الرياضة اللبنانية بين الغاية والوسيلة
إبراهيم موسى وزنه
من يصدّق بأن أحدهم مستعد لدفع المال وتضييع الوقت للفوز بموقعٍ ريادي في صميم الحياة الرياضية، إن في ساحات الأندية أو على جبهة الاتحادات؟
من هو ذلك العاقل الذي يستأنس بتكبّد الخسائر المادية والمعنوية في بعض الأحيان، بغية تبوّأ موقع اتحادي هنا أو إداري هناك؟
بصراحة، من يقول بأنه يسعى من وراء ذلك إلى خدمة وطنه عن طريق حماية الناشئة من الانزلاق إلى أتون الموبقات فهو يضحك على نفسه قبل غيره! ومن يبرر اندفاعه إلى تلك المواقع من منطلق حبه البقاء في ساحات كان قد تألق فيها لاعباً أو مدرباً، فهو يقول نصف الحقيقة.
فيا أهل الرياضة في لبنان، أيها الإداريون واللاعبون والإعلاميون والمعنيون، إليكم خلاصة ما استنتجته جرّاء متابعتي الميدانية لحركة وصول كثيرين إلى مواقعهم الإدارية الرياضية على مدى سنوات خلت، وهنا لا بدّ من بعض التصنيف والتفصيل ولكن من دون ذكر أسماء، فالحقيقة المرّة والواقع المرير يؤكّدان بما لا لبث فيه أن الطائفية والمذهبية والمناطقية غالباً ما تتحكم في توزيع المناصب والمواقع، وهذا الجو الذي لا يشبه الرياضة بشيء هو من ارتدادات جوّنا السياسي المتخم بالانقسامات والمحاصصات، ما يعني أننا حتى في ملاعبنا نعيش حرباً للاستيلاء على مواقع أو إجراء تبادلات أو عقد صفقات أو إحلال هدنة أو القيام باكتساحٍ شامل وفقاً للظروف والمعطيات.
فماذا نقرأ في توصيفات معظم الذين يقودون الاتحادات الرياضية والجمعيات؟
ـ هناك من أوصلتهم الصدفة، إذ ناموا غير معنيين واستفاقوا مسؤولين رياضيين للعبة ما أو أعضاء في اتحاد ما، وهنا للعلاقات والقدرات الشخصية دوراً بارزاً في كسب نعمة التسمية والاختيار.
ـ البعض أوصلتهم الحافلة السياسية، بمعنى أدقّ أحزابهم وتياراتهم، وفي هذا السياق لا بدّ من الاتكال على المؤسسات الدائرة في الفلك السياسي الداعم بغية توفير الرعاية المادية والمعنوية لتيسير الأمور بعد الوصول.
ـ أصحاب السِير الرياضية الطيبة، إن على صعيد الممارسة أو الإدارة والتفاعل الإيجابي مع الوسط الرياضي، وهؤلاء قلة قليلة، وأصواتهم خافتة لحظة احتدام الصراعات.
ـ شراء المواقع بالمال، وهؤلاء على قلّتهم أيضاً، فهم يقدّمون غاياتهم الشخصية على كل الغايات، ودائماً يجتهدون لتلميع صورهم وإبرازها بصورة أسطورية، وبعض هؤلاء لا يخفي سعيه للوصول إلى مناصب أعلى نائب أو وزير فيستغل موقعه كمحطة مرحلية.
ـ الوصول لتفعيل العمل الخاص، وخصوصاً في مجالات الدعاية والرعاية والإعلان والتسويق، ودور هؤلاء مشكور فيما لو تحققت النقلة النوعية واستقطبت الرياضة الجماهير الإضافية، ومن سلبيات حضورهم توسيع الهوة بين الأندية داخل اللعبة الواحدة.
في المحصّلة، نجد أن الكثيرين يطمحون للوصول إلى مراكز رياضية متقدّمة، وعند وصولهم لا يقدّمون شيئاً يخدم الرياضة وحركة تطويرها وإنهاضها، ربما تضيع البرامج المعلنة عند الانتخابات في متاهات الانقسامات وتغليب المصالح الشخصية والحزبية والطائفية، وهكذا يبقى الثابت في واقعنا الرياضي اعتماد مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، لتكبر قائمة الساعين للوصول إلى سدّة القرار الرياضي عبر غش فاضح أو سمسرة تافهة أو نفوذ حزبي وعائلي ومناطقي، وطالما سيبقى الوضع على ما هو عليه… مرحباً رياضة.
صحافي وناقد رياضي