إلى بيار بويري في ذكرى أربعينه
محمد حمية
أربعون يوماً يرقد ميتاً على رجاء القيامة. أربعون يوماً وهو في حضرة الموت، لكنّ حضوره في الوجدان عصيّ على الغياب، هو حاضر بكلّ ما أوتي من نبل وعطاء. أيامه لم تعرف هدأة ولا سكينة، كان مفعماً بالحياة، مسكوناً بـ«فوضى» من نوع آخر.
بيار بويري فوضويّ بامتياز، إن صادقكَ صدقكَ، لا يعرف كلّ أشكال المجاملة، هو كحدّ السيف، يقول كلمة الحق، ولا يمشي، لكنه مشى عن سبق قضاء وقدر.
الذين يعرفون بيار، يعرفون فيه إنساناً محبّاً وكريماً، منفتحاً ومتسامحاً، صلباً وليناً في آن، لا يتعب ولا يكلّ، ممتلئاً صدقاً ووفاءً، هو الصديق بحق في أزمنة الضيق، لم يضلّ طيلة حياته طريق الخير ولم يتأخر عن عطاء، هو في طبعه وطبيعته نصير الحق، وكان حاسماً جازماً أنّ مقاومة الاحتلال «الإسرائيلي» حقّ، لذا كان مندفعاً في هذا الاتجاه، بحواراته، وبماله.
من يعرفون بيار عن قرب، يدركون أنّ في هذه الحياة أشخاصاً بمراتب أخلاقية وإنسانية عليا تجعلهم يسكنون الروح والذاكرة، وتبقى صورهم راسخة وسيرهم عطرة على مرّ السنوات.
لكَ عزيزي بيار في ذكرى أربعينك تحية ملؤها الوفاء.
وداعاً أيها الصديق الصدوق، رحلت جسداً ليبقى حضورك أفعالاً لا تمحوها السنون، ويظلّ طيفك حاضراً عند كلّ لحظة فرح، فمن يعرفون معنى الحياة لا يرحلون عنها، لأنهم سرّ استمرارها الى ذلك العالم السرمدي.
رئيس معهد الدراسات الدولية ـ بيروت