ابن حلب البار مطران القدس يُوارى الثرى في بيروت
جودي يعقوب
بعد أن شهد انتصارات حلب صمت وإلى الأبد صوت الحق والمقاومة والنضال وفقدت أمتنا السورية أيقونتها الوطنية التي تجسدت في ابن حلب البار «المطران الإرهابي»، كما تسميه سلطات العدو «الإسرائيلي»، المطران هيلاريون كبوجي مطران القدس بالمنفى الذي انتقل من القدس الأرضية إلى الأخدار السماوية بعد أن توفاه الله في منفاه في روما صبيحة يوم الأحد والذي صادف اليوم الأول من العام الجديد 2017 عن عمر بلغ أربعة وتسعين عاماً، واحتراماً لوصية سيادته بأن يدفن بجانب والدته في لبنان، رافق وفد من الجالية السورية في إيطاليا وسفيرة فلسطين في روما مي كيلة وممثلون عن الجالية الفلسطينية جثمان بطل المقاومة الذي أفنى حياته في خدمة قضايا أمته إلى بيروت حيث ستنظم جنازته حسب وصيته.
ومن المرتقب أن يسجى الراحل اليوم في كاتدرائية سيدة البشارة البطريركية للروم الكاثوليك في الربوة في أنطلياس وستقبل التعازي قبل الجناز في صالون كنيسة سيدة البشارة في البطريركية في الربوة. ثم سينقل الجثمان الطاهر بعد الجناز إلى دير المخلص للرهبانية الباسيلية الحلبية في صربا ـ جونية حيث يوارى الثرى في مدافن الرهبان الحلبيين
وستقبل التعازي في الآباء الحلبيين بعد الدفن.
كما سيقام قداس وجناز في كاتدرائية بطريركية الروم الكاثوليك في القدس يوم الإثنين في التاسع من شهر كانون الثاني.
ومن المقرّر أن يقام قداس وجناز الأربعين في كاتدرائية بطريركية الروم الكاثوليك في دمشق ـ حارة الزيتون يوم السبت في الرابع من شباط. وسيقام أيضاً قداس وجناز في مسقط رأسه حلب الشهباء التي كان شاهداً على تحريرها في تاريخ لاحق يعلن عنه في حينه.
وخلال رحلة نقل الجثمان من مطار روما إلى مطار بيروت كانت أجواء الحزن تنتقل مع كلّ حركة من حركات الوفد.
صمت غريب في قاعة الشرف تخللتها نظرات حزن وأسى على من خاض غمار المقاومة ضدّ الاحتلال «الإسرائيلي».
وأكد بشار الأسعد صديق المطران المقرب واجبه في البقاء مع سيادته حتى آخر لحظة. وقال: « نحن نرافق جثمان المطران هيلاريون كبوجي صديق الدرب، وقد كنا منذ خمس سنوات ونصف نشارك معاً في جميع الوقفات الوطنية والقومية والمسيرات المؤيدة لسورية، لذا من واجبنا أن نكون معه في آخر لحظة في وداع جثمانه الطاهر ونحن نشعر بأننا فقدنا آباً وأخاً وصديقاً».
أما نائب رئيس الجالية السورية في إيطاليا المهندس أكرم عامر، فأوضح أنّ «رحيل المطران كبوجي ترك حزناً عميقاً في قلب كلّ من عرفه نظراً للسيرة النضالية الحافلة والمواقف الوطنية التي تمسّك بها في دفاعه عن وطنه وعن القضية الفلسطينية وهو الذي قاتل من أجل توحيد طاقات أمتنا في سبيل تحرير مقدساتنا على مدى عقود».
وأعربت سيدة الأعمال فريال طبش عن حزنها الشديد لوفاة «الأب الروحي لجميع من عرفوه لما حمله من دور رائد ومميز بدفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وهو يرفع شعار المقاومة حتى آخر يوم في حياته
لذا نطلب من الله أن يتغمّد برحمته هذا المناضل الكبير المثلث الرحمات المطران هيلاريون كبوجي عاشق سورية وعاشق القدس ورمز الوحدة الوطنية.
لم تكن عودة المطران كبوجي هذه المرة كما تمنى سابقاً فقد سرق ملك الموت منه حلمه برؤية فلسطين حرة ودمشق منتصرة.
ابتسم لحلب قبل وفاته لكنّ فرحته الكبرى سرقها الموت
ويكفي أنه محى بموته حدود سايكس بيكو التي لم توجد إلا في خرائط الاستعمار وهي مرفوضة في عقل وقلب كلّ مواطن سوري يدرك حقيقة تاريخ أمته. فابن حلب البار مطران القدس يوارى الثرى في بيروت، كما قال الزعيم أنطون سعاده: «من حضن أمي إلى حضن أمتي»، رغم منفاه الأخير في روما.
ولا يسعنا أخيراً إلا أن نقول لرحيلك وروحك كلّ المجد والخلود نيافة المطران كبوجي. ستبقى حاضراً في ذاكرة كلّ من عرفك وستبقى رمزاً من رموز الوطن والعز والكرامة ورمزاً من رموز المقاومة.
«قد تسقط أجسادنا أما نفوسنا فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود ولن تزول». هذه هي العظمة السورية فهي تبقى خالدة حتى بعد أن توارى الثرى.