الجموا التطبيع… كي لا يكون فلتان آخر
صابرين دياب
هذا العنوان ليس بعيداً عن الأزمات التي تعيشها الأمة، بل منوط بها في الصميم كما كلّ مشروع برمجه وخطط له المحتلّ «الإسرائيلي»، وهو عنوان على هامش مهزلة العام في الوطن المحتلّ ـ محاكمة عادل سمارة ـ ربما تكون مهزلة محاكمة الدكتور عادل سمارة لصالح ادّعاء المدّعية الدعيَّة المدعوة أمل وهدان في محاكم سلطة الحكم الذاتي إشارة الى الفوضى السياسية وحتى الاجتماعية التي يعيشها شعبنا على كافة الصعد والتي تتولّد عنها، كتحصيل حاصل، فوضى وطنية، بمعنى غياب المشروع الوطني. لكن المفارقة، أنّ من يغيب عن يومهم المشروع الوطني يظلون في وهم أنهم يحملون مشروعاً وطنياً، مما يحوّلهم إلى حالة أشبه بالحمل الوهمي. كيف لا، فالشعوب، في فترات التراجع، يمكن أن تُصاب بمثل هذا الوهم.
لعلّ أبرز ما لفت انتباهي في مهزلة العام، اختفاء أصوات تصخب في مواقع وتخفت في مواقع أخرى، مما يشي بأنها تتحرك طبقاً للحاجة والمصلحة الذاتية الضيقة! تلك الأصوات اشبه ما تكون بدبابيس الزينة التي تبعثر التركيز على اهتراء الزيّ لبعض البشر! ما يؤكد انّ أزمة الفكر الوطني الصحي السليم على أشدّها. فثمة من يعتبر نفسه مفكراً ومثقفاً ومنظراً لا نظير له! بل انّ هناك بعض النرجسيّين المعجبين بأنفسهم حتى المرض، وحبهم لأنفسهم يتجاوز حب الوطن والمصير الوطني العام. لذا، يختلقون مبرّرات واهية وساقطة لتبرير صمتهم إزاء محاكمة «التطبيع» للدكتور سمارة والاعتداء على شرفاء آخرين! أيّ إزاء تعميم القمع الذي يُنذر بالقمع المعمَّم حيث يُطاول بعضاً حتى ممن يُفترض أنهم ضمن معسكر السلطة نفسها! كحالة المقدم أبو عرب، ومجموعات من شبيبة حركة فتح، والمحامي القواسمي في الخليل الذي ضربته القوات الخاصة مع أنه من كوادر حركة فتح نفسها.
لعلّ هذا القمع المعمّم باعث على سؤال: ماذا تريد هذه السلطة؟ هل تسعى لقطع الحبل السّري بينها وبين قوى المقاومة؟ هل تسعى كي تتبلور في سلطة كوادرها ممن لا وجودا لتاريخ نضالي لهم؟ هل تسعى إلى خلق شكل من البونابرتية الفلسطينية، ايّ سلطة تزعم أنها خارج الطبقات فوق الطبقات؟ فوق المجتمع؟ علماً بأنّ سقوط البونابرتية في فرنسا 1870 كان مُدوّياً! إنّ الإحساس بالخذلان من سياسات السلطة تدعونا للتوجّع كثيراً على واقع حالنا في الوطن! نحن نعاني من أزمة فكر ومن أزمة قيادة منذ ما قبل الاستعمار، وما يحدث الآن على كافة الصعد هو نتيجة طبيعية لأزماتنا بل لمآسينا المتعاقبة.
لست بصدد الحديث عن بعض ممن يحتضنون المدعوة وهدان لأسباب كيدية سياسية دنيئة تتناقض مع المصلحة الوطنية العامة، ولست بصدد الإشارة الى شريحة الانتهازيين والمتسلقين وحاملي التناقضات الخطيرة التي تمثلها المدعوة وهدان. بل في اللحظة، أودّ وأقصد التأكيد للدكتور عادل سمارة بأنه ليس وحيداً في هذه المعركة، لا هو ولا من تمّ الاعتداء عليهم من المواطنين الآخرين. ذلك لأنّ هذه معركتنا جميعاً. ولأنها كذلك، يجب أن تكون جلسة المحاكمة المقبلة في كانون الأول/ ديسمبر المقبل تظاهرة لكلّ القوى والشخصيات الوطنية الفلسطينية ضدّ مشروع التطبيع، الذي انتقل من الهمس والسرية إلى محاكمة الشرفاء.
ولا بدّ من التصدي كذلك لمن يؤازرون أصحاب هذه المشاريع الموبوءة الخطيرة. لقد آن الأوان لوجوب لجم تلك الآفات وفضحها! وسيكون للوطن ما يريد! معاً على الدرب…