الحريري إلى واشنطن هل حمل رسالة من ولي العهد السعودي؟
روزانا رمّال
بدون ادنى شك , كل شيء تغير.. هي روحية التعاطي الاميريكي مع لبنان و اللبنانيين و طريقة حياكة السياسة المتشابكة وارسال الرسائل وكأنه اعلان غير مباشر عن رسمة جديدة لخريطة الطريق الشرق اوسطية بالعيون الاميريكية , الملفات الكبرى بعناوينها العريضة تتابعها واشنطن عن كثب من بيروت كيف لا و في لبنان « حزب الله « الذي يقلق الحليف الاهم في المنطقة « اسرائيل « كل هذا بدون ان يتصدر الملف اللبناني منبر البيت الابيض وكراسات الناطق باسمه بعد ان كان حاضرا في خطابات الرئيس الاميريكي الاسبق جورج دبليو بوش صبحا و عشية .
المرحلة التي عايشها الرئيس فؤاد السنيورة مع الاميرييكيين كانت استثنائية بكل ما لها من معنى, ربما لم يحظى اي رئيس حكومة عربية باهتمام اميربكي من هذا النوع على مدار الساعة وقد توافق ذلك مع سفير اميريكي استثنائي ايضا افرزته الخارجية الاميريكية لتأدية المهمة في بيروت هو السفير جيفري فيلتمان كيف لا والمشروع الاميريكي الثاني بعد العراق كان لبنان , كيف لا وثورة «الارز « لم تكن الا ثاني غصون الربيع العربي في المنطقة .
الذي تغير اليوم تتقصد واشنطن ربما معاينته او ملاحظته لبنانيا بشكل» بديهي» معيوش في السياسة اللبنانية والحركة اليومية فهي التي خصصت للبنان اكثر من سفير بعد جيفري فيلتمان الدبلوماسي الفذ , قلصت نشاطها المباشر الذي عايشه فريق سياسي عريض حينها كالرابع عشر من اذار حتى خفت ليصبح اليوم السفير الاميريكي محط تساؤل عن نشاطه العلني الذي تحرص الولايات المتحدة على اثباته كوجود و حضور لمشروع ما فيه دون ان يعني ذلك ان النشاط الدبلوماسي و السياسي للاميريكيين قد توقف او تراجع في بيروت .
الاشارات السياسية التي تعمد الولايات المتحدة ارسالها بدء من نشاط تمثيلها السياسي و حجم اللقائات المعقودة علنيا كرسائل لخصومها المحليين تنبئ بالتغيير المعيوش وهو الامر الذي بات الرئيس الحالي سعد الحريري يدركه تماما.
بات معروفا ان تحديد لقاء بين الرئيس الاميريكي دونالد ترامب بالرئيس سعد الحريري في 25 تموز لم يكن سهلا فترامب الذي لم يستجب منذ شهر اذار الماضي لتخصيص لقاء مباشر مع الحريري مستعيضا عن ذلك باقتراح نائبه او احد الفاعلين بادارته لا يبدو انه يفرد حيزا هاما لارسال رسائل للداخل اللبناني و يعني بالمباشر ان امكانية التغيير في لبنان او اعادة عقارب الساعة الى الوراء كما كانت عشية عام 2005 لم يعد واردا وان واشنطن تعرف جيدا ان خصومها اليوم نجحوا في التاسيس لشكل جديد من التوازنات هي نفسها التي اتت بمرشح حزب الله ميشال عون لرئاسة الجمهورية .
لم يعد بالنسبة لابن الرئيس رفيق الحريري الرئيس الاميريكي هو «الصديق» الذي تعود الحريري على حفاوة اميريكية معينة لدى استقباله هي نفسها الحفاوة التي يحظى بها لدى طلبه موعدا للقاء اي رئيس دولة , هي هالة رفيق الحريري التي ورثها عنه و تسلح بها للقاء رؤساء العالم خصوصا الفرنسيين , يشعر الحريري بدون ادنى شك ان هذا تغير بدء من الدولة الحاضنة المملكة العربية السعودية التي اختلف تعاطيها معه على الرغم من تصحيح علاقته فيها بعد ان صار ولي العهد هو الامير محمد بن سلمان .
قبل زيارة الحريري الى واشنطن , كان لا بد من زيارة الى « جدة» و لقاء الامير محمد بن سلمان حرصا من الحريري على تثبيت المرجعية العربية الحليفة الاولى للاميريكيين اليوم اولا وعملا على حمل رسالة السعوديين المشتركة الى ترامب خصوصا و ان الحريري ينطلق باتجاه الاميريكيين وهو شريك لحزب الله بالحكومة اللبنانية مع توقعات مسبقة ان يحتل ملف الحزب و قتاله في الحدود ابرز وسلاحه ا الحيز الاكبر من ملفات الزيارة حسب مصادر متابعة لـ«البناء» على وقع مطالبات اميريكية خطيرة عبر مندوبة واشنطن بالامم المتحدة تطلب فيها من اليونيفل في لبنان لعب دور باتجاه معالجة الخطر الذي يمثله حزب الله.
زيارة تعارف ضرورية ستكون بين الحريري و ترامب بعد ايام حرص السعوديون على اتمامها يعول عليها الحريري لنسج اول العلاقات المثيرة مع رئيس اميريكي مثل دونالد ترامب واذا كان الحلف الاميريكي السعودي في اوجه فأن مسالة وضع الحريري اعتماداته بيد الاميريكيين اسوة بالرياض ليس الا تحصيلا حاصلا بسياسة المستقبل وهو يعني ان على اللبنانيين انتظار نتائج ما بعد الزيارة لتحليل الابعاد .
الاعتماد الذي سيضعه الحريري بيد الاميريكيين هو نفسه الموضوع بيد السعوديين واذا كان مطلوبا منه التصعيد محليا بوجه حزب الله فان على الحريري شرح موقفه التوافقي الذي لعبت المملكة دورا في انجاحه و التذكير فيه كي يحافظ على فرص العودة رئيسا للحكومة اللبنانية من الباب العريض بعد الانتخابات.
ومن على مشارف معركة عرسال الحدودية يزور رئيس الحكومة اللبنانية الولايات المتحدة الاميريكية التي دعمت الجيش اللبناني بعتاد عسكري من اجل مكافحة الارهاب بدون ان تضع شروطا عليه في تلك المنطقة , تعرف واشنطن ان مسالة التغاضي عن وجود حزب الله على الحدود هو امر مقصود منها وهو نفس التغاضي من السعودية والحريري عنوة حتى لو خرجت تصريحات لا تعدو كونها شكليات لئلا تبعث تساؤلات لا ضرورة لها حاليا.
ازدواجية واضحة و استثمار اميريكي سعودي مشترك للاحداث والمخارج يعطي الحريري هامش التصرف الذي يطبقه بالسياسة المحلية اليومية في بيروت.
زيارة كانت «عادية» للحريري حتى لقائه بمحمد بن سلمان امس الذي عبد له طريق لقاء ترامب وبعدها لمعاينة النتائج.