آخر الأوراق.. هل تكون بدايات المواجهة الكبرى؟
معن حمية
في الأيام والأسابيع القليلة الماضية، استعاد الجيش السوري وحلفاؤه، عشرات المواقع والبلدات في الريف الشرقي لمدينة حلب، ما يمنحه فرصة الإمساك بزمام المبادرة لأيّ هجوم يستهدف معقل تنظيم «داعش» في مدينة الرقة، في حال كان هجوم كهذا مقرّراً في الخطط العسكرية السورية.
حتى الآن، وبالرغم من مرور ست سنوات على الحرب، احتفظ الجيش بسرية خططه وتكتيكاته، والتي خالف توقعات الخبراء والمحللين العسكريين والسياسيين، وشكّلت على الدوام عنصر مباغتة للمجموعات الإرهابية المتطرفة. وهذا سبب رئيس من أسباب صمود الجيش وتماسكه، واحتفاظه بعناصر قوته لخوض حرب، كان يدرك أنها طويلة الأمد، نتيجة اشتراك عشرات الدول ومئات المجموعات الإرهابية في الحرب على سورية.
وعليه، فإنّ التقدّم السريع للجيش السوري وحلفائه في ريف حلب الشرقي واستعادته مواقع استراتيجية كمنطقة الخفسة ومطار كيشيش العسكري، وكذلك مدينة تدمر في ريف حمص، هذا التقدّم أحدث هلعاً للإرهاب وإرباكاً للدول الراعية، لهذا الإرهاب. ومن أبرز مؤشرات الهلع، قيام الجيش التركي بقصف استهدف الجيش السوري في قرى وبلدات استعادها في أرياف مدينة منبج، وإعلان الجيش الأميركي عن مضاعفة عناصره في المناطق السورية التي تخضع لسيطرة ما يُسمّى «قوات سورية الديمقراطية» التي تُدار من قبل القوات الأميركية.
لقد كشف القصف التركي لعناصر حرس الحدود التابعة للجيش السوري، عن حالة هستيرية يعيشها الأتراك، وأكد أنّ علاقتهم العضوية غرائزياً بالمجموعات الإرهابية، تتغلّب على الالتزامات التي يعلنونها، تارة مع الروسي وتارة أخرى مع الإيراني، الدولتين الحليفتين للدولة السورية. لكن في كل مرة، يتنكر الأتراك لغريزتهم الإرهابية، فيدعون العكس، إلا أنّ هذه الانفصامية أو لنقل التنكّرية تظهر في مواقف المسؤولين الأتراك، وآخرها نقل عن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان خلال زيارته موسكو، بأنّ عين تركيا على منبج السورية، ولو اقتضى ذلك أن يكون ضمن التحالف الأميركي الذي يضمّ ألدّ أعدائه!
أما الإعلان الأميركي عن مضاعفة عديد الجنود الأميركيين في سورية، فيؤشر إما إلى مأزق يواجه الإدارة الأميركية نتيجة غياب دورها المؤثر في المسار السياسي، وإما إلى اعتماد استراتيجية جديدة تقضي بزج الجيش الأميركي في حروب مباشرة خارج الولايات المتحدة. وفي كلتا الحالين، يترتب على أميركا تحمّل تبعات خطواتها، والعارفون بطبيعة مقتضيات الحرب، يعتبرون أنّ ألفاً من الجنود الأميركيين لا يستطيعون حسم معركة الرقة.
يبقى أنّ هناك دولاً عربية لها أسهم كبيرة في منظومة الإرهاب، لا تزال على دعمها للمجموعات الإرهابية، لكنها تمارس التعمية على هذا الدور، لإدراكها أن مشروع إسقاط سورية لفظ أنفاسه الأخيرة.
خلاصة القول، إنّ الجيش السوري وحلفاءه، يفرضون كلّ هذا الارتباك في السياسات والمشاريع المعادية. فهل يكون الإعلان الأميركي آخر الأوراق، أم هو بداية مرحلة المواجهات الكبرى؟
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي