موت بيريز والحقيقة المرة
داليد المولى
ظهّر موت شمعون بيريز، وما ترافق معه من مواقف عموماً وتلك العربية خصوصاً، مجموعة من الأسئلة الكبيرة. والسؤال الأول لماذا يتصدّر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المشاركة في موت «عرّاب المستوطنات»، مستكملاً ما صدر عن مكتبه الذي سطر عبارة «رحيل بيريز خسارة للإنسانية»، ولماذا تنطّح وزير خارجية البحرين ناعقاً وناعياً بيريز عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ ولماذا كلّ هذه «النخوة» من بعض الدول العربية التي تتأسّف على موت مجرم حرب، هو أحد المسؤولين عن مأساة الفلسطنيين وقتل اطفال لبنان؟!
وما سرّ الإشادة بالصهيوني شمعون بيريز من قبل وسيلة إعلامية مرخصة من الدولة اللبنانية ومن قبل العديد من وسائل الإعلام العربية ووصفه بـ «صانع السلام»؟!
ما هو مؤكد أنّ بيريز ليس صانع سلام، بل هو كغيره من الصهانية، الذين استباحوا دمنا واحتلوا واقتلعوا شعبنا من أرضه، ويكفي أن نذكر سيرته ومناصبه ومواقفه حتى يتبيّن أنّ هذا الصهيوني مسؤول كغيره من الصهانية عن معاناة شعبنا في فلسطين، وأنه كان محرّضاً على بناء المستوطنات الصهيونية، ومسؤول عن سفك دماء اللبنانيين، وأطفال قانا الشهداء، دليل على جرائم الذين يسمّونه «صانع السلام».
بيريز هو صاحب قرارات الحروب والمنظّر الأول لتفتيت المنطقة وإعادة رسمها على أساس المصلحة «الاسرائيلية» الاستراتيجية وكلّ قارئ لكتابه «الشرق الأوسط الصادر عام 1996 يدرك انه ليس داعية سلام بل داعية «شرق أوسط جديد متصهين».
بيريز هو الذي عمل من أجل تجهيل تاريخ أمم العالم العربي، ووأد ذاكراتها الاجتماعية والنفسية ومصادر وعيها، لصالح «يهود أرض الميعاد»، تحت عنوان سوق شرق أوسطية، وتعاون إقليمي اقتصادي كومنولث شرق أوسطي تكون «إسرائيل» قطبه الأساس والمتحكّمة به. فأيّ «سلام» هو الذي كان يدعو إليه منظّر الهيمنة والاستيطان؟ وأيّ «خسارة للإنسانية» في موته؟ وهو الذي مثل لعقود سياسات كيان قام على الاحتلال وارتكب أبشع المجازر بحق الإنسانية.
لذلك، كان الأجدى بمن شاركوا في موت بيريز أن يشاركوا في تشييع الأسير الشهيد ياسر حمدونة، أو أن يعتصموا تضامناً مع الأسرى، وفي مواجهة جرافات الدمار الصهيوني التي تجرف المنازل في القدس والضفة وتحوّلها الى ركام.
في موته كشف الإرهابي شيمون بيريز عن وجوه كثيرة، ربما كانت تشاركه ذات الأهداف وذات النهج… إنها الحقيقة المرة.