لـ«إسرائيل» نقول الجولان لسورية عنوان ولن يُباع بأموال العربان وسنردّ عنه العدوان
اياد موصللي
وكيل وزير الخارجية الاسرائيلية يطالب العالم بأن يعترف بالجولان «جزءاً من إسرائيل». ففي تصريح أدلى به مايكل أورين قال: «حان الوقت لأن يعترف العالم بالجولان جزءاً من إسرائيل…»
ذكرني هذا الكلام الذي يظهر اهتمام الصهيونية بالرأي العام ومطالبتها باعتراف العالم باغتصابها وعدوانها واحتلالها.. ذكرني بقول للمرحوم سعيد تقي الدين: «أفصح ما تكون القحباء عندما تحاضر بالعفاف…»
يتساءل وكيل وزير الخارجية عن انّ الوقت قد حان لأن يعطي العالم براءة ذمة للكيان الإسرائيلي عن حقوق طبيعية في الجولان. كما سبق أن أعطاها حقوقاً مزعومة في فلسطين…!
«إسرائيل» لا تنتظر اعترافات وموافقات العالم بأعمالها وأفعالها واغتصاباتها ولكنها تكشر بين فترة وأخرى لتوهم العالم أنها دولة قانونية اصولية..
يقول البيت الشعري المأثور: «إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنّن ان الليث يبتسم» لأنه يستعدّ لأن يلتهم.. هذا التصريح مقدمة لخطوة من خطوات الضمّ والهضم..
يقول سعاده: «انّ خطر اليهود لا ينحصر في فلسطين، بل يتناول لبنان والشام والعراق ايضاً، لا لن يكتفي اليهود بالاستيلاء على فلسطين، فلسطين لا تكفي لإسكان ملايين اليهود، الذين أثاروا عليهم الأمم النازلين في أوطانها وهم منذ اليوم يقولون: «الحمد الله» أننا أصبحنا نقدر ان نمارس الرياضة الشتوية في أرض اسرائيل ويعني التزحلق على الثلج في لبنان، فليدرك اللبنانيون ما هي الأخطار التي تهدّد الشعب اللبناني».
وكرّر التحذير في عام 1947 اذ قال: «لعلكم ستسمعون من سيقول لكم انّ إنقاذ فلسطين، امر لا دخل للبنان فيه. انّ إنقاذ فلسطين امر لبناني في الصميم كما هو أمر فلسطيني في الصميم كما هو أمر شامي في الصميم، انّ الخطر اليهودي على فلسطين هو خطر على سورية كلها. كلمتي اليكم هي العودة الى ساحة الجهاد».
انّ هدف «إسرائيل» الذي تعمل اليهودية العالمية بأجهزتها السياسية والاقتصادية العلنية والخفية لتحقيقه هو السيطرة على العالم. إنّ ما يجري اليوم هو جزء من ذلك تعمل أميركا جاهدة لتحقيقة تحت شعار «الشرق الأوسط الجديد» فماذا تريد أميركا من حربها هذه، سؤال يعود بنا الى سؤال قبله ما الذي كانت تريده بريطانيا عندما أعطت وعد بلفور؟ وماذا كانت تريد ايطاليا عندما ايدت ذلك الوعد المشؤوم؟ انه المخطط ذاته. المخطط الصهيوني الذي نصب شبكة حول البيت الأبيض الأميركي وأحاطه بـ«لوبي» يرسم السياسة العليا لرؤساء الولايات المتحدة ويدفع بهم الى تنفيذ كلّ ما يؤدّي الى تحقيق الأحلام اليهودية. من إنشاء الدولة الى تدعيم وجودها الى بسط سيطرتها. «إسرائيل» كانت تحلم بأن يكون جنوب لبنان جزءاً من حدودها وعملت جاهدة من أجل تحقيق ذلك وتعثرت جهودها بقوة المقاومة وبطولاتها.. ورغم المحاولات استقرّت حدود «إسرائيل» كما حدّدها قرار التقسيم وما فرضته بالقوة والتمدّد.
تحاول «إسرائيل» اليوم أن تعيد رسم حدودها كما هي في وعد ربها لها كما تزعم. وترسمها سياسياً إنْ لم ترسمها جغرافياً. «الشرق الأوسط الجديد» والذي قالت وزيرة خارجية أميركا السابقة كونداليسا رايس في عز حرب تموز 2006 «إنّ ما يجري في لبنان اليوم هو مخاض ولادة». انه نفس مشروع «أرضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل» وضبط الحدود بين لبنان و«إسرائيل» كما تحلم «إسرائيل» هو جزء من هذا المخطط.
