… والمخيمات تنتظر المصالحة الفلسطينية
حسين حمّود
زاد إعلان حركة «حماس» حلّ اللجنة الإدارية التي كانت شكّلتها قبل 11 عاماً في غزة للإشراف على شؤون القطاع، بعيداً من السلطة الفلسطينية في رام الله، جرعة التفاؤل بإنهاء الانقسام الفلسطيني، في ظل التطورات الحاصلة في فلسطين المحتلة والإقليم.
الفلسطينيون يعلقون آمالاً كبيرة على هذه الخطوة التي ساهمت فيها مصر بشكل أساسي، ويتوقعون تخفيف المشاكل الاقتصادية والمالية والحياتية التي يشهدها قطاع غزة بسبب الحصار الذي تفرضه قوّات الاحتلال «الإسرائيلي» عليه منذ سنوات عدّة.
كما أن القيادات والأحزاب والفصائل، متفائلة بأن يؤدي وضع حماس للقطاع تحت إشراف حكومة رام الله إلى رأب الصدع بين قطبي الحركة الفلسطينية، «فتح» و«حماس» وبالتالي إعادة اللحمة إلى الشارع الفلسطيني المنقسم والفصائل والحركات الأخرى، التي تدور في فلكي التنظيمين الفلسطينيين القويّين. ومن ثم تصليب الموقف الفلسطيني في مواجهة المشاريع الأميركية – «الإسرائيلية» – الخليجية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.
ومع أن هذه الخطوة كانت مرتقبة منذ إعلان حركة «حماس» مذكرتها السياسية قبل شهور، والتي تضمنت خروج الحركة من عباءة «الإخوان المسلمين»، فإن التطورات الحاصلة على ساحة «حماس» مردّها الأساسي إلى هزيمة مشروع الإخوان في المنطقة وتراجع دور وتأثير الدولتين الراعيتين الأساسيتين لهما تركيا وقطر. وفي المقابل عودة الروح القوية إلى محور المقاومة المواجه لمشروع تصفية القضية الفلسطينية والدول والقوى المساندة لها والتي دفعت أثماناً باهظة للحفاظ عليها.
لكن أين المخيمات الفلسطينية في لبنان من هذه التطورات؟ وهل ستؤدي الوحدة الفلسطينية في الموقف والتوجّهات إلى سحب البساط من تحت أقدام التيّارات والتنظيمات التي تتنامى في المخيمات، ولا سيما في عين الحلوة، وتفتعل بين وقت وآخر، إشكالات أمنية تضعه في كل مرّة على حافة التفجير الكبير؟
وتبرز في هذا الصدد معطيات تشير إلى احتمال وقوع تفجير جديد في عين الحلوة، في ظل استمرار محاولات الجماعات الإرهابية التمدّد سلماً في الأحياء الشعبية، ولا سيما جماعة الإرهابي شادي المولوي.
إلا أن أوساطاً فلسطينية تعوّل كثيراً على خطوة المصالحة الفلسطينية التي حتماً ستنهي التنافس بين التنظيمات على النفوذ السياسي والعسكري في المخيمات، والذي كانت تستفيد منه الحركات الإرهابية. إذ إن هذا التنافس كان يحول دائماً دون حسم المعارك العسكرية وإنهاء الوجود الإرهابي في مخيم عين الحلوة، وعندما كانت الفصائل تطهّر مواقع معينة من العناصر الإرهابية، كان هؤلاء يعودون إليها بعد إعلان وقف لإطلاق النار، الأمر الذي يعيد الأوضاع إلى حالها والإبقاء على عناصر التفجير وهذا ما شهدناه في مخيم عين الحلوة في الفترة الأخيرة.
أما الآن، بحسب الأوساط، فقد تغيّر الوضع ولم تعُد مسألة النفوذ وامتلاك قرار المخيمات، هما اللذان يحدِّدان مسار المرحلة المقبلة، طالما يوجد اتفاق على بذل الجهود والتعاون على إنجاح المصالحة وتقوية الموقف الفلسطيني الموحّد والتنبه أكثر إلى مشاريع تصفية القضية الفلسطينية وإعلاء هذه القضية فوق المشاريع الدينية والمذهبية والسياسية الخاصة.
لذا لن تكون المخيمات خارج الانتصارات المحققة والناجزة للمحور المواجه لتلك المشاريع، وبات من الضروري حسم كل الملفات الأمنية العالقة بين الفلسطينيين والدولة اللبنانية وأهمها ملف المطلوبين الذي سيريح المخيمات من ضغوط الجماعات الإرهابية ومشاريعها الانتحارية.