تظاهرة حاشدة في وسط بيروت واعتصامات في المناطق رفضاً للضرائب ودعوات لتحرّك جديد الأربعاء والحريري يعد بمحاربة الفساد ووقف الهدر

ما تزال التظاهرات والاعتصامات تعمّ العاصمة والمناطق «رفضاً لسياسات فرض ضرائب غير عادلة»، بمشاركة العديد من الأحزاب والنقابات العماليّة والمهنيّة وجمعيّات المجتمع المدني. وفي هذا السياق، شهد وسط بيروت اعتصاماً حاشداً تخلّله بعض أعمال شغب، إذ عمد بعض المتظاهرين إلى إزالة الحواجز الحديديّة وأصبحوا على تماس مع القوى الأمنيّة التي ظلّت ضابطة للنفس ولم تردّ على الاستفزازات. فيما شارك حسين يوسف والد أحد الجنود المختطفين لدى «داعش»، بالوقوف فاصلاً بين القوى الأمنيّة والمتظاهرين في محاولة لمنع التصادم.

الحريري

وتوجّه رئيس الحكومة سعد الحريري إلى ساحة رياض الصلح، حيث خاطب المتظاهرين المحتشدين في الساحة بالقول: «نحن هنا وعدناكم أن نكون واضحين معكم، وإن شاء الله سترون أنّ هذه الحكومة مع فخامة الرئيس سوف تكون دائماً إلى جانبكم وإلى جانب الناس ووجع الناس».

أضاف: «صحيح أنّ هناك هدراً في البلد وصحيح هناك فساد، ولكنّنا سوف نحارب هذا الفساد، وأنا أحببت أن آتي إليكم من أجل أن أقول لكم أنّنا سوف ننهي إن شاء الله هذا النوع من الفساد وسنوقف الهدر، وإن شاء الله سنكمل المسيرة معكم».

وختم قائلاً: «نحن أتينا بثقة الناس، وسوف نكمل هذا المشوار، وهذا المشوار سوف يكون طويلاً، وسنتابع محاولة وقف الهدر والفساد إن شاء الله».

وفي تغريدة له عبر موقع «تويتر»، دعا الحريري منظّمي التظاهرة «إلى تشكيل لجنة ترفع مطالبهم لمناقشتها بروح إيجابيّة».

وكان بعض المتظاهرين مع وصول موكبه قد أقدموا على رشق موكب الحريري بعبوات المياه الفارغة.

وبعد الظهر، انتهى الاعتصام وتداعى المشاركون إلى اعتصام آخر في المكان نفسه ظهر الأربعاء المقبل.

المتعاقدون الثانويّون

وكان حمزة منصور تلا بياناً بِاسم حراك المتعاقدين الثانويّين، جاء فيه: «بياننا موجّه ضدّ ويلات سلسلة رتب الدولة المموّلة من جيوب الفقراء، وقلنا كلمتنا الفصل وما زلنا نردّدها دائماً، وابدأ من طبيعة هذا النظام السياسي الذي أكّد ويؤكّد لنا يومياً أنّه ضدّ المواطن وضدّ المتعاقد وضدّ المعلم والمزارع والصانع والطالب والمحامي والمهندس، ضدّ إعطاء حقوق مشروعة مكتسبة لكلّ مكوِّن من المكوِّنات المذكورة آنفاً. قلناها ونقولها اليوم من منبر الكرامة الوطنية من شوارع بيروت الوطنية، بأنّ واجب النظام اتجاه مواطنيه وموظّفيه هو سلسلة عادلة منصفة توازي ما بين جميع المكوّنات، ولا تكون أبداً إيراداتها مقتبسة من رغيف خبز الفقراء وجوعهم».

… واعتصام في عكّار

وفي عكّار، اعتصم عدد من الشباب والشابات في ساحة العبدة مطالبين بالإنماء المتوازن لعكّار وإلغاء الضرائب، وقاموا بقطع الطريق لبعض الوقت.

وأفاد مندوب الوكالة الوطنيّة للإعلام في عكّار جهاد نافع، أنّ عدداً من المواطنين قطعوا الطريق العام في ساحة العبدة – مدخل عكار استنكاراً لزيادة الضرائب.