فضبط الحدود الدولية ونشر السيطرة هو الهدف الرئيس في العمل الحالي للسلطة في الكيان الاسرائيلي.. جرّبت وحاولت في لبنان فوجدت الردّ وتلقت الصفعة وتحاول الآن إنهاء الوضع في حدودها مع الشام.. وما جرى ويجري من أعمال تخريبية تدميرية تغذيها تركيا وقطر والسعودية ما هو إلا جزء أساسي في هذا المشروع.. إشغال الشام وتدمير بناها ونشر الرعب في أرجائها ظنّت «إسرائيل» إنه أمر سوف ينجح في التمهيد لمشروعها المعدّ والمحضّر.. وستفشل في الشام كما فشلت في لبنان.. ففي الاعتقاد «انّ الجنوب اللبناني جزء من ايرتس إسرائيل ، وانّ حرب 1982 اعادت ممتلكات سبطي نفتالي، وأَشير الى حدود «إسرائيل»، وفي الشهر نفسه ردّد متطرفون يهود الادّعاء ذاته في كتاب بعنوان «هذا الجبل الطيب» لبنان، وأعلن الحاخامون يعقوب اربيئيل ودوف ليثور ويسرائيل اريئيل، اضافة الى متطرفين آخرين، انّ الجنوب اللبناني انما هو من أراضي اسباط زيولون وأشير ونفتالي الاسرائيلية وذهب يسرائيل اريتئيل الى أبعد من ذلك مؤكداً انّ حدود ارض إسرائيل تشمل لبنان حتى طرابلس في الشمال وسيناء وسورية وجزءاً من العراق وحتى جزءاً من الكويت. ودعا في الشهر نفسه الى ضمّ واستيطان معظم أرض لبنان وعاصمته بيروت الى «إسرائيل» مهما يكن الثمن.
بيروت هي جزء من «أرض اسرائيل» كما تدّعي ولا إشكال حول هذا، وبما «انّ لبنان جزء من أرض اسرائيل يجب التصريح بأن لا نية لنا بالمغادرة يجب ان يعلن ان لبنان هو لحم من لحمنا مثل ما هي تل ابيب وحيفا. واننا نفعل هذا باسم حق السلطة الخلقية الممنوحة لنا في التوراة. وكان على قادتنا دخول لبنان وبيروت مهما يكن الثمن من دون اعتبار لإصاباتنا، لأننا نتكلم عن انتزاع ارض اسرائيل يجب تحويل مياه الليطاني فوراً الى نهر الاردن».
كما صرّح أربعون حاخاماً اميركياً جيء بهم الى التلال المحيطة ببيروت لرؤية العاصمة اللبنانية التي كان الجيش الاسرائيلي يحاصرها ويقصفها. ان عملية سلامة الجليل كانت من وجهة النظر اليهودية حرباً محقة وحرباً مأمور بها او حرباً الزامية، وأوحى الحاخام م.ج. دافيد بليتش وهو عالم يهودي أميركي بارز بأنّ مقطعاً شعرياً من نشيد الأناشيد التوراني يؤيد الاستيلاء على الجنوب اللبناني وفسّر هذا بأنه خطوة اخرى نحو الاسترداد الكامل.
فإذا تتبّعنا ما أورده اليهود في مذكراتهم الى مؤتمر الصلح في 3 شباط/ فبراير 1919، وما جاء في مذكرات وايزمن نرى أنّ نقطة الارتكاز عند الصهيونيين كانت في مؤتمر الصلح في باريس عام 1920 هي أن يحققوا مطلبين كبيرين:
ـ الحصول على حدود الوطن القومي وفق ما طلبوا في مذكراتهم المقدمة في 3 شباط/ فبراير 1919.
ـ فإذا لم يحصلوا على تلك الحدود فعلى الأقلّ يحصلون على الليطاني وعلى وادي اليرموك الأسفل.
فماذا بقي من حلم اسرائيل من الفرات الى النيل لم يتحقق؟ بشريط حدودي مترابط متواصل عبر لبنان لان في تحقيق الجزء المتعلق بلبنان تأمين لتحقيق القسم المتعلق بسورية بعد أن تمت السيطرة على العراق «الفرات» وبدأ العمل على تقسيمه وتجزئته بغرس بذور الفتنة بين ابنائه وشراء العقارات وانشاء شبكات خفية للسيطرة على البلاد بأشكال وأساليب شتى خاصة في قراقوش.. وضواحي الموصل وزاخو.
بسقوط لبنان واقامة حكومة وكيلة يسهل اسقاط سورية عبر التسلل من العراق ومن لبنان ويتم عندئذ «أرضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل « حيث تبدأ سيطرة المالك الجديد عبر حكومات وكيلة أشد طاعة من وكلاء اليوم ويكون سيدهم أكثر سلطة ونفوذا وبطشا وسيبدأ العهد الجديد أو الشرق الاوسط الجديد في ظل سلطة اسرائيلية من الفرات الى النيل…
إذا عدنا الى البروتوكول الثاني من بروتوكولات حكماء صهيون وقرأناه بتمعن توضحت لنا صورة المخطط الإداري الصهبوني للسيطرة على البلاد المجاورة ووضعها تحت هيمنتها، فقد جاء فيه:
«إن غرضنا الذي نسعى إليه يحتم أن تنتهي الحرب بلا تغيير حدود ولا توسع اقليمي، وينبغي تطبيق هذا ما أمكن فإذا جرى الامر على هذا قدر المستطاع تحولت الحرب الى صعيد اقتصادي وهنا لامفر من أن تدرك الامم من خلال ما نقدم من مساعدات، ما لنا من قوة التغليب، تغليب فريق على آخر، ومن التفوق وفوز اليد العليا الخفية.
وهذا الوضع من شأنه أن يجعل الفريقين تحت رحمة عملائنا الدوليين الذين يملكون ملايين العيون اليقظة التي لاتنام. ولهم مجال مطلق يعملون فيه بلا قيد. وحينئذ تقوى حقوقنا الدولية العامة على الحقوق القومية الخاصة في نطاق المعنى المألوف لكلمة حق. فيتسنى لنا أن نحكم الشعوب بهذه الحقوق تماما كما تحكم الدول رعاياها بالقانون المدني داخل حدودها.»
انها المحاولات التي شهدناها في كثير من المحافل الدولية وآخرها ماحاولت أميركا تحقيقه مؤخرا عبر مشروعها الفاشل والساقط في مجلس الامن. كلها صور حية لمحاولة تحقيق ما رسمته اسرائيل من توسع اقليمي عبر وسائل غير عسكرية. ولهذا يطالب وكيل وزير الخارجية الاسرائيلي العالم بأن يعترف بضم الجولان باعتبارها جزء اساسي من اسرائيل.
كل الحسابات ضبطت بدقة حتى أن أدوار كل حكومة وكيلة من حكومات العمالة العربية أنيط بها دور، ولكن ما لم يضبط هو أن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر وكانت المقاومة اللبنانية هي الرقم الصعب الذي لم يتماشى في عملية الطرح والضرب والقسمة ولكنه كان الرقم الاساس في عملية الجمع فأجهض كل المخططات والمخاضات وولدت كوندا ليسا رايس «فأراً» لأنها لا تقرأ جيدا. كما ان الشام منذ ان نشأت المسألة الفلسطينية وهي صوتها الحق وسيفها ودرعها الصادم. لقد اعطت سورية بكل تفرعاتها من لبنان والشام والعراق والاردن وفلسطين كل طاقاتها من اجل حماية الارض.. ولكن المؤامرات الدولية بما فيها العربية استطاعت ان تفسح المجال امام اسرائيل لتحقيق جزء من حلمها..
فلبنان بمقاومته افشل احد فصول هذا المشروع والشام التي اعطت من الشهداء في الجولان والجليل وبحيرة الحولة وامتدادها ما لا يعد ولا يحصى..
وعبر اهالي الجولان بأجمعهم عن تصميمهم على مجابهة العدوان متمسكين بأرضهم وانتمائهم.. وهم على ايمانهم التام واعون قضيتهم بكامل خطورتها لا يخافون الحرب وسيفشلون الفشل..
وهم ينشدون دائماً:
الجولان حرة وابية
درع سوريا الفتية
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر