عكس التيار
معن بشّور
كم كان مشهداً ينضح بالوفاء حين افتتح الأمين العام للمؤتمر القومي العربي الدكتور زياد حافظ اجتماعات الدورة الخامسة والخمسين للأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، في بيروت، بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً لروح أحد مؤسسي المؤتمر، وفرسان التيار القومي العربي في العراق المناضل والمفكر والمقاوم الدكتور وميض عمر نظمي، الذي جسد بصدقه وصموده معاناة العراق العظيم وتطلعات شعبه وروح الوحدة بين أبنائه، لا سيّما بوجه الاحتلال وإفرازاته، ومن خلاله إجلالاً لروح شهداء الأمّة جميعاً ممن تفتك بهم كلّ يوم قوى الاحتلال والعدوان والاحتراب والغلو والفتنة والوحش.
وكم هو مؤثر أن يجتمع على مدى يوم كامل مثقفون مناضلون ومؤمنون بمشروع الأمّة النهضوي من معظم أقطار الوطن الكبير من مغربه إلى مشرقه، ليتداولوا بمسؤولية وموضوعية في شجون الأمّة وشؤونها في ضوء المتغيّرات الدولية والإقليمية والعربية، التي عرضها تقرير معدّ بعناية من قبل الأمين العام.
من اللافت أيضاً أن تخصص الأمانة العامة جزءاً واسعاً من مناقشاتها لسبل استنهاض شباب الأمّة على طريق استنهاض الأمّة، وفي مقدمها تجربة مخيمات الشباب القومي العربي، وقد تجاوز عمرها الربع قرن، وندوات التواصل الفكري الشبابي العربي، والتي ستدخل في شباط/ فبراير المقبل عامها السابع.
الوحدة الوطنية العميقة التي برزت من مساجد فلسطين وكنائسها بالأمس، وصمود سورية والعراق واليمن وليبيا، بوجه محاولات النيل من استقلالهم ووحدتهم ودورهم، والمؤشرات المتزايدة عن إصرار مصر على استعادة قرارها المستقلّ ودورها القومي، كانت مصدر تفاؤل لدى المجتمعين، مثلما كان مصدر قلق تلك المخططات الرامية إلى تمزيق أقطار المغرب العربي والجزيرة العربية، وضرب هويتها العربية الإسلامية، انطلاقاً مما نراه من مخططات وفتن جار تنفيذها في أقطار المشرق العربي.
مقاومة الاحتلال ومناهضة التطبيع ومقاطعة العدو وداعميه كان لها نصيب وافر من مناقشات الحاضرين، خصوصاً أنّ بينهم مقاومين ومناضلين بارزين في هذه الميادين كانت مدن المغرب والأردن وتونس وساحاتهم مؤخراً شاهداً على فاعلياتهم.
المجتمعون أبدوا ارتياحهم الكبير لانعقاد المؤتمر القومي العربي المقبل 28 في الجزائر بكلّ وهجها والتزامها الوطني والعربي الأصيل.
في الاجتماع الذي ضمّ ثلاثين شخصية عربية تحمّلوا عناء السفر وتكاليفه، جاؤوا الي لبنان، عشية عيد استقلاله، ليؤكدوا، من عاصمته، أنّ العروبة الحضارية الديمقراطية الجامعة ما زالت حيّة، وإنْ بدا للبعض أنّ حاملي رايتها يسبحون عكس التيار.