انتخابات رئاسية.. «التوراة» تحتضن أميركا
نظام مارديني
لا.. لا يهمّنا مَنْ سيصل البيت الأبيض ويخلف باراك أوباما في قيادة الولايات المتحدة للمرحلة المقبلة، فكل من المرشحين رونالد ترامب وهيلاري كلينتون «إسرائيليين» بالمعنى اللاهوتي، ولن يحيد أي منهما إذا وصل البيت الأبيض عن فكرة أن التوراة هي روح أميركا، رغماً عما كان يردده توماس جيفرسون من ان باستطاعة المسيح، أن يتجوّل حافياً بين سطور الدستور.
ولكن أين فلسطين ولبنان وسورية والعراق.. والعرب.. عرب الخليج، ما دام كل الرؤساء الأميركيين يفضون، في نهاية المطاف، إلى… «يهوه»؟
لن نتحدّث عما قالته كلينتون لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو: إن أفضل حل للقضية الفلسطينية هي في إبادة الفلسطينيين.. ولذلك فإن تداعيات ما بعد الانتخابات الأميركية ستكون مثيرة، كما لو أن دول المنطقة كلها، وباستثناء الكيان الصهيوني بطبيعة الحال، تحتاج إلى ذلك المجنون الآخر، الأبله الآخر، المخاتل الآخر، في البيت الأبيض.
عرب الخليج، ولا يهمّ إن كانوا في القبور أو في الخنادق، يراهنون على إدارة اميركية جديدة تتولى إزالة كل أعدائهم.. ولكن مَن هم أعداء عرب الخليج غير «المذهب» الوهابي الذي يجب استئصاله من جذوره حتى ولو أدى ذلك إلى استئصال السعودية من الجغرافيا.. لا شيء يلعب في رؤوس أهل الخليج، فرويدياً، غير الناقة فقط، لإن الحضارة الوافدة إليهم لم يصنعوها ولم يشاركوا حتى في صنعها، بل قل هم وقفوا مشدوهين أمامها، فاغرين أفواههم بوابات للجراد والذباب ليس إلا.
ألم يقرأ هؤلاء ما كتبه آلان فينكلكروت، الفيلسوف اليهودي الفرنسي، حين خدش صاروخ عنق طفل «إسرائيلي»؟ أولم يسمعوا برنار – هنري ليفي «قائد ثورات الربيع العربي» يقول إن العقد المبرم بين يهوه وشعبه المختار يفترض وضع اليد على الشرق الأوسط.
لا كلمة واحدة عن أشجار البرتقال في فلسطين.. وحين يتحدّث المرشحون للرئاسة الأميركية عن الدولة الفلسطينية فكما لو أنهم يتحدثون عن ليلة التانغو.. منذ عام 2000 قال الجنرال انطوني زيني «إن ارييل شارون يفاوضكم على الرحيل».. لا أحد يصغي الى ذلك الصهيوني «يوئيل ماركوس»: هل هذا وعد يهوه أن نرقص بين الحطام العربي؟
لا شيء في العقل العربي الخليجي، في الخيال العربي الخليجي، سوى القتل.. قتل السوريين، وقتل العراقيين، وقتل اللبنانيين، وقتل اليمنيين، وقتل المصريين والليبيين، والأهم قتل الفلسطينيين.. انظروا إلى هذا المسخ أنور عشقي كيف يستبيح شرفه العربي، ولكن «لا يشعر بالعار من لا يعرف العار ولا يعرف العار من لا يعرف الشرف، ويا لذلّ قوم لا يعرفون ما هو الشرف وما هو العار»، كما يقول الزعيم أنطون سعاده.
فالى متى النظر الى الانتخابات في أميركا من ثقب الباب، أو من ثقب في الجدار، أو حتى من ثقب في الظهر؟
ليس ثمّة من قلب ليُقال… من ثقب في القلب!
هل نحن أمام الكثير من الفظاظة، أم الكثير من الواقعية ، في استحضار الكلام القديم لأندريه فونتين «أميركا تغيّر أصدقاءها مثلما تغيّر الغانية ملابسها الداخلية»!