حماية غزة وانتصاراتها في وحدة الموقف على قاعدة المقاومة

سعاده مصطفى ارشيد

مع تواصل العدوان الإجرامي على الشعب الفلسطيني وامتداد عمليات القتل والإبادة من جانب العدو واستمرار وتعاظم الصمود البطولي والردود الجريئة للمقاومة الفلسطينية والصبر غير المتناهي الذي يبديه أهل غزة, بقي الموقف الرسمي العربي يغط عميقاً في سباته ويغرق في تخاذله ولا يتحرك إلا إذا كان في تحركه ما يتساوق مع خطط العدو، ومن ذلك ما تردّد من أخبار على أنّ أكثر من دولة عربية تضع نفسها في الخدمة لإدارة الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وذلك في حال إعادة تشغيله، ومن المعروف أنّ هذا المعبر الذي أثار إغلاقه الأحداث، هو معبر صغير ومتواضع الحجم ولا يحتاج إلا إلى بضعة رجال لإدارته. وها قد وصلت الحرب مرحلة لا يستطيع الإسرائيلي تحقيق ما يريد، ولا يستطيع الاستمرار في حربه البرية فقام بسحب جنوده من أرض المعركة ليستمرّ بالعدوان من بعيد معتمداً على مدفعيته الثقيلة وطائراته، في حين تبدي غزة مقاومتها بذات الشجاعة والإقدام، فهي وإنْ كانت الأضعف سلاحاً وعتاداً إلا أنها الأقوى إرادة، وهي لا تملك خياراً سوى الاستمرار في هذه الحرب إلى أن تحقق مطالبها أو بعضاً منها مؤكدة أن لا نزع لسلاحها والذي لولاه لكانت غزة انهارت منذ ساعات العدوان الأولى وأن أسطورة الجيش الذي لا يقهر قد احترقت وانقضت إلى غير رجعة، ولن تعود، مثبتة أنّ الدم الزكي قادر على أن ينتصر على سيف الباطل، وأنّ العين تستطيع أن تقاوم المخرز.

في حين تنشغل مؤسسات العدو في البحث عن أسباب الفشل وسوء التقدير وتبادل الاتهامات والتراشق بتحميل المسؤولية بين الوزارات المختلفة ومؤسسات الجيش والأمن، يتواجد الفلسطيني موحداً على أرض المعركة في غزة كما في ساحة التفاوض بالقاهرة حيث يضمّ الوفد الفلسطيني فتح وحماس والجهاد وغيرهم من التنظيمات المشاركة في القتال يحملون جميعاً مطالب موحدة في حين تنخفض نبرة الخطاب الخلافي لصالح الوحدة الميدانية في غزة والسياسية على مائدة التفاوض بالقاهرة وهذا ما أثبتته التجارب المرة تلو المرة، وأكدت أنّ المقاومة عامل توحيد للشعب الفلسطيني وعامل التفاف حول الشعب الفلسطيني من الشعوب العربية والحرة في حين أنّ الخيارات الأخرى تفرّقه وتجعل الجميع ينفضّون من حوله.

تؤكد «إسرائيل» أنها عمّقت من تحالفاتها أثناء هذه الحرب ووحدت رؤاها مع حلفائها في المنطقة لدرجة أنها أصبحت عنصراً أساسياً وعضواً فعالاً ومعلناً في محور الاعتدال والسلام هكذا يُسمّى وهو ما أعلنه بنيامين نتنياهو في مؤتمرة الصحافي المشترك مع وزير دفاعه، ومن اللافت ملاحظة أنّ دول هذا المحور تدعم دولة الكيان بالصمت حيناً، وبالدعم المباشر حيناً آخر، بالمعلومات والأمن وبالتلهّي باعتبار الإرهاب هو العدو وهي الظاهرة التي ساهمت دولة الكيان وحلفائها العرب في صناعتها وتمويلها ودعمها، في محاولة منها لتفكيك تحالف المقاومة ولخلق بديل للعدو الحقيقي بهذه الظاهرة الفقاعة. بالمقابل تعزز المقاومة من تحالفاتها مع معسكرها الطبيعي، معسكر المقاومة والممانعة الذي قام بتسليحها وتدريبها ودعمها بالمعرفة والسياسة ولا يزال، الأمر الذي بدا واضحاً في خطاب السيد نصرالله، وفي خطاب القائد العسكري لحماس محمد ضيف، كما في رسالة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ناهيك عن الأداء الرسمي للدولة السورية الذي أظهر التباين بين الخلاف مع بعض الفلسطينيين وما اعتبرته سورية خذلاناً منهم وما بين المعركة وضروراتها التي تؤجّل العتب وترحّل الخلاف فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة.

فشلت قوى الشرّ ومحوره في تحقيق أهداف الحرب المعلنة بتحطيم المقاومة ونزع سلاحها وقتل الروح الرافضة للذلّ والمهانة وردم الأنفاق, ولا بدّ أنها ستحاول من خلال التفاوض تحقيق هدفها غير المعلن وهو إعادة بناء وتشكيل قطاع غزة وفقاً للطريقة التي طبقت في الضفة الغربية عبر أدوات المال المسموم وأهم ملامحها التنسيق الأمني وحماية أمن العدو والإلحاق الاقتصادي وبناء الفلسطيني الجديد اللاهث دائماً وراء قوت يومه.

على أنّ المؤكد أنّ ما يحمي غزة وانتصاراتها هو وحدة الموقف على قاعدة المقاومة.

باحث فلسطيني مقيم في فلسطين المحتلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى