اهتمام شخصي للحريري بزيارة عون للرياض.. ماذا عن حزب الله؟
روزانا رمّال
يلبّي الرئيس العماد ميشال عون بعد تشكيل الحكومة اللبنانية وإنجاز الاستحقاقات الأساسية لإقلاع مسيرة عهده كإنجاز استحقاقَي «الثقة» بالحكومة وبيانها الوزاري الكفيل بحماية خصوصية الحق المشروع بـ»المقاومة»، دعوة الموفد الملكي السعودي الرفيع الذي زار لبنان عقب انتخابه رئيساً أمير منطقة مكة الأمير «خالد الفيصل» الذي كان قد ترأس وفد بلاده حاملاً رسالة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مضمونها دعوة لزيارة المملكة العربية السعودية مطلع الاسبوع المقبل، حسب التقديرات في وقت كان قد ساد لغط حول رسائل من هذا النوع تشدد على اهمية ان يبادر العماد عون الى زيارة المملكة في أول زيارة خارجية له عنوة.
لم يكن الوقت مناسباً لزيارة الرياض بالنسبة لعون الذي كان قد وضع كل «ثقله» في مسألة الاطمئنان على العهد ومسيرته، بين تشكيل حكومة واستحقاقات، ولأن اليوم باتت الحكومة قادرة على الإقلاع، كان لا بد من الرئيس المنتخب أن يباشر جولاته الخارجية لرسم سياسات عهده إقليمياً ووضع مسألة المرحلة الجديدة نصب عينيه. وهنا تؤكد المصادر لـ»البناء» ان الوفد الذي سيرافق العماد عون سيكون رفيع المستوى على رأسه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مع عدد من الوزراء، فالوفد اللبناني لن يقل أهمية وحضوراً عن الوفد الرفيع الذي أرسله الملك سلمان الى لبنان. وتشير المصادر الى «اهتمام شخصي من الرئيس سعد الحريري بالزيارة وطبيعة الوفد المرافق وارتياحه لاقترابها خصوصاً، أن لها معاني شديدة الاهمية على واقع العلاقة اللبنانية السعودية من جهة، وعلى علاقة المملكة العربية السعودية بالعهد، وما يشكله الحريري فيه من ركيزة أساسية، كما أن الصورة التوافقية التي سينقلها عون للمسؤولين السعوديين ستتكفل برفع أسهم الحريري مجدداً في الديوان الملكي بالرياض، خصوصاً أن البلاد مقبلة على انتخابات نيابية من نوع جديد».
السؤال الأساسي يتمحور حول موقف حزب الله من الزيارة التي تشكل مفصلاً بعد عهد الرئيس ميشال سليمان. فالرئيس اللبناني الزائر اليوم هو حليف حزب الله الذي لم يتخلَّ عنه لسنوات عديدة، وهو المرشح الذي تعرض لـ»فيتو» سعودي قبل سنتين من اليوم على انتخابه. وهنا تؤكد المصادر المتابعة للزيارة لـ»البناء» أن الموافقة على الزيارة تمت بالتنسيق الكامل مع حزب الله. وهو ما يعني أن الحزب يرسل رسائل إيجابية مباشرة للمملكة العربية السعودية تسمح لها بالتعاطي مع عون كشخصية مستقلة عن الحلف الذي يمثله, لكنه في الوقت نفسه يرسل الحزب رسائل التهدئة. فالمملكة العربية السعودية تدرك جيداً أن الحزب الذي يعتبر نفسه «أم الصبي» في مسألة انتخاب عون رئيساً قادراً على وضع العصي بالدواليب لو شاء لعدم إنجاح أو إتمام الزيارة أقله او التصويب عليها في هذا الوقت، خصوصاً أن المملكة تتعاطى معه كحزب «إرهابي» وتشن ما أمكن من عقوبات دولية عليه وتتأهب في الاراضي السعودية ضد كل من يتعاون معه».
يختم المصدر بسؤال «هل سيتم فتح مسألة تصنيف حزب الله إرهابياً من جديد، وهل سيحمل العماد عون هذه القضية معه، وهي التي كانت مفصلاً في التعاطي بين التيار الوطني الحر بشخص الوزير باسيل ووفد المملكة في اجتماع وزراء الخارجية العرب سابقاً، حيث اعترض باسيل على التسمية في آذار السنة الماضية؟
أبعاد زيارة الرئيس عون الأولى واختيار المملكة العربية السعودية لها طابع أبعد من الحدود اللبنانية، وهي أول زيارة لرئيس مسيحي قوي في المنطقة للرياض، بعد أن كان هناك سلسلة اتهامات تتمحور حول دعم السعودية للحركات المتطرفة واستهداف المسيحيين فرمزية عون الرئيس المسيحي العربي الوحيد ولقاؤه بالملك سلمان الذي يمثل المؤتمن على الأراضي المقدسة في المملكة تحمل بعداً يؤثر إيجاباً على الواقع المذهبي الشديد الخطورة. وهنا يستحضر الموقف الإيراني من المشهد اللبناني، فإيران التي وجّهت دعوة إلى عون لزيارتها قبل الدعوة السعودية تعرف جيداً أن أحد شروط المملكة كانت أن يفتتح عون عهده بزيارة الرياض دون طهران، لما للزيارة الأولى من دلالات، وإذا كان هذا الأمر تحقق بالنسبة للمملكة، فإن هذا يعني أن إلصاق تهمة المرشح «الإيراني» على الرئيس عون قد نسفت أيضاً منذ بداية العهد، ووضعت حداً لاتهامات باطلة سادت لمرحلة بأكملها احترف فيها خصوم عون، خصوصاً في تيار المستقبل و14 آذار رفض فكرة ترشيحه، لأنه لا يمثل بالنسبة إليهم سوى مرشح طهران الرسمي في لبنان. وعلى هذا الاساس يبدو ان الافرقاء اللبنانيين اعادوا التموضع من جديد وبدأوا يساعدون عون على رسم صورة مغايرة لرئيس البلاد تختلف عن تلك التي كان سلوكه السياسي فيها يقع ضمن مصالح تياره السياسي، وهو التيار الوطني الحر. وهذا ربما ما بات مطلوباً من الرئيس سعد الحريري في تعاطيه مع إيران من دون أن ينتظر إيعازاً من المملكة العربية السعودية او مباركة تسمح له بزيارة إيران مبعداً الشبهات عن سلوك سياسي يبقيه رئيساً لتيار المستقبل في سلوكه السياسي، فيما هو رئيس للحكومة اللبنانية أجمع.