جون كيري يفخّخ حركة الحريري بعدم الثقة… والسنيورة يستعدّ للانشقاق عون وحزب الله: مشاورات مع بري وفرنجية لتوسيع تفاهمات العهد

كتب المحرّر السياسي

تتأرجح الهدنة في حلب واليمن بين التهدئة والتصعيد، تحت إيقاع التناوب بين التقدم والتراجع في المساعي السياسية. ففيما تسجل محادثات جنيف الخاصة بفصل جبهة النصرة عن الجماعات المسلحة تقدّماً، سجلت موسكو تحفظات أوصلتها لإعلان عدم الثقة بالطريقة التي تخضع فيها الأمم المتحدة وممثليها المعنيين بهدنة حلب لشروط المسلحين وعلى رأسهم جبهة النصرة، لكن ذلك لم يمنع تمديد موسكو للهدنة لأربع وعشرين ساعة أخرى، بينما في اليمن ترنّحت الهدنة فيما أعلنت الرياض سقوطها باتهام الجيش اليمني واللجان الشعبية بالتوغل داخل الحدود السعودية، اتهم الجيش اليمني السعوديين بمواصلة غاراتهم الجوية رغم وقف النار، لكن مصادر يمنية مطلعة قالت إنّ تأرجح الهدنة عائد لعدم إرفاقها بمشروع التفاوض السياسي الذي وعد المبعوث الأممي بتسليمه لأطراف النزاع مع سريان الهدنة، بينما حملت جبهة الموصل عراقياً فتح داعش لجبهة كركوك بعمليات انتحارية بالتزامن مع ارتكاب الأميركيين مجزرة فيها عبر قصف أحد الأعراس في كركوك، من دون أن ينجح الإعلان الأميركي على لسان وزير الدفاع أشتون كارتر عن التوصل لتفاهم عراقي تركي يُنهي النزاع حول التوغل التركي في الأراضي العراقية، في طيّ صفحة الخلاف الذي أكدت بغداد أنه لن ينتهي دون الانسحاب التركي من الأراضي العراقية وأنّ الموقف العراقي لا يزال على حاله، رغم إعلان كارتر.

الإعلانات الأميركية التلفيقية تكرّرت مع كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول لبنان وتمنياته بنجاح مساعي الرئيس سعد الحريري بتبني ترشيح العماد ميشال عون بإنهاء الفراغ الرئاسي، وتفخيخ هذا المسعى بقوله إنه غير واثق من نجاح هذا المسعى، ليقع الكلام الأميركي في بيروت كصبّ ماء بارد على رؤوس اللبنانيين الذين كانوا ينتظرون مجرد مباركة المسعى السياسي التوافقي، ويخشون أن تُخفي عمليات التشكيك مساعي للإفشال وزرع الشقاق، خصوصاً أنّ بعض الأطراف التي تحتفظ بالعلاقات الخاصة بواشنطن، وعلى رأسها الرئيس فؤاد السنيورة تملك أسبابها المباشرة للتعطيل، وقد تجد في التشجيع الأميركي ما يدفعها لقيادة تحركات اعتراضية أشدّ تأثيراً تحاول الحدّ من نتائج خطوة الحريري، في ظلّ معلومات عن تحضير السنيورة لما وصفه بـ «الحركة التصحيحية» في تيار المستقبل، وما قالت مصادر مقرّبة من الحريري أنه إذا صحّ فسيكون بمثابة انشقاق يُلاقي ما بدأه وزير العدل أشرف ريفي، وما سيواجهه الحريري بقوة عبر حركة تغييرات في قيادات الصفين الأول والثاني في تياره، ويرفقه بتقييم لمواقف النواب من مبادرته كشرط لضمّهم إلى اللوائح التي سيتبنّاها في الانتخابات النيابية المقبلة.

على خط الرابية حارة حريك تنشط الاتصالات والمساعي لبلورة خارطة طريق نحو جلسة نهاية الشهر، بتبريد المناخات بين الرابية وكلّ من بنشعي وعين التينة، بدءاً من قرار وقف الحملات الإعلامية، وشمول ذلك ما تحفل به صفحات التواصل الاجتماعي، والبدء بمناقشة مبادرات تتخطى المجاملات وتتيح التوجّه نحو رئيس المجلس النيابي والنائب سليمان فرنجية بعروض سياسية تبدّد الهواجس والمخاوف من تفاهمات ثنائية وثلاثية وتؤكد عدم تخطي التفاهم بين عون والحريري الخطوط العريضة، كما أكد العماد عون مراراً وصولاً لجعل الشراكة السياسية بين الحلفاء مرتكزاً للشراكة في الحكم.

جعجع في الرابية وبيت الوسط

لا تزال خطوة إعلان الرئيس سعد الحريري دعم ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية الحدث الطاغي على المشهد الداخلي ومحور الحركة السياسية والتي فرزت أمس، القوى السياسية بين مؤيد ومعارض لانتخاب عون بانتظار أن تؤدّي المساعي التي بدأت أمس، لمحاولة بلوغ الإجماع في جلسة 31 الشهر الحالي. ويبدو أنّ قاعدة الرفض المستقبلي لترشيح عون تتوسّع حيث بدأ أنصار الوزير أشرف ريفي بتعليق اليافطات الرافضة للترشيح في طرابلس.

وفي إطار لقاءاته مع الأقطاب السياسية، التقى عون رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في الرابية، وأكد جعحع أنه «سيكون لنا رئيسٌ صُنع في لبنان بالفعل، وبات لنا كيان لبناني فعلي»، جازماً بأنّ «الرئيس الحريري سيُكلّف ويؤلف الحكومة العتيدة». وأشار الى «أنّ كلّ نائب لديه حرية التصرف في الشكل المناسب، ونحن اقتربنا من نهاية النفق الرئاسي الطويل بعد أن بات كلّ الوضع اللبناني غير واضح المعالم منذ 25 سنة إلى اليوم ولا سيما الآن في ظلّ ما يحدث في المنطقة، مشدّداً على أنّ هذه الخطوة هي الأولى على طريق تطبيق اتفاق الطائفـ«.

وانتقل جعجع الى بيت الوسط للقاء الحريري، وأشار بعد اللقاء الى أنّ «العلاقات مع المستقبل عادت إلى سابق عهدها بمعنى الى 14 آذار، ولن نستكين قبل تحقيق مشروع 14 آذار». ولفت الى أننا في 31 من الحالي سيكون لنا رئيس، مشيراً الى أنّ مرشح القوات لرئاسة الحكومة كما مرشح العماد عون، هو الرئيس سعد الحريري».

وبري إلى جنيف.. و«ملائكته حاضرة» في بيروت

وفي وقت يغادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري اليوم، الى جنيف للمشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، أكدت مصادر في كتلة التحرير والتنمية لـ «لبناء» أنّ «الأمور لا زالت على حالها ولم يطرأ أيّ جديد ليغيّر في موقف رئيس المجلس والكتلة من مسألة دعم الحريري لترشيح عون، واللقاء مع عون لم يكن أكثر من لقاء بروتوكولي وتبادل للمواقف بين الطرفين»، ونفت المصادر أيّ نية لدى رئيس المجلس لتأجيل جلسة 31 إلا في حال طرأت مستجدات أو مفاجآت خلال الأيام العشرة الفاصلة عن موعد الجلسة، وخصوصاً في ظلّ التطورات المتسارعة التي يعيشها الملف الرئاسي». وأكدت المصادر أنّ «كتلة التحرير والتنمية ستنزل الى الجلسة وستصوّت لمرشحها النائب سليمان فرنجية، أما موقفها من المشاركة في الحكومة فلم يتخذ القرار النهائي بعد، لكن تصويتنا ضدّ عون لا يعني حسمنا عدم المشاركة في الحكومة التي قد نشارك فيها وفقاً للقواعد التي نراها مناسبة».

ورفضت المصادر ما يسوّق عن أنّ عون والحريري لم يتوصلا الى اتفاق شامل، متسائلة: «ما جدوى الاجتماعات بين المستقبل والتيار الوطني الحر طوال شهرين إذن؟ فلا أحد يقنعنا بأنهما لم يتحدثا في عمق المسائل والمواضيع من رئاسة الجمهورية والحكومة الى توزيع الوزارات».

ونقلت المصادر عن بري عتبه الشديد على الحريري لعدم إطلاعه على حيثيات الاتفاق مع عون، وهو الذي لم يتركه في أصعب الظروفـ«. وعن استمرار المشاورات في ظلّ سفر الرئيس بري، قالت المصادر: «ملائكته حاضرة» في بيروت.

.. ونصرالله يطلّ الأحد

وتتجه الأنظار الى الإطلالة المرتقبة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم غد الأحد في ذكرى مرور أسبوع على استشهاد القيادي في «حزب الله» حاتم حمادي. وأوضحت مصادر مطلعة لـ «البناء» أنّ «الموضوع الرئيسي الذي سيتحدّث عنه السيد نصرالله هو الشهيد حمادي والمستجدّات على الساحة السورية وفي المنطقة، لكنه قد يتطرّق الى الملف الرئاسي لبعض الوقت، لأنّ الأمر مرتبط بما قد يطرأ من مستجدات في الشأن الرئاسي خلال اليومين المقبلين».

كيري: لست متأكداً من نتائج الخطوة

وفي أول موقف دولي على خطوة الحريري، أعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن أمله في «أن يسير لبنان باتجاه الانتخابات الرئاسية»، قائلاً: «لست متأكداً من نتائج الدعم الذي يقدّمه رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لرئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون، لكننا نأمل أن يحلّ المأزق الرئاسي الذي يؤذي لبنان».