«الشيوعي»

وكان الحزب الشيوعي اللبناني واتحاد «الشباب الديمقراطي»، نظّما اعتصاماً حاشداً عند الثانية من بعد ظهر أول من أمس، أمام مبنى مصرف لبنان في الحمرا – بيروت، بمشاركة عدد من منظّمات الحراك المدني، «رفضاً للفساد وهدر المال العام والضرائب الجديدة التي تمّ إقرارها».

ورفع المشاركون الأعلام اللبنانيّة، ولافتات تدعو إلى «وقف الفساد والهدر ومحاسبة المفسدين»، في حين بثّت مكبّرات الصوت الأغاني والموسيقى الوطنيّة.

وألقى الأمين العام للحزب الشيوعي حنا غريب، كلمة، قال فيها: «اعتصامنا اليوم رفضاً للطائفيّة والمذهبيّة، التي تنهب خيرات البلد والفقراء، والتي تعتمد سياسات اقتصادية واجتماعية أفقرت اللبنانيّين، وألزمت البلد بهذه المديونيّة. اليوم، نجدّد ونطلق هذا الموقف السياسي الاجتماعي نعم للتغيير الديمقراطي. نعم لبناء دولة وطنية ديمقراطية، دولة مقاومة ضدّ «إسرائيل» وضدّ الإرهاب وضدّ حيتان المال أيضاً».

وأكّد «أنّنا سنناضل تحت العناوين الأربعة: لا للضرائب المباشرة على الفقراء، نعم لإقرار الحقوق بسلسلة الرتب والرواتب، إسقاط كافّة البنود التخريبيّة التي أقرّت بباريس 3، والتي هي تعليمات البنك الدولي وصندوق النقد لدولي، لا لقانون المستأجرين الذين ضربوهم، نعم لإسقاط هذا القانون، نعم لإحقاق الحق لأصحابه».

ودعا الناشطين إلى توحيد مواقفهم وصفوفهم وتشكيل قيادة موحّدة وفعّالة.

بعدها، توجّه المعتصمون في مسيرة إلى ساحة رياض الصلح، للتجمّع أمام مبنى جمعيّة المصارف.

مواقف

وفي المواقف، قال رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير المهجرين طلال أرسلان، خلال استقباله وفوداً رسميّة وشعبيّة في السراي الأرسلانية الشويفات: «هناك حفلة تكاذب على المواطنين تفاجأت بها، ولم أشهد لها مثيلاً منذ اليوم الأول من عملي في الشأن العام. لقد تمّ توزيع سلسلة من الضرائب عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أنّ الدولة فرضتها في مجلس النوّاب، ولقد وصلني نموذج عنها على هاتفي الخاص، وطبعاً سُئلت من قِبل كثيرين هل نحن أقرّينا مثل هذه الزيادة والضرائب التي تطال المواطن. للوهلة الأولى ذهبت بعاطفتي، وكأنّ تلك الضرائب قد فُرضت حقيقة رغم أنّ مثل هذه الضرائب لم تُطرح في مجلس الوزراء. لقد تنامى لنا أنّ الدولة ستضع ضريبة على البنزين وعلى رغيف الخبز وعلى المازوت، هذا بمجمله كلام غير صحيح. إنّ الحملة المقامة حول هذاالموضوع حملة تكاذب وكاذبة بِامتياز. إنّ هذا مؤشّر خطير، نحن مسؤولون ولا نرضى بغشّ الناس بهذا الشكل».

أضاف: «السلسة لم تطير كما يُقال، أو كما يظنّ البعض. هناك إساءة للدولة بما تمثّل من خلال كلّ هذه الحملات، فالسلسلة مبلغها مؤمّن وهي مُحالة إلى المجلس النيابي الذي يبحث فيها، مع سلسلة من الواردات للخزينة لتغطية حجم السلسلة، وقسم من العجز المالي الذي منيت به الدولة نتيجة تراكمات طويلة عريضة».

وتابع: «ستوزّع علينا يوم الاثنين اليوم من قِبل وزير المالية الصيغة النهائيّة، وسيكون اجتماع بين الرئيسين الحريري وبرّي لعقد جلسة للمجلس النيابي لمتابعة ملف السلسلة. ولا أحد يتسرّع، ولننتظر ماذا سيصدر وما هي الضرائب المحدّدة».

بدوره، رأى عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي عسيران، أنّ الظروف العامّة في البلاد «تستدعي اجتماعاً طارئاً للحكومة لأخذ التدابير في كيفيّة التعاطي مع الظروف التي نعيشها جميعاً، أكانت في الداخل أم في الخارج».

وقال: «إنّ الظرف يستدعي خريطة طريق كما طرح الرئيس نبيه برّي، ليعود لبنان إلى صفاء الحياة، إنّنا قد نكون خونة لأنفسنا نحن جميعاً إذا لم نلملم أمورنا ونجد لها الحلول الصائبة».

وأعلن «المؤتمر الشعبي اللبناني»، في بيان، أنّ رئيسه كمال شاتيلا شارك على رأس وفد كبير من «المؤتمر» وأعضاء «اتحاد الشباب الوطني»، في التظاهرة الشعبيّة في رياض الصلح بوسط بيروت.

وقال شاتيلا: «إنّ تظاهرات اليوم هي صرخة تحذير مدوّية أطلقها الشعب الذي يئنّ من ضائقة معيشيّة لم يشهدها لبنان حتى خلال الحرب، وبداية هامّة لإسقاط حكم طبقة المافيات والمصارف والفاسدين الذين لم يرتووا من سرقة أموال الشعب، ولا يخجلون من فرض ضرائب جائرة مستغلّين حقّ الموظفين والعسكريّين والمعلّمين في سلسلة رتب ورواتب جديدة طال انتظارها».

بدوره، قال رئيس حركة «الشعب» إبراهيم الحلبي، إنّ «الطبقة السياسيّة المتحكمة بالبلاد والعباد ما زالت تمعن في سياسة التشاطر على المواطنين، في تقاذف التهم وتحميل بعضها بعضاً المسؤولية في عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب، وإطلاق الحجج الواهية حول ضرورة تمويل السلسلة عبر فرض ضرائب لا بُدّ منها»، وأكّد أنّ «السلسلة حقّ مطلبي وطبيعي وضروري لأكثر من 250 ألف موظف في القطاع العام، ويجب فرض إقرارها لحلّ معاناة جزء من الشعب اللبناني، الذي ينتظر هذا الحق منذ العام 1992»، معتبراً أنّ «وقف الهدْر والسرقات في المؤسسات الرسمية وحده قادر على التمويل».

وصف الأمين العام للتيّار الأسعدي المحامي معن الأسعد، «ما حصل في جلسة مجلس النوّاب بمهزلة المهازل، وبوقاحة الطبقة السياسيّة الحاكمة»، معتبراً أنّ «ما تذرّعت به لتطيير الجلسة مجرّد أوهام، وعن سابق إصرار وتصميم من هذه الطبقة». ودعا السلطة إلى «تقديم استقالتها في مواقعها السلطويّة».

ولفتَ الحكومة في تصريح، إلى أنّ «زيادة ما نسبته 1 على المصارف والشركات الماليّة والعقاريّة العملاقة وأرباح سندات الخزينة يكفي لتمويل السلسلة وسدّ ديون لبنان، من دون الحاجة إلى فرض ضرائب على المواطنين الذين يعانون أساساً من القلّة والحرمان».

وسأل عن «مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حيال ما يحصل، وأين أصبح خطاب القسم، وكيف أصبح التيّار الوطني الحرّ من أكثر الموافقين على الضرائب؟ وأين الإصلاح والتغيير والمحاسبة، وهل الذي يحصل هدفه إعطاء براءات ذمّة للعهود والحكومات المتعاقبة عن الصفقات والسمسرات؟».

وأمل من مجلس القضاء الأعلى والاتحادات والنقابات «عدم القبول بالرشاوى مقابل السكوت، لأنّ الهيكل إذا سقط سيطال الجميع»، مؤكّداً أنّ «السلطة من خلال تعسّفها أدركت أنّها وصلت إلى خطّ نهاية الحكومة، وبدأت تستهدف حرّاس النظام من القضاة والقوى الأمنيّة».

ودعت «حركة التوحيد الإسلامي» الحكومة والمجلس إلى «الاستماع لصرخة الشعب المحقّة بخصوص وقف الهدر والفساد، والعمل على تحقيق التنمية ومعالجة الشأن الاقتصادي الاجتماعي الضاغط، ففرض الضرائب والتهرّب من إقرار السلسلة يُسيئان إلى هيبة الدولة وكرامة المواطن».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى