من دفاتر الذكريات
ضيعتي بإيام الصيف بيضلّ الضباب محاوطها فكيف بالشتوية، بتحس حالك قاعد بغيمة ع طول وبس يبلش كانون بيبلش العذاب الرسمي اللي اسمو الهوا الشرقي، يعني في نُسيمة وفي هبة هوا وفي رياح وعواصف بس اللي عنا غير كل هدول بتحس انه حدا معصب ومُصّر يعملك كفتة او يلولحك بدون توقف. بس يبلش الهوا الشرقي منصير سجناء بالبيوت وحتى الصوبيا نحن اللي مندفيها.
وكنا نفيق الصبح نركض ع الشبابيك اللي مزنرة بنايلون سميك لحتى تخفف شوية هوا، لنتأكد انو لسى بيتنا محلو وما صرنا بتورا بورا وننبسط بس نشوف شجر السنديان تحت البيت لساه واقف عم يقاوم وهاد بيعني انو نحن كمان لسانا هون وخطط الهوا الشرقي فشلت وصح بيكون كسرلنا ورداتنا وخلع كل الشجر الضعيق بس نحن لسانا هون.
كنا نتمسخر ونحن عم نتكتك من البرد انو اعلى ما بخيلك ركبوا نحن مو خايفين لأنو منعرف انه اساس بيتنا متين وكنا نضل نغني رائعة ميخائيل نعيمة: «سقف بيتي حديد. ركن بيتي حجر. فاعصفي يا رياح. وانتحب يا شجر. واسبحي يا غيوم. واهطلي بالمطر». ونتحدّى البرد والرعد والعاصفة بغنيّة وقصة وحضن حنون، وأساس من حجر صوان وجذور عصية ع الاقتلاع، الريح اللي عم تعصف بسورية اقسى من الهوا الشرقي واصعب من الصقيع ومجنونة أكتر من اي شي اختبرناه. بس اساليب التحدي والصمود بتتشابه فكمان عم نتحدى الحرب بغنية وكلمة وضحكة وحب وعم ندافع عن وجودنا بأساس متين وسقف وطن ورصاصة. ومنعرف إنو رح نبقى.
وفاء حسن