واشنطن تصرّ على استخدام «الأوراق المحروقة»
معن حمية
الاتفاق بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية على وقف إطلاق النار في منطقة جنوب سورية، لا يعني أنّ واشنطن بدأت تسير في اتجاه معاكس للطريق التي سلكته منذ بدء الحرب على سورية، ولا يعني أنّ هناك تعديلاً قد طرأ على الخطط الأميركية الموضوعة للمنطقة، لأنّ التعديل الجوهري والحقيقي يحصل عندما تتحمّل الولايات المتحدة الأميركية مسؤولياتها كاملة، وتحارب الإرهاب جدياً، من دون أية مناورات.
حتى الآن لم تقدّم واشنطن أدلة جدية تشي بأنها عازمة على لعب دور فاعل وحاسم في الحرب على الإرهاب، فهي مَن وظّف الإرهاب لتحقيق مصالحها ومصالح حلفائها، وهذا لم يعد أمراً خافياً، خصوصاً أنّ تحالفات واشنطن تضمّ دولاً إقليمية وعربية، بعضها يتبنّى على الملأ حركة الإخوان المسلمين بكلّ تفرّعاتها وتسمياتها، وبعضها الآخر قدّم كلّ أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية لا سيما «داعش» و«النصرة» وأخواتهما.
لذا، فإنّ الحديث عن أنّ الولايات المتحدة الأميركية تبدي مرونة حيال الاتجاه الذي يرمي إلى تغليب المسارات السياسية على المسارات العسكرية، حديث فيه مجازفة، فلو استطاعت واشنطن أن تضمن بقاء «داعش» في مدينة الموصل العراقية لأكبر فترة ممكنة، لفعلت، لكن إصرار العراقيين على القتال، عجّل في هزيمة «داعش» وسقوط دولة الخلافة ـ الخرافة.
بإصرارها على استخدام الأوراق المحروقة، كورقة الكيماوي التي تستخدمها ضدّ سورية، تؤكد واشنطن أنها مستمرة في دعم الحرب الإرهابية على سورية، وأنها لا تحبّذ نهاية قريبة لهذه الحرب، طالما لم تتحقق مصالحها ومصالح حلفائها كلّها.
أمس الأول أعاد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي أي إيه» مايك بومبيو تأكيد زعم أنّ الضربة الصاروخية التي وجهتها بلاده إلى مطار الشعيرات السوري، جاءت استناداً إلى أدلة «دامغة» حول أحداث خان شيخون تمّ جمعها خلال يوم واحد!
تصريح سرعان ما ردّت عليه موسكو، بلسان مدير قسم عدم الانتشار والرقابة على الأسلحة بوزارة الخارجية الروسية ميخائيل أوليانو، الذي اعتبر أنّ إعلان الولايات المتحدة عن «دليل ملموس»، على استخدام الحكومة السورية لأسلحة كيميائية في خان شيخون، مجرد اتهامات ليس لها مصداقية. وتحمّل موسكو دائماً واشنطن المسؤولية جراء امتناعها عن إجراء عمليات تفتيش لمطار الشعيرات، برغم إصرار سورية وروسيا على إجراء تحقيق بهذا الخصوص.
وعليه فإنّ ما بات مؤكداً، أنّ الجانب الأميركي لا يزال يراوغ، وهو ليس على استعداد لمجاراة المسارات السياسية، لأنه لا يزال يراهن على إمكانية تبدّل وقائع الميدان لصالح أدواته وهذه أضغاث أحلام…
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي