراكي، القائمين على صيغة مختلطة بين النظامين الأكثري والنسبي، ويختلفان في تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد على النظامين، حيث يدور حوار قواتي عوني وحوار اشتراكي مستقبلي، وحوار قواتي مستقبلي، للإحاطة بالأرضية التي أسّس لها التفاهم العوني مع حركة أمل من بوابة ملف النفط، والذي بدأت تظهر بوادر تمدّده نحو قانون الانتخاب.

أول الغيث

يحلّ عيد الفطر هذا العام على وقع تفجيرات دامية، بدأت التنظيمات الإرهابية توسّع نطاق مسرحها الذي لم يعُد يقتصر على سورية والعراق، إنما وصل الى لبنان والأردن وتركيا وأول أمس الى المدينة المنورة والقطيف في السعودية. لكن المفارقة في نظرة تيار المستقبل إلى هذه المجموعات، فهي إرهابية في السعودية المستهدَفة لاعتدالها، ومعارضة في سورية.

لن تشكّل التفجيرات في السعودية نقلة نوعية في السياسة السعودية في المنطقة حيال الإرهاب، إنما تُعتبر إشارة إنذار بأن العدّ العكسي لاستهداف المملكة بدأ في ظل تنامي البيئة الحاضنة للإرهاب في المملكة بعد التقارير التي تتحدّث عن وجود 12 ألف إرهابي محتمَل في المناطق التي تُعتبر ثقل الوهابية في المملكة».

وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» «إن التفجيرات في السعودية أول الغيث بعد أن تحوّلت الديار المقدّسة إلى هدف لداعش». مضيفة «تركيا التي شكلت الرئة الأساسية لداعش خلال السنتين الماضيتين بدأت بالاستدارة الكاملة وبالتالي لا تستطيع السعودية البقاء وحدها في موقع دعم الإرهاب. وهذا إن حصل سيترك تداعيات على أكثر من ساحة في المنطقة ومنها لبنان الذي لا يزال حتى الآن يعاني من الفيتو السعودي للقضاء على المسلحين في الجرود».

واستنكرت المصادر محاولات فريق سياسي في لبنان إعطاء براءة ذمة للسعوديين من دعم الإرهاب لغايات سياسية ومالية، مذكرة إياه بـ«التقرير الذي كشفته روسيا عن عشرات آلاف سيارات التويوتا التي استقدمت من اليابان إلى سورية لحساب داعش والتي دفعت السعودية القسم الأكبر من ثمنها»، ولفتت إلى تمدد وتوسع تنظيم القاعدة وداعش في اليمن الى حضرموت والمكلى خلال ما يُسمى بعاصفة الحزم السعودية، متسائلة: لماذا شن تحالف السعودية عشرات آلاف الغارات على أنصار الله والشعب اليمني ولم يشن غارة واحدة على أهداف لتنظيم القاعدة أو داعش؟

ورأت المصادر أن «السعودية باتت في مأزق، فالحكومة لا تستطيع تعديل سياستها مقابل وجود العديد من الجمعيات والمؤسسات الوهابية التي لا تزال تدعم تنظيمَي داعش والنصرة، وتساءلت هل تستطيع الحكومة السعودية لجم هذه الجمعيات؟ مضيفة: «هذا هو جوهر الصراع الذي بدأ منذ سنوات وسيستمر حتى وقتٍ طويل بين الحكم السعودي والجمعيات الوهابية التي نمت وكبرت على أموال الملوك والأمراء السعوديين».

الصراع بين «المحمَّدين»

ورأت مصادر سياسية في 8 آذار لـ «البناء» أن «التفجيرات في السعودية يمكن وضعها ضمن فرضيتين، الأولى الصراع على السلطة بين «المحمَّدين» وما يدعم هذه الفرضية خريطة الأهداف المتنوعة وطبيعتها المتعددة والنتائج الهزيلة التي حققتها، وبالتالي كان هدفها تشويه قدرة ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف بأنه يستطيع ضبط الأمن في المملكة، أما الفرضية الثانية مسؤولية داعش لاعتبارها بأن السعودية جزء من دولتها».

وأوضحت المصادر «أن التفجير يمكن أن يكون من صنع السعودية لأهداف متعددة، منها الصراع على السلطة داخل المملكة وتقديم السعودية نفسها على أنها ضحية لإبعاد تهمة الإرهاب عنها ولحجب الأنظار عن جرائمها في المنطقة».

وأشارت المصادر إلى «أن فريق 14 آذار جزء من المشروع الذي يستثمر في الإرهاب، مستغربة كيف يميز هذا الفريق بين الإرهاب في العراق وسورية واليمن وبين الإرهاب في السعودية».

سلام الى مكة

الى ذلك، غادر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام مساء أمس، الى مكة المكرمة لتأدية مناسك العمرة. وإذ أشارت مصادره إلى أن الزيارة لها طابع ديني، لم تستبعد أن تكون تفجيرات المدينة المنوّرة والقطيف فرصة لتقديم واجب العزاء للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والبحث معه في التطورات في المنطقة.

معطيات الفراغ لم تتغيّر

وفي ظل الفراغ السياسي الذي يعاني منه لبنان، عادت الأنظار للتحول تجاه الملف الرئاسي، رغم ان المعطيات الاساسية التي تتحكم بالفراغ لم تتغير حتى إشعار آخر. فلا معطى حقيقي يمكن الاستناد عليه للبناء على اقتراب موعد إنهاء الفراغ. ولفتت مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى أن لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور، فالموقف السعودي لا يزال على حاله ولا تغير في طريقة التعاطي السعودي الإيراني، بغضّ النظر عن شبه تسليم قوى اساسية في 14 آذار بعدم تجاوز الوقائع القائمة والمعطيات المستجدة في المنطقة.

الأجواء التفاؤلية تنقصها أرض صلبة

وأكدت مصادر متابعة للملف الرئاسي في حزب القوات لـ «البناء» أن «لا معطيات تؤكد التفاؤل الحاصل في الملف الرئاسي. الأجواء التفاؤلية تنقصها أرض صلبة لتتحول الى اجواء ايجابية فعلية، فحتى الساعة لا شيء جديد، باستثناء مسعى الدكتور سمير جعجع باتصالاته مع الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط». وقالت المصادر «الدكتور جعجع يسعى لكن لا يعني ذلك أن مساعينا ستتكلل بالنجاح، وأنها ستصل الى بر الامان». وإذ لفتت الى ان النائب وليد جنبلاط يسير بانتخاب الجنرال عون رئيساً، أشارت إلى أن اللقاء مع الرئيس الحريري مختلف، هو شرح وجهة نظره، ونحن شرحنا وجهة نظرنا القائلة بأن إنقاذ الجمهورية يمر بانتخاب الجنرال عون رئيساً، لكي لا نبقى في فراغ وانعدام وزن وتعطيل للمؤسسات الدستورية لكننا لم نقنعه ولم يقنعنا».

وأشارت إلى «أن ربط الملف النفطي بالملف الرئاسي في غير محله، لا علاقة لما يجري بأية حلحلة سياسية، كل ملف مستقلّ عن الآخر». ورأت «أن الاستعجال في التنقيب عن الثروة النفطية مردّه تطور العلاقات التركية «الإسرائيلية»، وهجوم الشركات على الغاز «الإسرائيلي» والقبرصي والتركي، ما معناه أن لبنان أمام فرصة 18 شهراً بحسب الأميركيين، لأن الشركات لن تهتمّ بالاستثمار بعد هذه المهلة، وهناك محاولات ليأخذ لبنان حصة من الشركات التي سستثمر في التنقيب عن النفط والغاز».

وفي شأن الاتصالات بشأن القانون الانتخابي، قالت المصادر القواتية «عندما تتوفر النية الجدية يقر قانون جديد للانتخابات»، مؤكدة أن «المختلط هو الحل الوحيد والعمل جار على دمج بين صيغتي الرئيس بري والصيغة الثلاثية لناحية تقسيم الدوائر للوصول الى نقاط مشتركة».

لا لقاء بين نصر الله وجنبلاط

ونفى مصدر مسؤول في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ «البناء» «المعلومات التي تحدّثت عن لقاء عقد بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط». ولفت المصدر الى ان «لا جديد في الملف الرئاسي، برغم كل الاتصالات واللقاءات التي تحصل. فالانتخابات الرئاسية مرتبطة بالوضع الاقليمي الذي يفترض أن يترجم الى ارادة داخلية غير متوفرة في الوقت الراهن»، مشدداً على أن النائب جنبلاط لا يزال على موقفه بضرورة إنجاز هذا الاستحقاق بسرع وقت وبأي ثمن، وأنه يسير بالعماد ميشال عون رئيساً إذا كان انتخابه يُنهي أزمة الفراغ». وإذ اعتبر المصدر أن ملف الرئاسة معقّد، رأى أن البحث في قانون الانتخاب معقد بأضعاف، فاللقاءات مع حزب القوات وتيار المستقبل لا تتعدى النقاش، التوافق غير ناضج، ومخطئ من يظن أنّ أي استحقاق سواء كان رئاسياً او نيابياً يمكن أن يسلك طريقه من دون توافق المكونات السياسية الاساسية كلها حوله ضمن سلة متكاملة.

تغيير في اللهجة السعودية

في المقابل، نقل مصدر في التيار الوطني الحر عن مصادر موثوقة لـ «البناء» أن تغييراً ما في اللهجة السعودية طرأ تجاه وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، مضيفاً «هذا المعطى الجديد يتزامن مع جملة من المعطيات التي حصلت خلال الأشهر السابقة القليلة، أهمها توسع دائرة العمليات الإرهابية في أكثر من مكان في العالم منها السعودية وتركيا. وهذا يدل على أن هذه الدول بدأت تعد العدة لتغيير سياساتها. ثانياً، عودة ملف الغاز والنفط في لبنان الى الواجهة بسحر ساحر بعد إقفاله لسنوات، الأمر الذي يتطلب حاضنة دولية وإقليمية لاستثماره تظهرت من خلال تقاطع مصالح أميركي – روسي انعكس على الوضع الداخلي بتفاهمات حول النفط. ثالثاً، تصاعد المخاطر من تمدد الإرهاب في العواصم الأوروبية وأميركا وتنامي خطر موجات النزوح الأمر الذي جعل استمرار الحرب على سورية عملية تدمير ذاتي للقوى التي تشن الحرب».

وأشارت المصادر إلى صحة ما نقل عن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي قال للرئيس سعد الحريري بأن عليك أن تتفاهم مع العماد عون بشأن الرئاسة الجمهورية والحكومة.

ولفتت إلى أن «استقرار لبنان حاجة غربية لذلك رأت الدول الغربية أن الوضع الداخلي يتجه الى الانهيار، بينما المطلوب من لبنان احتواء عملية النزوح، وهذا لا يمكن من دون انتخاب رئيس جمهورية، وكل هذه العوامل ضغطت على دول الحرب على سورية للبحث عن تسوية ممكنة في لبنان».

إلى ذلك، أوضح وزير الثقافة روني عريجي «أن ما قيل عن لقاء بين رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية وولي وولي العهد السعودي معلومات غير صحيحة»، مشيراً الى أنه «لم يحدث أي تغيير جوهري في الملف الرئاسي ولا حل له في المدى المنظور». ورأى عريجي «أن الاتفاق حول ملف النفط لا علاقة له بالسلة المتكاملة للرئيس نبيه بري بل هو اتفاق نفطي بحت».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى