أدونيس كعاشق ضال… يجدّد عشقه لبيروت!
النمسا ـ طلال مرتضى
يحقّ لها أن تسمو كإلهة، وحدها «أفروديت» إلهة الحبّ والجمال مفتاح سرّ الحياة، وكينونتها.
من أعطاها حقّ استلاب العقول، من شرّع لها الخيانة؟
ليس مسموح لسواها ارتكاب معصية العشق على مرأى عيون عشيقها الأول والأخير، الذي كلّما أدمنت في طعنه ازداد ولهاً بها؟
من علّم العاشق الغيّور السماحة، أهو الحبّ المكين، أم وسم الله المصلوب على أعتابها، كحارس سقط سهواً من دوالّ أسطورة؟
كيف لا وهي المكتملة، بحسب قوله والأقرب إلى قلبه. تلك هي حكاية العشق الذي لا تخبو جذوته على مدّ الدهر.
هكذا تعشق الإلهة، تسمو، وأيّما سموّ، حين تتخفّى «أفروديت» من أناها، لتصير لاحقة تتلى في معبد وليّها «لهيفيستوس»، ذاك الإله الإغريقي، وطروادة عطره.
لا تلوموا الفتى، دعوه يغرق في هواه، دعوه يتفرّس معبودته كعاشق فجع، مثل راقص من عصور أثيمة حن الآن إلى «زورباويته».
إنها بيروت، أنه أدونيس، صنوان لم تقطع صروف الدهر حبال ودّهما، على رغم خياناتها المتكرّرة له، نامت ألف، ألف مرّة في أسرة أصدقائه، مارسوا معها كلّ طقوس الكآبة والكتابة.
يقاطعها، تقاطعه، يقيم عليها حدّ الحبر، تقيم عليه واجب الصلاة، فيعودها طائعاً، صائعاً مثل إله منبهر.
مساء اليوم، مملكة الحبر تفتح «خوابي الكلام» من دون منة، ليشرب عشاق بيروت نخب اللقاء الأثيري. أدونيس، يحلّ ضيفاً كعادته مثل نورس ضلّ شاطئ أمانه. لتبقى وحدها منارة بيروت تلويحة شال من عطر، من شعر، تهدي من ضلّوا سبيل قلوبهم، درب الخلاص.
في حوار يتخفّف العفوية ـ عبير شرارة الإعلامية، ومقدّمة برنامج «خوابي الكلام» على شاشة تلفزيون لبنان ـ يذهب بالضيف المكرّم أدونيس إلى ضفاف بعيدة، أبعد من قصص الشعر وسهوبه، وأعمق من حوامل قصيدة النثر ومضمراتها، وأثمن من وهج نوبل البرّاق، وثيمات الفلسفة.
هذه المرّة أنتم مع أدونيس الإنسان، الكيان…
الإنسان الذي يحقّ له أن يراهق، وأن يشقى ويُشقي.
الإنسان الذي يحقّ له العشق دونما أيّ حدود.
الإنسان الذي لا يكون إلّا حين يكون حرّاً، لأنه الحرّية.
أدونيس اليوم ليس ذلك الفتى الذي كان يتلظّى وراء شجرة ليقرأ الشمس، هو أقرّ ملء فمه: لم تعد هناك شجرة، بتّ والشمس وجهاً لوجه.
أدونيس الذي عشقته كلّ العواصم وأرضعته لُبان ضوئها، عاد كَابن ضال ليعلن: «أنا أعشق بيروت».
وللكلام بقية هناك…