هل ستتمّ محاسبة الدول التي تتخلّف عن تطبيق القرار 2170؟
نور الدين الجمال
وصفت مصادر دبلوماسية مواكبة لتطورات ما يجري في المنطقة المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأنه كان مدروساً للغاية وتوقيته مناسباً حول صدور القرار 2170 في شأن مكافحة الإرهاب وعلى وجه الخصوص تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» في كل من سورية والعراق.
وكشفت المصادر الدبلوماسية أنه على رغم نفي الوزير المعلم حصول أي تواصل سوري ـ أميركي في هذا الخصوص فإن المعلومات المؤكدة تشير إلى دخول أكثر من طرف على خط التواصل وعلى وجه الخصوص ألمانيا، حيث قام وفد ألماني زيارة بيروت في الأسبوع الماضي ومنها جرت اتصالات بين أعضاء الوفد وبعض المسؤولين السوريين تركزت حول موضوع مكافحة الإرهاب، مع العلم أن بعض الدول الأوروبية حاولت سابقاً وأكثر من مرة أن تحصر تواصلها مع دمشق على مستوى التنسيق الأمني إلا أن القيادة السورية رفضت ذلك مؤكدة على ضرورة أن يكون التواصل على المستوى الأمني والسياسي أي عودة سفراء تلك الدول إلى مقر سفاراتهم في سورية.
ولاحظت المصادر الدبلوماسية باهتمام كيف أنه في اليوم نفسه الذي عقد فيه الوزير المعلم مؤتمره الصحافي عقد زميله الروسي سيرغي لافروف مؤتمراً صحافياً جاء في الروحية نفسها التي تحدث بها الوزير المعلم عن موضوع مكافحة الإرهاب، ناهيك عن الاتصال الذي جرى بين الوزيرين قبل المؤتمر الصحافي بحوالى ساعتين وهذا دليل على مدى التنسيق والتشاور الروسي ـ السوري حول كل ما يتعلق بكيفية مواجهة ومحاربة التنظيمات الإرهابية والتكفيرية في سورية.
وتضيف المصادر، أراد الوزير المعلم من إيصال الرسالة إلى من يهمهم الأمر مفادها أنه إذا كانوا جديين في محاربة «داعش» و«النصرة» فالقرار 2170 الصادر عن مجلس الأمن الدولي يشكل لهم غطاء قانونياً لأي تحرك ثنائي أو جماعي لمحاربة التنظيمات الإرهابية بجميع فصائلها ومتفرعاتها، كما أراد الوزير المعلم توجيه رسائل إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وإلى بعض الدول العربية بأن سورية جاهزة للتعاون والتنسيق مع من يريد حقيقة مكافحة الإرهاب وبصورة جدية انطلاقاً من الحفاظ على سيادة سورية واستقلالها وأنه لا يمكن إنجاز أي عمل عسكري على الأرض السورية خارج إطار التنسيق مع الدولة السورية وإلا سيعتبر عكس ذلك بمثابة عدوان عليها وهذا الأمر أبلغه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الإدارة الأميركية.
وتقول المصادر الدبلوماسية في ضوء ما تضمنه القرار 2170 يجب على كل دولة لا تلتزم بتطبيقه ولا تتعاطى بجدية في مكافحة الإرهاب أن تتم محاسبتها تحت الفصل السابع أكان ذلك من خلال التمويل أو التسليح أو عبر حدودها وتسهيل وصول الإرهابيين إلى الأراضي السورية فمثل هذه الدول التي لا تتعاطى بجدية وإيجابية مع مضمون القرار المذكور تصبح في خانة الاتهام والإدانة وضرورة تطبيق العقوبات اللازمة بحقها.
وتعتبر المصادر الدبلوماسية أن الوزير السوري كان صريحاً وشفافاً للغاية عندما أشار إلى أن من يريد التعاون مع سورية على هذا الأساس وبصورة علنية فهذا يتم من خلال تبادل المعلومات حول كيفية تجنيد وتأهيل وتدريب المجموعات الإرهابية وعبر أي حدود يصلون إلى سورية وما هي الدول التي ترعى مباشرة التجنيد والتأهيل والتدريب.
وكان يهدف الوزير المعلم أيضاً ويؤكد على أن الدولة السورية موجودة وأن الأميركيين والأوروبيين أصبح لديهم غطاء دولياً، فإذا أردتم التعاون عملياً لا كلامياً فعليكم التعاون والتنسيق مع القيادة السورية، وهذا الأمر يأتي في سياق ما تبذله بعض الدول الأوروبية من جهود للحوار المباشر والسياسي مع سورية وأصبحت هذه الدول متقدمة بخطوات أكبر من الأميركيين لأن الأوروبيين ما زالوا يعتبرون أن الموقف الأميركي من محاربة «داعش» و«النصرة» والمنظمات الإرهابية الأخرى ما زال عائقاً وقد ينعكس سلباً على أوروبا كلها لأن الخطر يداهم دولها في حين أن الخطر الإرهابي هذا ما زال حتى الآن بعيداً عن الولايات المتحدة وكان هناك تآمر أميركي مقصود أو غير مقصود على أوروبا، وفي ضوء ذلك فإن المبادرات الأوروبية تجاه إعادة الحوار مع الدولة السورية ستكون أسرع من الخطوات الأميركية البطيئة جداً وأول غيث هذه المبادرات، وكما تؤكد المصادر الدبلوماسية إعادة فتح أبواب السفارة البولونية في دمشق خلال الأيام القليلة المقبلة وقد تتلوها خطوات أخرى على هذا الصعيد مستقبلاً.
وفي السياق نفسه، ترى المصادر الدبلوماسية أن الموقف الأميركي حتى اللحظة لم يحسم خياراته في محاربة «داعش» وإن كان ذلك ضمن حدود معينة، ولكن للتأكيد على عدم حسم موقفه من «داعش» فإن الأميركيين حاصروا «داعش» من الجهة السعودية عبر قوات «البشمركة» والجيش العراقي، ومن جهة العاصمة العراقية عن طريق الجيش العراقي، وفرق التطوع وتم تطويق الموصل من ثلاث جهات وأبقوا الخط الوحيد المفتوح وهو الممتد إلى دير الزور في سورية وهذا يعني أن الأميركي لم يتخذ قراراً حاسماً بمحاربة «داعش» في سورية!!