شهداءُ كالورد وأجمل…!
نصار إبراهيم
جلست طويلاً… طويلاً أتأمّل قسمات هؤلاء الشهداء.. أحسستُ بتلك الدهشة أمام وجوههم وابتساماتهم حتى غبت فيها تماماً…
هؤلاء هم بعضُ شهداء المقاومة الذين ارتقوا على منحدرات الواجب والشرف في جرود عرسال اللبنانية… شهداء كالورد وأجمل… صبروا… وقاتلوا بصمت… تحمّلوا خطابات الجهل والطائفية المهينة… تجاوزوا الطائفية التي يتمرّغ في أوحالها القذرة ساسةٌ ومثقفون وشيوخٌ وإعلاميون بلا أدنى كرامة أو شرف.
شهداءُ كالورد وأجمل… صبروا.. وصبروا… وصبروا… قاتلوا… وقاتلوا… ورحلوا وهم يبتسمون…
شهداء كالورد وأجمل… حرسوا ثغورَ وعينا وكرامتنا… حرسوا بسمة الأطفال كي لا تصل إليها سكينُ القاتل الجاهل الجبان…
شهداءُ كالورد وأجمل… هم الشهداءُ الأقمار… الذين لا يزال بعضُ سماسرة الأوطان والأديان والنفط والغاز والشركات يواصل العبث بدمائهم… يحدث ذلك في اللحظة ذاتها التي يعرف فيها هذا البعضُ المُسَفَّل أنه يستمتع ويتلذّذ ويواصل حياته بفضل هؤلاء المقاومين الشجعان… وغير ذلك لكانوا هم وأسرهم مفعولاً لكلّ سفالات القتلة باسم الله وباسم جهاد النكاح الذي لا يُقيم اعتباراً لدين أو طفل أو امرأة أو ورجل… يعرفون كلّ هذا، ولكنهم لا يخجلون…
شهداءُ كالورد وأجمل… لهم أمهات وآباء وإخوة وأخوات وأطفال وحبيبات وأصدقاء…
شهداء بعمر الياسمين قبّلوا أيدي أمهاتهم… قبّلوا أرض الوطن… ودّعوا أطفاله… ومضَوْا بكامل وضوحِهم وحسمِهم وبسالتِهم…
قال الشهداءُ: سنذهب إلى كلّ قاتل جبان بكامل إرادتنا… سنكنسُ كلّ ما يلوّث وجهَ هذه الأرض منهم… سنذهب إلى كلّ مأجور جاء ليهين روحَ الإنسان ووجهَ هذا الوطن… سنذهب إليهم في أوكارهم… سنُخرجهم بقوة الفكرة وعنفوان الرصاصة… سنعلّمهم معنى الشجاعة حين تكونَ مسكونة بقيمة الحياة والإنسان… سنعلّمهم أنّ ثقافة الموت والذبح لن تمرّ… وسنكشف كم هم جبناء أمام وضوح الموقف وأمام صولة الرجال.
تأمّلت وجوهَ هؤلاء الشهداء… التي هي كالورد وأجمل… فارتعش قلبي احتراماً… شهداء جميلون وحالمون… صادقون وأوفياء…
قلت: إنّ أمة فيها مثل هؤلاء الشباب… حتماً ستقوم وتنهض… وحينها سنتمنّى لكلّ من تطاول عنقه بسبب بئر نفط، ولكلّ «صبي أو مسؤول» تافه باع روحَه للأعداء… أن يعيش طويلاً طويلاً ليبقى مع عاره وروحِه البائسة.
وتنتصر المقاومة فكرةً وقيمةً ووطناً وإنساناً…