ما حاجة الاتحاد الأوروبي إلى إنشاء جيش خاص به؟
تطرّقت صحيفة «أرغومينتي إي فاكتي» الروسية إلى ما يطرحه الخبراء من أن الاتحاد الأوروبي يريد إنشاء جيش خاص به، مشيرة إلى أن دول الاتحاد لا تريد زيادة تمويل قواعد الناتو وعديده.
وجاء في التقرير الذي نشرته الصحيفة أمس: يعتقد الخبراء أن الاتحاد الأوروبي ينوي إنشاء جيش خاص به، لأنه لا يريد تلبية الطلبات بزيادة نسبة تمويل قواعد الناتو وعديد وحداته.
وسيناقَش هذا الموضوع خلال قمة الاتحاد التي ستعقد في تشرين الأول المقبل، كما أفادت صحيفة «تايمز» البريطانية، التي أشارت إلى أن أعضاء الاتحاد قرّروا العودة إلى هذا الموضوع بعد قرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد. وقد بادر رئيس الوزراء التشيكي بوغوسلاف سوبوتكا بطرح هذه القضية، التي طرحها قبله سياسيو ألمانيا وإيطاليا.
ويعتقد خبراء روس أن أحد الأسباب الرئيسة لإنشاء جيش أوروبي، مطالبة الناتو بزيادة عديد الوحدات القائمة، التي تتألف في غالبيتها من الأميركيين، وزيادة تمويلها.
وقد برزت فكرة إنشاء جيش خاص بالاتحاد الأوروبي في تسعينات القرن الماضي بعد تفكك يوغوسلافيا، وعادت إلى الظهور ثانية عام 2015، عندما أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن حاجة أوروبا إلى جيش خاص بها، كتلميح إلى روسيا بأن القارة العجوز ستبذل كل ما في وسعها لحماية قيمها، مؤكداً أنه آن الأوان لكي تصبح أوروبا قوية، ومشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذا الجيش لن ينافس الناتو.
بيد أن هذه الفكرة آلمت الأميركيين، فقد أعربت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامنثا باور عن أسف بلادها لعدم اشتراك مجموعات قتالية أوروبية في المعارك الحربية. وبحسب قولها، فالولايات المتحدة في انتظار إجراءات فعالة من جانب شركائها في أوروبا، للتفاعل مع النزاعات، وزيادة النفقات الحربية والمشاركة في المعارك الخاصة بحماية «المصالح الأمنية المشتركة». كما ذكرت باور أن الولايات المتحدة تساهم بحصة الأسد في ميزانية الناتو، الذي يبقى «بحسب قولها» الضمانة الرئيسة للاستقرار والأمن.
ويذكر أن بريطانيا، التي وقفت ضدّ إنشاء جيش أوروبي، تؤيد وجهة النظر هذه.
وقد عاد رئيس وزراء التشيك هذا الأسبوع وطرح هذه القضية من جديد. وقال: لقد أدركت حتى بلدان وسط أوروبا أنه لمواجهة موجات تدفق اللاجئين، فإن من الضروري أن تكون الحدود الداخلية لأوروبا تحت حراسة أفضل. وهذا يعني أننا لن نتمكن من عمل ذلك على المدى البعيد من دون جيش أوروبي.
أما آلِكسي موخين، رئيس مركز المعلومات السياسية، فيعزو بروز فكرة إنشاء جيش ذاتي للاتحاد الأوروبي إلى ضغط الولايات المتحدة على الاتحاد بهدف نشر قواعد جديدة للناتو في الأراضي الأوروبية. ويشير موخين إلى أنّ باراك أوباما طلب قبل فترة من الاتحاد الأوروبي زيادة تمويل القواعد الموجودة في أوروبا. وردّاً على هذا بالذات، بدأ الحديث عن إنشاء جيش أوروبي لموازنة قواعد الناتو لأن الأوروبيين يدركون أنه من الأفضل أن تخصّص هذه النفقات لجيشهم لا لجيش غريب، إذ عندما نتحدّث عن قواعد الناتو، فإننا نعني القوات الأميركية، وهذا ما تؤكده قاعدة «رامشتاين» في ألمانيا.
ويضيف موخين: عندما أصبح واضحاً أن الحضور الأميركي سيزداد، ما سيتطلب زيادة النفقات المالية، فإن فكرة إنشاء جيش أوروبي ذاتيّ أصبحت أكثر وضوحاً، ذلك على رغم أنّ تنفيذها يحتاج إلى وقت طويل، ويظهر لي أن الاتحاد الأوروبي يحتاج من 5 إلى 10 سنوات لتنفيذ هذه الفكرة. ولكن ليس لديه هذا الوقت. وبحسب رأيه، فإن إنشاء هذا الجيش سيزيد من اختلال التوازن في الاتحاد، حيث ستلعب ألمانيا فيه دوراً رئيساً مشيراً إلى أن إعلان ألمانيا قبل شهر عن زيادة عديد قواتها المسلحة لم يكن اعتباطياً.
أما النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد فلاديمير جباروف، فيقول: نحن نعلم أن العمود الفقري لهذا الجيش سيكون ألمانيا. وهذا يثير مخاوف كبيرة، لأن السيدة ميركل تدعو إلى وحدة أوروبا. وتعدُّ ألمانيا حالياً المانح الرئيس للاتحاد الأوروبي، حيث تعتمد عليها البلدان كافة، وعندما يظهر الجيش ماذا سيحصل؟ أعتقد أن هذه الفكرة لن تبصر النور، لأن دافعي الضرائب لن يرغبوا بتمويلها. كما أن الناتو سيعمل من أجل المحافظة على نفوذه في أوروبا.