حميميم: قاعدة روسية دائمة ومتكاملة في سورية

أعلنت الخارجية الروسية، أمس، أنَّ موسكو تدعم مقترحات الأمم المتحدة حول إقامة نظام مراقبة مشتركة على إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان مدينة حلب عبر طريق الكاستيلو.

وقالت الوزارة، في بيان «ندعم مقترحات الأمم المتحدة حول إقامة نظام رقابة مشتركة على إيصال المساعدت الإنسانية إلى سكان حلب عبر طريق الكاستيلو. ويواصل خبراؤنا العسكريون حالياً دراسة المسألة مع ممثلي الأمم المتحدة ونظرائهم الأميركيين».

وأضافت «نظراً إلى الظروف المهيأة، إننا مستعدون، مع السلطات السورية، لمنح جميع المنظمات المعنية إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية بصورة آمنة إلى أهالي حلب الذين يعانون من نقص المواد الغذائية والطبية».

هذا و كانت الخارجية الأميركية قد رحبت في وقت سابق، بأي هدنة في سورية لتسهيل إيصال المساعدات، و أضافت «نرحب بأي وقف لإطلاق النار، من شأنه أن يساعد على نقل المساعدات الإنسانية الحيوية، لكن هذا الأمر يجب أن يلتزم به جميع الأطراف».

من جهته، أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا أنَّ إيصال مساعدات إنسانية إلى سكان حلب يتطلب تهدئة لمدة 48 ساعة، قائلاً إنَّ تهدئة 3 ساعات غير كافية لذلك.

دي ميستورا قال في مؤتمرٍ صحفي، أمس، أنَّ «الساعات الثلاث غير كافية، ونحتاج إلى 48 ساعة»، مشيراً إلى أنَّ هذه المسألة بُحثت أمس، خلال اجتماع اللجنة الخاصة بالشؤون الإنسانية في جنيف، وأضاف أنَّ الجانب الروسي أبدى استعداده لمناقشة كيفية تحسين المبادرة الأولية بشأن فترات التهدئة الإنسانية.

وذكر المبعوث الأممي أنَّ الأسبوع الحالي شهد تصعيداً للنزاع المسلح وأنَّ المدنيين على جانبي الجبهة في حلب في خطر كبير، مطالباً بتقديم مساعدات طبية عاجلة لسكان المدينة، ومؤكداً أنَّ مسألة الوقت لها أهمية كبيرة.

وبشأن استعمال غاز الكلور في سورية قال دي ميستورا، إنه في حال تأكيد استعمال هذا الغاز السام فإنَّ ذلك سيعتبر جريمة حرب وسيتعين على روسيا والولايات المتحدة الرد على ذلك فوراً.

في غضونِ ذلك، كشّف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، عن استعداد بلاده لدراسة إمكانية شنَّ عملية عسكرية مشتركة مع روسيا ضد تنظيم «داعش»، مؤكداً أنَّ أنقرة ستكثف مشاركتها في العمليات ضد التنظيم الإرهابي وسترسل مقاتلاتها لقصفِ مواقع التنظيم.

وذكر الوزير التركي أنَّ بلاده خلال فترة الأزمة في علاقاتها مع روسيا، ظلت تدعو إلى التعاون في محاربةِ الإرهابيين. وأردف قائلاً «إننا نعرف جميعاً أين يتواجد إرهابيو «داعش». ونحن كنا ندعو دائماً إلى التركيز على العمليات ضدهم».

وكذلك أعلن أوغلو، أنَّ الإنتقال السياسي في سورية غير ممكن بوجود الرئيس السوري بشار الأسد، مشيراً إلى أنَّ أنقرة وموسكو تؤكدان وحدة الأراضي السورية والحفاظ على هيكليتها السياسية. وأوضح أوغلو أنَّ خيار تركيا الأول هو التعاون مع حلف شمال الأطلسي، لافتاً إلى أنَّ هذا الأمر لا يمنع التعاون مع جهات أخرى، لافتاً «قد نبحث عن تعاون في الإطار الدفاعي خارج منظومة الناتو».

بدوره قال السفير التركي من روسيا أوميت يرديم إنَّ «أنقرة وموسكو بصدد تفعيل المشاورات حول سورية قريباً»، موضحاً أنه تمَّ استعراض الوضع في سورية بالتفاصيل خلال اللقاء بين الرئيسين الروسي بوتين و أردوغان، وتوصل الطرفان إلى اتفاقٍ بشأنِ تكثيف الاتصالات حول سورية.

ومن المتوقع أن تجري في روسيا مشاورات روسية – تركية حول سورية، إذ أعلنت أنقرة عن إرسالِ وفدٍ يضمُ ممثلين عن هيئة الأركان والاستخبارات ووزارة الخارجية إلى موسكو.

وقال السفير في معرض تعليقه على المشاورات الروسية التركية، إن مثل هذه اللقاءات يجب أن تكتسب صفة دورية، مضيفاً أنَّ مواقف روسيا وتركيا ما زالت تختلف في عدد من النقاط، لكنه شدد على أنَّ أهداف الدولتين في سياق التسوية السورية متطابقة، فيما يخص سعيهما للحفاظ على سورية كدولةٍ موحدة وعلى هيكلةِ المؤسسات السياسية فيها.

وفي شأنٍ متصل، ناقش وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، خلال مكالمةٍ هاتفية، أمس، دعم جهود التسوية السورية.

وجاء في بيانٍ للخارجية الروسية أنه «تطويراً للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس الإيراني يوم 8 آب في باكو، تمَّ مناقشة القضايا الثنائية والإقليمية، بما في ذلك مسائل الدعم الخارجي لجهود التسوية السورية».

إلى ذلك، اعتبرت لجنة الأمن والدفاع لدى «مجلس الاتحاد» الروسي أنَّ قرار دمشق وموسكو حول «حميميم»، لا يلقى ترحيب واشنطن و»الناتو»، ذلك أنَّه يؤسس لعلاقات طويلة الأمد بين القيادتين في موسكو ودمشق.

النائب الأول لرئيس لجنة «مجلس الاتحاد» الروسي لشؤون الأمن والدفاع فرانتس كلينتسيفيتش، أكَّد أنَّ «تمركز قواتنا على ساحل المتوسط يحظى بأهميةٍ كبيرةٍ للغاية، ولهذا السبب تتحطم الهيكلية التي صاغها الأميركان في المنطقة. الولايات المتحدة لها 400 قاعدة في جميع أنحاء العالم، فيما تحتفظ روسيا بـ8 قواعد فقط بينها 4 في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، الأمر الذي يمنح ظهور قاعدتنا في سورية أهمية كبرى».

كلينتسيفيتش أكَّد أنَّ بلاده تُخطط لإقامة قاعدة جويَّة متكاملة في سورية ونشر مجموعة دائمة من القوات الجويَّة والفضائية فيها، وستتجه لتوسيع البنية التحتية في حميميم بقدر كبير وتأهيل القاعدة لاستقبال الطائرات الثقيلة، بالإضافة إلى بناء مدينة عسكرية متكاملة للعسكريين الروس.

وقال «بعد تنسيق الوضع القانوني لـ»حميميم»، سيتحول المطار إلى قاعدة تابعة للقوات المسلحة الروسية، وسنشيد فيها بنية تحتية مناسبة، بالإضافة إلى توفير الظروف المعيشية المناسبة لعسكريينا».

وتابع أنَّ الاتفاقات الثنائية تسمح بزيادة عدد أفراد مجموعة القوات الروسية في سورية، مؤكداً في الوقتِ نفسه أنَّ الحجم الحالي لمجموعة القوات والوسائل المتوفرة لها، كافية لتحقيق الأهداف التي تضعها روسيا نصب عينها في سورية حالياً.

هذا وأوضحت مصادر في وزارة الدفاع الروسية، أنَّ الحديث يدورعن توسيع الساحات المخصصة للطائرات الحربية، وبناء تحصينات لحماية الطائرات من عمليات قصف محتملة من الأرض والجو.

كما من المخطط تزويد القاعدة بأجهزة اتصال إلكترونية حديثة، بما في ذلك منظوماتٍ خاصة بالتحكمِ بالحركةِ الجويَّة، وتخصيص ساحاتٍ لهبوط وإقلاع طائرات النقل «آن- 124» روسلان الثقيلة، لكي لا تعرقل عمليات شحن وتفريغ هذه الطائرات العملاقة وعمليات الصيانة الخاصة بها، الحركة الاعتيادية في المطار.

بالإضافة إلى تجهيز المطار نفسه، ستقوم روسيا ببناء ثكنات ومطاعم جديدة للعسكريين، بالإضافة إلى مستشفى ميداني وتجهيز مواقع لنشر منظومات صواريخ «بانتسير» الحديثة التي ستحمي القاعدة.

وتؤكد المصادر أنَّ تحويل «حميميم» إلى قاعدة عسكرية متكاملة يستهدف ليس دعم سورية كحليف لموسكو فحسب، بل وتعزيز الأمن القومي الروسي.

و من بين بنود الاتفاقية، «حق قائد المجموعة الجويَّة العاملة في سورية في استخدامها وفقاً للخطط المتفق عليها من قبل الجانبين، ومنح العسكريين الروس وعائلاتهم على أراضي الجمهورية العربية السورية حصانة وامتيازات الدبلوماسيين، على ألا يحق للجانب السوري إسناد أي مطالب لروسيا الاتحادية، وعسكرييها على أرض سورية، أو ملاحقتهم جنائياً»، كما تضمن بقاء القوات الروسية على أراضي سورية «بلا مقابل وحتى أجلٍ غير مسمى، إلا إذا قرر أي من طرفيها فسخها».

إلى ذلك، شنَّت قاذفات استراتيجية روسية من طراز «تو-22إم3» غارات على مواقع لتنظيم «داعش» في ريف مدينة الرقة السورية.

و قالت الدفاع الروسية في بيان، «قصفت ست قاذفات بعيدة المدى من طراز «تو – 22 إم3» مواقع لتنظيم «داعش» الإرهابي جنوب شرقي وشمالي وشمال غربي مدينة الرقة، بالقنابل في الحادي عشر من أغسطس 2016».

وتمكنت الطائرات من تدميرِ مستودعٍ كبير للأسلحة والذخيرة ومصنع لإنتاج الذخيرةِ الكيماوية ومعسكرٍ كبير لتدريب عناصر «داعش». وتسبب القصف في سقوطِ عددٍ كبير من القتلى في صفوفِ قوات التنظيم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى