بري: لا يتعارض مطلقاً مع بنود الحوار الوطني

دعا المطارنة الموارنة إلى الالتزام بالمبادئ الدستورية في انتخاب رئيس للجمهورية «من دون أن توضع عليه أية شروط مسبقة».

وأعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري، بدوره، عن تأييده لـ«بيان السادة المطارنة بكل مندرجاته الذي لا يتعارض مطلقاً مع بنود الحوار الوطني ما سمي بالسلة ».

واحتفاء بذلك وزع بري على النواب في لقاء الأربعاء سلة مليئة بكعك العباس.

وكان بري، استقبل في إطار لقاء الأربعاء الوزيرين علي حسن خليل وغازي زعيتر والنواب: الوليد سكرية، أيوب حميد، علي بزي، هاني قبيسي، قاسم هاشم، علي خريس، حسن فضل الله، ميشال موسى، مروان فارس، بلال فرحات، إميل رحمة، اسطفان الدويهي، علي فياض، نواف الموسوي، نوار الساحلي، علي عمار، علي المقداد، عبد اللطيف الزين، وياسين جابر.

العريضي

ثم استقبل النائب غازي العريضي الذي أشار إلى «أنّ اللقاء مع دولة الرئيس جيد جداً ويحمل التأكيد أنّ الأبواب مفتوحة، لم ولن تقفل في وجه محاولات الوصول إلى تفاهم حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وعما إذا كان قد نقل رسالة من النائب جنبلاط للرئيس بري، قال: «ليس ثمة سر، ويعلم الجميع علاقتنا بالرئيس بري علاقة ثابتة وراسخة والتنسيق والتواصل معه دائماً. نحن نتشاور مع دولته في كلّ الأمور والحمدلله عبرنا معاً المحطات الأصعب في تاريخ لبنان. وهذه من المحطات الصعبة نحن ودولة الرئيس ومختلف المكونات السياسية نأمل أن نعبر إلى مرحلة أكثر أماناً واستقراراً وتفاهماً».

ورداً على سؤال عن تأييد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية أجاب: «المشاورات لا تزال جارية ليس ثمة شيء نهائي حتى الآن. المعنيان الأساسيان بهذه المسألة اي الرئيس الحريري والعماد عون أكدا ذلك، وبالتالي المشاورات لا تزال مستمرة، ربما في قضايا معنية حققت تقدما ما وخلقت أجواء ما لكن لا أحد يستطيع أن يقول أنّ ثمة اتفاقاً نهائياً حصل، ولو حصل ذلك لنزلنا إلى المجلس وانتخبنا الرئيس».

أضاف: «ثمة من توقع وربما من أبدى ارتياحه ومن راهن أنّ ما يجري في اليومين الأخيرين سيؤدي إلى انقسام أو خلاف كبير أو توتر في السياسة على مستوى العلاقة بين الرئيس بري بما يمثل من موقعه وعلى رأس الطائفة الشيعية الكريمة وبين الصرح الكريم الكبير وغبطة البطريرك الراعي الذي نحترم ونقدر، أعتقد البعض كأننا دخلنا في مرحلة جديدة مختلفة تماماً، لكن ما جرى اليوم على مستوى بيان المطارنة ورد الرئيس بري لا يوحي بذلك على الإطلاق بل أستطيع أن أؤكد أنه لم ينقطع التواصل بين الرئيس بري وغبطة البطريرك، ولن ينقطع هذا التواصل وسيبقى مستمراً».

ثم استقبل الرئيس بري السفير دولة الكويت عبد العال القناعي وعرض معه التطورات الراهنة.

اجتماع المطارنة في بكركي

وأكد المطارنة، في بيان بعد اجتماعهم أمس برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، تلاه النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم، «ما أعرب عنه غبطة البطريرك في عظة الأحد الفائت، بشأن التقيد بالدستور الذي تصاغ حول مبادئه، نصاً وروحاً، جميع التفاهمات الرامية إلى الالتزام بهذه المبادئ الدستورية في انتخاب رئيس للجمهورية، من دون أن توضع عليه أية شروط مسبقة. فهو بكونه، حسب المادة 49 من الدستور، «رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يسهر على احترام الدستور، والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه، وفقا لأحكام الدستور». ولكي يقوم بمهمته الوطنية العليا هذه، ينبغي أن يكون حراً من كل قيد، وعندئذ يكون «الرئيس الحكم»، لا «الرئيس الطرف»، ولا «الرئيس الصوري».

ورأى المجتمعون «أنّ التقيد بالدستور يستلزم في الوقت عينه التقيد بالميثاق الوطني، الذي هو روح الدستور، وبصيغته التطبيقية الميثاقية. فالميثاق الوطني، كما حدّدته «المذكرة الوطنية» التي أصدرتها البطريركية في 9 شباط 2014، إنما هو «شريعة اللبنانيين السياسية، باعتباره خلاصة تاريخ مشترك من تجربة التعايش المسيحي ـ الإسلامي، وتكريساً لثوابته الثلاث: الحرية، والمساواة في المشاركة، وحفظ التعددية، وهي ثوابت في أساس تكوين الدولة اللبنانية».

ورحب الآباء «بالجهود والمشاورات المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية»، مثمنين «النوايا الحسنة التي تعمل جاهدة للخروج بالبلاد من حال الفراغ في سدة الرئاسة الأولى منذ سنتين وخمسة أشهر»، ولافتين إلى «أنّ هذا التوجه ينسحب أيضاً على قانون الانتخاب العتيد، الذي يريد منه اللبنانيون بجميع أطيافهم أن يكون قانوناً يطلق مساراً لتمثيل حقيقي مشبع من الميثاق والدستور، ويفسح في المجال لقوى جديدة وروح جديدة تصل إلى المجلس النيابي، فلا يكون قانوناً مفصلاً بإحكام ليعيد إنتاج ما هو قائم. وإذا لم يتمكن المشرعون من الوصول إلى هذا الهدف السامي والنبيل في خدمة الشأن العام، فهذا يعني أنّ لبنان يتراجع عن الثقافة الديمقراطية التي طبعت تاريخه البرلماني، إلى نظام أشبه بأنظمة الحكم الأحادية التي طواها التاريخ استجابة لنداء الحرية والتعددية. وفي هذا المجال تشجع الكنيسة جميع قوى المجتمع المدني للضغط بما أوتيت من قدرة لتحريك الرأي العام بالطرق الشرعية، في شأن مطلب محق على هذا المستوى من الأهمية».

ونوّه المجتمعون بـ«الدور الكبير الذي يقوم به الجيش والقوى الأمنية في مكافحة الإرهاب والسهر على الأمن وحفظ الحدود، وهم يحيون الروح الوطنية العامرة التي تعبق في تلك المؤسسات. ولأنّ المهام جسيمة والتضحيات كبيرة يلفت الآباء إلى أهمية إبعاد هذه المؤسسات عن التجاذبات والصراعات السياسية، لأن التسييس عندنا ما دخل شيئاً إلا وكانت نتائجه سلبية».

وفي الشأن الاقتصادي، اعتبر الآباء «أنّ الاقتصاد بكل قطاعاته، هو بمثابة العمود الفقري للدولة، ومن واجب الجماعة السياسية والسلطة العامة أن تضع الخطة الناجعة للنهوض الاقتصادي، بالتعاون مع الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني والقطاعات الخاصة الإنتاجية، من أجل تأمين العدالة والتضامن والتكافل، مع المحافظة على قدرة الدولة ومرجعيتها، لكونها المسؤولة عن تأمين نظام الحماية الاجتماعية».

وسأل المطارنة: «كيف تسمح القوى السياسية لنفسها أن تمعن في التعطيل الذي أنهك البلاد، وأوصل إلى تراجع كل المؤشرات الاقتصادية، بالرغم من تحذيرات المؤسسات المالية الدولية؟ وكيف تقوم بواجب إقرار سلسلة الرواتب والأجور فيما هدر المال العام يتعاظم، وعجز الموازنة يتفاقم من جراء ارتفاع الدين العام؟ وهل تدرك الأخطار التي يحملها مشروع الموازنة العامة الجديد، بفرض عشرات الضرائب وزياداتها على المؤسسات الاقتصادية والشعب اللبناني، خلافاً لكلّ قواعد الاقتصاد التي تقضي في الأزمات بتحفيز القطاع الخاص وخفض الأكلاف عن المنتجين للعودة إلى الاستثمار والنمو، وبإيجاد فرص عمل للمواطنين»؟

ورأى المجتمعون أنه «لا بد من أن يلتزم الجميع بمصالحة وطنية شاملة تطوي صفحة الماضي وتعيد الاعتبار إلى التسوية التاريخية التي جسدها اتفاق الطائف، والتي تقيم عيشنا المشترك على شروط الدولة الجامعة وليس على شروط فئة من اللبنانيين، ومصالحة تعيد الاعتبار إلى النموذج اللبناني في العيش معاً، بعيداً عن سياسة هذه المحاور. هذا النموذج الذي يكتسب اليوم أهمية استثنائية في منطقة يجتاحها عنف مجنون يهدّد السلام في العالم بأسره. وفي هذا السبيل ينبغي تظهير فرادة التجربة اللبنانية في العالم بوجه عام، من حيث شراكة المسيحيين والمسلمين في إدارة دولة واحدة، وفرادتها في العالم الإسلامي بوجه خاص، من حيث شراكة السنة والشيعة في إدارة الدولة ذاتها، مقدمين بذلك مساهمتنا اللبنانية في وأد الفتن المذهبية وتفادي الصدام بين أكثرية وأقليات».

وتطرق الآباء إلى الوضع في المنطقة، لا سيما ما يجري في سورية، فرأوا أنه «لا بد للضمير الدولي ولضمير الجهات المتقاتلة من وعي نتائج هذا الخيار المدمر والشروع بحوار حقيقي يبلغ إلى حلول سياسية، وإحلال سلام عادل وشامل ودائم، وإلى عودة جميع النازحين واللاجئين والمبعدين والمخطوفين إلى عائلاتهم أوطانهم. وهذا يسري أيضاً على العراق وفلسطين وسواهما»، واعتبروا «أنّ هذا الشرق المتنوع لا يحكم بالحديد والنار بل بالتعايش الحر والكريم والسلمي بين أبنائه. لقد آن الأوان للعودة إلى لغة العقل وصوت الضمير».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى