مواجهة أميركية ـ إيرانية على الجغرافية السورية…
محمد صادق الحسيني
كل التقارير الميدانية والاستخبارية الواردة من ميادين الصراع بين محورنا ومحور العدوان تفيد بأن إدارة ترامب بدأت بهجوم مضاد تؤسس فيه لما بعد تطهير سورية والعراق من الإرهاب.. وأن حرب السيطرة على خطوط النفط والغاز تعود الى الواجهة من جديد، كما بدأت قبل نحو ست سنوات في الحملة الامبريالية الرجعية على سورية الأسد، سورية المقاومة والثبات…
وإليكم أهم معطيات ما يجري من ارض الميدان وصالونات وأروقة الحرب الخفية:
أولاً: ينص أمر العمليات المركزي الصادر أخيراً عن البنتاغون الى قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي أي المسؤولة عن الشرق الأوسط باتخاذ الإجراءات كافة وتفعيل التنظيمات كافة القوى الرديفة إن كانت في سورية من داعش الى النصرة الى جيش العزة – في حماة -…. أو على سائر الجبهات لإنهاء الهدنة التي اتفق عليها في أستانة وقبل أستانة.
ثانياً: موضوع التصعيد الحاصل على الجبهات كلها ليس مرتبطاً بمؤتمر جنيف فحسب، وإنما هو قرار استراتيجي أميركي له أهداف مستقبلية لا تختلف عن أهداف الإدارة الأميركية والناتو في سنوات 2012/2013، أي إسقاط الدولة الوطنية السورية والسيطرة عليها وإخراجها من محور المقاومة…
ثالثاً: في هذا الإطار صدرت الأوامر لأذناب الولايات المتحدة في المنطقة، العدو الصهيوني الغارة الجوية الفاشلة ، الاردن درعا والتحرّك الهجومي الدائر الآن في منطقة جوبر/ القابون وحي المنشية في درعا ، السعودية، تركيا… جبهة ريف حماة ، نقول صدرت لهم الأوامر باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لدعم المسلحين كل في مناطق اختصاصه.
رابعاً: وفي الإطار نفسه أيضاً طلب الرئيس الأميركي يوم أمس، من رئيس الوزراء العراقي أن يعمل على تحجيم دور الحشد الشعبي في المعارك ضد داعش وإلغاء القوانين التي تعتبر الحشد الشعبي جزءاً من القوات المسلحة العراقية.
خامساً: أميركا عائدة للعراق للانتشار في جميع القواعد وبموافقة رسمية، كما تتمنى وتخطط وضمن الإطار الاستراتيجي وربط العراق بالأمن القومي الأميركي الإسرائيلي ..
سادساً: استبدال بايدن بوزير الدفاع ماتيس هو القائد الأعلى في العراق والموجّه إلى الحكومة العراقية للسنوات المقبلة…
سابعاً: ما تبقى من معركة الموصل قضية أميركية وسوف تُحسم بالطريقة الأميركية… مع رفض أميركي للكشف عن تلك الطريقة والخطة وتوقيتاتها…!
مع أن أميركا تعرف أن أحرار العراق والحشد الشعبي سيكونون لها بالمرصاد..
ثامناً: ألمحت إدارة ترامب إلى العبادي عن خطة أميركية لنزول قوات أميركية خلف الحدود السورية مع حرية حركتها داخل الأراضي العراقية… وسوف يكون ذلك الشريط تحت الهيمنة الأميركية ضمن خطة عدم ترك سورية لروسيا ولتطبيق خطة خنق إيران وتفتيت نفوذها من اليمن مروراً بالعراق وسورية وبتمويل خليجي ودعم عراقي عند الطلب.
ويأتي هذا في إطار مخطط أميركي ترامبي يفيد بضرورة ما يسمّيه بأمر إنهاء وجدولة أدوات إيران ومجسّاتها في العراق، والكفيلة برأيه بتفكيك منظومتها من الساسة والقادة والجماعات والشبكات الاقتصادية والاستخبارية في العراق.. لتنتهي بتغيير المزاج السياسي والاقتصادي والثقافي في العراق…!
وأما في سياق حرب النفوذ الاقتصادي وخطوط الطاقة فالخطة الأميركية تقضي بـ:
أولاً: أن تقوم الجهات الأميركية المختصة بتكثيف جهودها البديلة لإمكانية إسقاط الدولة السورية، تلك الجهود المتمثلة بالسيطرة على شمال شرق وشمال سورية ضمن خطة قطع التواصل الاستراتيجي البري بين إيران وسورية….
ثانياً: تأتي عملية الإنزال الأميركيه في قرية ابو هريره في ريف الطبقة، ضمن هذه الجهود الهادفة ليس فقط الى قطع التواصل بين طهران ودمشق براً في مواجهة الجيش العربي السوري وحزب الله فحسب، وإنما تتعدى ذلك إلى إيران.
ثالثاً: أما كلمة السر لتفسير هذا الترابط او هذه العلاقة بين عمليات القوات الأميركية وعملائها في الشرق السوري القوات الكردية السورية وقوات البيشمرغة التي سيتم استقدامها الى شمال شرق سورية لاحقاً، بالإضافة الى بعض التشكيلات الميليشياوية من عشائر المنطقة وبتمويل إماراتي .. نقول إن كلمة السر تتمثل في اعلان سماحة الإمام السيد علي خامنئي في احتفالات عيد النوروز يوم أمس حين أعلن أن لدى إيران أكبر احتياطي نفط وغاز في العالم…
رابعاً: أي أن الهدف الأميركي يتمثل أيضاً في منع إيران من تصدير الغاز والنفط الإيرانيين الى أوروبا عبر خطوط أنابيب تمر في الأراضي العراقية والسورية وصولاً الى البحر الأبيض المتوسط. وكما يفيد البعض هنا بأن هذا قد يكون أحد أسباب فكرة إقامة قاعدة بحرية في طرطوس، كما ورد في الأنباء قبل فترة، أي تقديم الدعم اللوجستي لمنشآت النفط والغاز المستقبلية .
خامساً: أما عن أسباب أزمة الوجود الأميركي في الشرق السوري فلا بدّ من العودة الى يوم 13/6/2016 عندما كان الجيش السوري والحلفاء في محيط قرية صفيان على بعد خمسة عشر كيلومتراً من مطار الطبقة.
حيث تمت توافقات روسية مع الأميركيين لوقف اندفاعة الجيش السوري يومها لمنعه من الوصول الى الرقة، ما ساهم عملياً في تعويق استعادة كوريدور التواصل الأرضي بين طهران ودمشق.
والخطوة الروسية قد تفهم على أنها في إطار تحجيم المنافس الكبير والمهم جداً للغاز الروسي في أوروبا، ألا وهو الطرف الإيراني.
البعض يفسّر التوافق الروسي مع واشنطن على ما يجري في منطقة الجزيرة السورية على أنه تتقاطع مصالح استراتيجي بين الطرفين هناك.
سادساً: قد يطرح البعض هذا السؤال، عما إذا كان هذا الكلام واقعياً، خاصة أن إيران هي حليف مهم لروسيا…؟ فإننا نقول:
نعم إن ذلك ممكن أي تقاطع مصالح موسكو مع واشنطن ومنع وصول الغاز الإيراني الى أوروبا عبر سورية ، خاصة أن روسيا ليست مضطرة للتخلي عن تحالفها مع إيران، وإنما سيأخذ الغاز وسيلة لزيادة اعتماد إيران على روسيا اقتصادياً.
حيث ستقوم روسيا بالتفكير جدياً بشراء احتياط إيران من النفط والغاز كله كما فعلت مع تركمانستان وتقوم هي روسيا بتسويقه في أوروبا عبر شبكات الغاز الروسية طبعاً، هذا لا يعني أن إيران متساوقة مع الروس في هذا الأمر بتاتاً.
كما أن روسيا تهدف من وراء ذلك الى زيادة اعتماد الصين على إمدادات الطاقة من روسيا مستقبلاً اتفاقية الـ 400 مليار يُضاف اليها الغاز والنفط الإيرانيان ، حيث انها ستكون هي المزود الأساسي للسوق الصينية بمصادر الطاقة وليس السعودية وقطر وهنا يتجلى غباء السعوديين وملحقاتهم .
في الختام نستطيع القول بأن ما يجري على الأرض السورية من عدوان دولي أو حرب كونية، إنما هو حرب اقتصادية هيمنية بامتياز، ولا علاقة للأديان او الطوائف او المذاهب او غير ذلك، كما يروّج الأعداء الدوليون والإقليميون والمرجفون في المدينة من أُجراء مشغلين للدواعش وإخوانهم بالمال الإعرابي والخديعة والتضليل السلجوقي الأردوغاني…!
كانت تلك حسابات الأميركيين بإمكانياتهم الحربية الواسعة وأدواتهم الرجعية المتسلحة بالبترودولار في الاشهر المقبلة، وهي حسابات دونها أمة شاهد وشهيد التي ستحول كل إمكاناتهم الجبارة تلك الى كومة حديد من خلال عنصري المفاجأة البشرية والربانية اللامحدودة…
لأن القوة التي تمّ إنزالها جواً الأميركية الكردية ليل الثلاثاء الفائت في محيط مطار الطبقة أبو هريرة ، كما تؤكد مصادرنا، لن تكون قادرة على وقف اندفاعة الجيش العربي السوري وحلفائه عندما تحين ساعة الصفر لبدء عملية تحرير الرقة…
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
بعدنا طيّبين قولوا الله.