يجب وقف حرب تغيير النظام في سورية فوراً
تولسي غابارد
التقيت مؤخراً الرئيس المنتخب دونالد ترامب لأنقل له صوت الملايين من الأميركيين، بما في ذلك زملائي قدامى المحاربين، الذين يريدون بقوة رؤية مساعٍ حقيقية لإنهاء تورّط بلادنا في حرب غير قانونية، وأوضحت له النتائج العكسية لمساعي إطاحة الحكومة السورية. كانت لدينا جولة أفق ذهاباً وإياباً مناقشة لمدة ساعة عن المشاكل المترتبة على سياسة الولايات المتحدة الحالية في سورية وإلى أين نذهب من هنا.
شعرت أنه من الأهمية بمكان أن ألتقي معه الآن، قبل أن يصل إليه المحافظون الجدد تجار الحروب لإقناعه بتصعيد هذه الحرب التي قتلت بالفعل أكثر من 400.000 شخص وتركت الملايين من السوريين المهجّرين بحثاً عن الأمان لأنفسهم وأسرهم.
ونقلت إلى الرئيس المنتخَب أنه بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 وضع المحافظون الجدد جدول أعمالهم القائم على التدخل وتغيير الأنظمة وترك السياسة الخارجية تسير بعيداً عن المصالح الأمنية الفعلية لحكومة الولايات المتحدة.
إنّ أعمالَنا للإطاحة بالحكام العلمانيين في العراق وليبيا، ومحاولاتنا الآن كي نفعل الشيء نفسه في سورية، أدّت إلى خسائر فادحة في الأرواح وأورثت المزيد من الدول الفاشلة، والأزمات الإنسانية، إضافة إلى مخاطر تعزيز المنظمات الإرهابية التي أعلنت الحرب على أميركا.
منذ عام 2011، والولايات المتحدة تعمل مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وتركيا، وقد تمّ توفير الدعم لـ«الجماعات المتمردة» الذين يقاتلون للإطاحة بالحكومة والاستيلاء على سورية. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخراً أنّ هذه «الجماعات المتمردة» التي تدعمها الولايات المتحدة «قد دخلت في تحالفات الحرب مع التشكيلات التابعة لتنظيم القاعدة في سورية، التي كانت تعرف سابقاً باسم جبهة النصرة».
السؤال البديهي هو كيف يمكن للولايات المتحدة أن تعمل جنباً إلى جنب ويداً بيد مع منظمة إرهابية جداً هي المسؤولة عن قتل 3000 من الأميركيين في 9/11 لعلّ هذا ما يحيّر عقلي ويجعل دمي في فوران.
لقد سمح هذا التحالف السخيف من قبلنا للجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة بإقامة معاقل في جميع أنحاء سورية، بما في ذلك في مدينة حلب، حيث يتمّ الآن استخدام السكان المدنيين دروعاً بشرية وتصوير وفاتهم لاستخدام الموت كأدوات دعائية.
بالإضافة إلى ذلك، لن يؤدّي تصاعد هذه الحرب إلى تغيير النظام من خلال تنفيذ «حظر الطيران أو منطقة آمنة» في سورية، لأنها لن يكون فقط غير فعّالة، بل مليئة بالمخاطر فمن شأن التصعيد أن يضع الولايات المتحدة في مواجهة عسكرية مباشرة مع الطاقة العسكرية الروسية، ما يتطلّب عشرات الآلاف من القوات البرية وجود قواعد جوية أميركية ضخمة، وتورّط في مسيرة الحرب التي لا نهاية لها مرة أخرى في منطقة الشرق الأوسط بما لا يخدم المصالح الأميركية أو السورية.
باختصار، حتى لو كان التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية قد نجح في إسقاط الحكومة السورية، فنحن من سيتحمّل أعباء مثقلة بمسؤولية بناء دولة جديدة في سورية. وسننفق تريليونات من الدولارات من جيوب دافعي الضرائب الأميركيين، ومن يعلم كمّ عدد الأرواح الأميركية التي سوف تضيع، وكم سيكون هناك القليل من الوسائل لإظهار ذلك، كما كانت الحال في العراق وليبيا، والولايات المتحدة ليس لديها حكومة ذات مصداقية أو ليس لديها زعيم قادر على فرض النظام والأمن والحرية لشعب سورية في حال الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد؟
ببساطة إنه للحفاظ على النظام بعد سقوط الأسد سوف يتطلب 500.000 جندي على الأقلّ في مهمة لا تنتهي أبداً.
النتيجة الأكثر ترجيحاً لهذه الحرب الهادفة لتغيير النظام هي أنها ستفتح الباب لداعش، تنظيم القاعدة، والجماعات الإرهابية الأخرى التي هي القوات المقاتلة الأقوى على الأرض، إلى السيطرة على كلّ سورية وجمع الأسلحة القوية كثير منها قدّمت لهم من قبل الولايات المتحدة ، وتشكل تهديداً أسوأ بكثير للشعب السوري، والأقليات الدينية، وعلى العالم.
كان جوهر نصيحتي للرئيس المنتخب ترامب ما يلي: يجب علينا وضع حدّ لهذه الفكرة السيئة لما لها من نتائج عكسية، يجب وقف حرب تغيير النظام فوراً. يجب أن نركز مواردنا الثمينة على الاستثمار في إعادة بناء بلدنا، وعلى هزيمة تنظيم القاعدة، وداعش، وغيرها من الجماعات الإرهابية التي تشكل تهديداً للشعب الأميركي.
مقال نشر في صحيفة «ذا نايشن» الأميركية
عضو الكونغرس الأميركي