وقالت أوساط مطلعة في 8 آذار لـ «البناء» إنّ «ردّ الفعل الأميركي على خطوة الحريري موقف موارب بمعنى أنهم يقولون لسنا مسؤولين عن خيار الحريري الرئاسي، وبالتالي يعبّر هذا الكلام عن الضبابية التي تسود المشهد عند البعض، لكن الواضح بقوة عند البعض الآخر وخاصة بالنسبة لحزب الله والحلف الإقليمي الذي يمثله، وهو الذي يعتبر خياره الرئاسي نجح، والمرشح الذي دعمه قد وصل أخيراً الى ما قبل اللحظة المفصلية التي قد تكون مسألة وقت لتظهيرها في الجلسة المقبلة، لكن هذا لا ينفي أنّ مسألة اسم الرئيس التي أصبحت شبه محسومة تحتاج الى إنضاج الظروف السياسية المساعدة للعهد الجديد، والتي قد تكون بدأت بتفاهمات بين عون والحريري وقبلها مع القوات، لكنها يجب أن تشمل قوى أساسية في البلد على رأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري والوزير سليمان فرنجية والنائب وليد جنبلاط».

ولفتت الأوساط الى أنّ «الرئيس بري حسم خياره في الجلسة التشريعية الأخيرة وكرّره في لقائه مع عون اول أمس، لكن هذا لا ينفي إمكان التوصل الى تفاهمات سياسية لاحقاً تبدّل من موقفه». وأوضحت أنّ «اتفاق الحريري وعون لم ينضج بشكلٍ نهائي ولا مانع من إدخال تعديلات عندما يشمل الآخرين، خصوصاً أنّ عون والحريري معنيان باستقطاب قوى أساسية لها وزنها وثقلها السياسي في المعادلة الداخلية لتسهيل مهمة العهد الجديد».

10 أيامٍ حافلة بالمشاورات

وفي وقتٍ عكست خطوة الحريري الارتياح والطمأنينة في الرابية التي تجاوزت قطوع إعلان «الشيخ سعد» دعمه لعون، إلا أنّ طريق بعبدا ما زالت مليئة بالألغام السياسية التي على الجنرال أن يزيل صواعقها كي يصل بسلام. ويشير مصدر في التيار الوطني الحر لـ «البناء» إلى أنّ «العماد عون أبلغ حلفاءه والخصوم في وقت سابق أنه فور إعلان الحريري موقفه النهائي من ترشيحه للرئاسة سينطلق شخصياً الى توسيع مروحة اتصالاته مع الحلفاء والخصوم معاً. وبالفعل بدأ بجولة زيارات ولقاءات من عين التينة وسيستكملها لتوسيع شبكة التفاهمات إن أمكن بهدف تأمين أكبر تأييد وإجماع حول ترشيحه ولتفادي الانقسامات الداخلية، فهناك عشرة أيام فاصلة وحاسمة قبل الجلسة المقبلة ستكون حافلة باللقاءات والاتصالات والمشاورات، وإنْ أدّت الى نتيجة فهذا أمر إيجابي وإنْ لم تؤدّ، فسيذهب عون الى جلسة الانتخاب في 31 وإنْ استمرّ فرنجية بترشيحه بدعم من بري، فعون متأكد بأنه يحظى بأكثرية الأصوات».

واذ أكد المصدر أنّ «عون مستعدّ لطمأنة جميع القوى وإزالة هواجسها، نفى أيّ اتفاقات بين الحريري وعون على حصص وزارية ومناصب في الدولة بل كان الاتفاق على عناوين سياسية عريضة كسيادة الوطن وعدم المسّ بالدستور والقانون وعدم تغيير النظام والطائف، أما مسألة الحقائب فهي من صلاحيات رئيس الحكومة وليس رئيس الجمهورية وعندما يكلف رئيس الحكومة ستوزع الحقائب على الكتل النيابية، بحسب توازنات المجلس النيابي وحتى التي ستنتقل الى ضفة المعارضة».

وكشف المصدر أنّ «سعاة الخير بدأوا محركاتهم باتجاه عين التينة والرابية وفي مقدمتهم حزب الله لتقريب وجهات النظر وللتوصل الى تفاهم بين الطرفين»، موضحة أنّ «الامل لم ينقطع بإمكان التوصل الى تفاهم مع بري بل المشاورات لا زالت في بدايتها وتستمرّ الى ما قبل جلسة الانتخاب تتخللها لقاءات بين عون وبري أو من يمثلهما ومع جنبلاط الاسبوع المقبل، كما يعمل وسطاء على ترتيب لقاء بين عون وفرنجية».

..و«التيار» استكمل جولته

في غضون ذلك، استكملت الوفود النيابية العونية زياراتها على السياسيين، فزار وفد ضمّ النائبين أمل أبو زيد وزياد أسود النائب بهية الحريري في دارتها في مجدليون وأمين عام التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد في صيدا، وتمّ البحث في المستجدات الرئاسية، وضرورة وضع حدّ للشغور. كما زار النائبان ألان عون وسيمون أبي رميا النائب نايلة تويني في مكاتب جريدة «النهار».

إلى ذلك يزور وفد من التيار الوطني الحرّ اليوم رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد في منزله في تلة الخياط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى