على المسيحيين التشبّث بأرضهم وعدم الوثوق بالغرب… ومكافحة الإرهاب في سورية والعراق تتطلب التنسيق معهما انتصار المقاومة يؤسّس لمرحلة جديدة… وكان على مشعل عدم مجاملة الأنظمة التي لم تقف مع غزّة وأن يشكر من زوّد المقاومة بالسلاح
إذا كان خطر الإرهاب الذي يضرب المنطقة ولبنان يتطلب دعم الجيش اللبناني وتسليحه، فإن الوعود التي تلقاها لبنان بتسليح الجيش ما هي إلّا مزحة من قبل بعض الدول، لأن لبنان لم يرَ ترجمة لهذه الوعود على أرض الواقع، فيما إيران مستعدة لنقل السلاح إلى الجيش اللبناني خلال أيام إذا طلبت الدولة اللبنانية ذلك. أما روسيا فاستأنفت التفاوض بشأن التسليح الروسي للجيش، لكن المهم بالنسبة إليها الوصول إلى اتفاقات ملموسة. فبعد الاعتداء الجديد على الجيش اللبناني في جرود عرسال، صار ملحّاً وضع خطة قوامها تسليح الجيش وخلق بنية سياسية وطنية، لمواجهة الإرهاب الذي يطاول كل لبنان.
ولولا تدخل المقاومة في القتال في سورية إلى جانب الجيش السوري، لكان الإرهابيون سيطروا على مناطق في لبنان، لأن مشروعهم لا حدود له. أما على صعيد مكافحة الإرهاب في سورية والعراق، فهذا الأمر يحتاج إلى تنسيق مع النظامين الشرعيين في البلدين، وإذا كان لدى أميركا الرغبة فعلياً في ذلك، فليكن وفقاً للشرعية الدولية.
ومن الواضح أن الغرب، وفي المقدّمة الولايات المتحدة، لا تهمّه مصالح المسيحيين في الشرق، وبدل أن يشجع المسيحيين على البقاء في أرضهم، فتح لهم الأبواب للنزوح، ولهذا يجب عدم الوقوق بالغرب، وعلى المسيحيين التشبث بأرضهم خصوصاً أن المجتمع الدولي كان يستطيع أن يحمي المسيحيين منذ البداية في العراق، لكنه تدخل فقط عندما تعرضت مصالح أميركا في أربيل للخطر. في حين أن ما يتعرض له المسيحيون والمسلمون في كل من العراق وسورية يعتبر جريمة ضد الإنسانية، لكن من الواضح أن أسوأ السيناريوات تُنفّذ في المنطقة في ظل التغاضي من جانب الولايات المتحدة والبلدان الغربية ولعبها بالنار. ولهذا، فإن المسؤولية إزاء ما يحصل من جرائم، إنما تقع على عاتق رعاة الإرهابيين ومموليهم.
وتصر الولايات المتحدة على العمل منفردة بعيداً عن أي تنسيق دولي وأي تعاون مع سورية والعراق لمكافحة الإرهاب، لا بل إنها تسعى من ناحية إلى ضرب «داعش»، ومن ناحية ثانية إلى تعزيز الجماعات الإرهابية المنخرطة ضمن استراتيجيتها تحت غطاء دعم القوى المعتدلة.
أما على صعيد الأزمة السياسية في لبنان، فإنه في ظل هذا الوضع المسيحي السيء في المنطقة، هناك مصلحة بانتخاب رئيس مسيحي قوي وقادر على تعزيز الشراكة مع الجميع والنهوض بلبنان، ويجب الإصرار على ذلك حتى لو تأخر، لأنه إذا أتى رئيس ضعيف فسيكون هناك شكوك بدوره.
وفي هذا السياق، يشكل التقارب السعودي ـ الإيراني عاملاً إيجابياً، لكن لا مؤشر بخصوص لبنان، ما يعني أن الأمور ستأخذ وقتاً، ولهذا علينا عدم انتظار نتائج الحروب في المنطقة، خصوصاً أن الوضع في لبنان مأزوم.
إلى ذلك، فإن انتصار المقاومة في غزّة يؤسّس لمرحلة جديدة من أهم علاماتها التلاحم العظيم بين الشعب والمقاومة، الذي منع العدو من تحقيق أهدافه في إحداث الشرخ بين صفوف الشعب الفلسطيني. لكن المطلوب في هذه المرحلة تكتيل الجهود لإعادة الإعمار، وفي الوقت نفسه مواصلة الإعداد العسكري.
إلا أن الشكر الذي قدّمه رئيس المكتب السياسي في حماس خالد مشعل لبعض الدول العربية على وقوفها إلى جانب غزّة، كان مثار انتقادات. لأن هذه الدول لم تقدّم أي شيء لغزّة، وكان على مشعل عدم مجاملتها وأن يشكر الدول التي زوّدت المقاومة بالصواريخ والأسلحة ووقفت في خندقها لسنوات عدّة.