«الصندوق السيادي بين المبادئ الأساسية والتجارب الدولية».. ورشة عمل في مجلس النواب برعاية بري
نظمت لجنة الأشغال العامة والطاقة والمياه، بالتعاون مع مؤسسة «وستمنستر» للديموقراطية ورشة عمل بعنوان «الصندوق السيادي بين المبادئ الأساسية والتجارب الدولية»، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، صباح أمس في قاعة المكتبة العامة في المجلس.
افتتح الجلسة ممثل الرئيس بري رئيس اللجنة النائب محمد قباني، بحضور الرئيس فؤاد السنيورة ووزيري المال علي حسن خليل والطاقة والمياه سيزار أبو خليل والنواب: ياسين جابر، نبيل دو فريج، قاسم هاشم، محمد الحجار، كاظم الخير، الوليد سكرية، وخضر حبيب، وخبراء ومختصين بالنفط والغاز.
قباني
وألقى النائب قباني كلمة راعي الورشة الرئيس نبيه بري، لافتاً إلى أنّ الاهتمام بالنفط والغاز في بحر لبنان بدأ «منذ عشرة أعوام تقريباً بعدما تمّ الاهتمام دولياً بشرق البحر الأبيض المتوسط باعتباره غنياً بالموارد البترولية.
وقد أظهر مسح سيزمي/ ثلاثي الأبعاد للمياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، احتواء مياه لبنان على موارد هيدروكربونية وخصوصاً الغاز الطبيعي. وفي حال تحققت هذه الاكتشافات، سيحتاج لبنان إلى نحو 7-8 سنوات قبل جني عائدات ملحوظة».
وأشار إلى «أنّ قانون الموارد البترولية في المياه البحرية قانون رقم 132 تاريخ 24/8/2010 نص أولاً، على تشكيل هيئة لإدارة قطاع البترول. وثانياً، على أن تودع العائدات المحصلة من الدولة الناتجة من الأنشطة البترولية في صندوق سيادي. وبناء عليه، عينت هيئة إدارة قطاع البترول، التي تابعت العمل التشريعي والتنفيذي للقطاع».
وقال قباني: «نحن الآن في بداية عمل تشريعي في خصوص الصندوق السيادي. وتتوخى هذه الورشة عرض الدروس المستفادة من التجارب المختلفة بمشاركة خبير دولي في الموضوع».
وأوضح «أنّ غاية صناديق الثروة السيادية هي مراكمة الأصول والاحتياطات المالية. وقد تحولت هذه الصناديق إلى كيانات استثمارية مؤسساتية عالمية تدير أصولاً تقدر بتريليونات الدولارات»، شارحاً «أنّ صناديق الثروة السيادية هي صناديق أو كيانات مملوكة من الحكومات، تحتوي على فوائض الدولة، تستخدمها الحكومات المركزية بشكل متزايد لحيازة أصول سيادية مثل الأراضي والأسهم والسندات. تحرص الحكومات على إنشائها وتملكها خدمة لأغراض اقتصادية. وتتولى صناديق الثروة السيادية إدارة مجموعة من الأصول من أجل تحقيق غايات مالية محددة تنسجم مع الأهداف الأساسية للصندوق، وتستخدم الصناديق استراتيجيات استمثارية متعددة، من أجل تحقيق عائد مالي ومن ضمنها حيازة موجودات خارجية».
واعتبر أنّ الموارد الغازية والنفطية المتوقعة في لبنان «توجب إنشاء صندوق سيادي لإدارة عائدات صادرات النفط والغاز المرتقبة».
وذكر بأنّ القانون 132 «يحدّد نظام الصندوق ونظام إدارته الخاصة، ووجهة استثمار وتوظيف واستعمال العائدات بموجب قانون خاص بالاستناد إلى مبادئ وأسس واضحة وشفافة للتوظيف والاستعمال تحتفظ من خلالها الدولة برأس المال وبجزء من عائداته بمثابة صندوق استثماري للأجيال المقبلة. وتصرف الجزء الآخر وفقاً لمعايير تضمن حقوق الدولة بما يجنب الاقتصاد أي انعكاسات سلبية محتملة على المديين القصير والطويل»، مضيفاً أنّ الهدف من إنشاء هذا النوع من صناديق المدخرات «هو إفادة الأجيال الحالية والأجيال المقبلة بالتساوي من استخراج موارد البلد غير المتجدّد عبر تحويلها إلى أصول مالية منوعة».
ورأى أنه «ينبغي الإفادة من تجارب البلدان المختلفة كما ينبغي أن تتماشى أهداف الصندوق اللبناني مع الإطار المالي والاقتصادي الكلي للبلاد بالنظر إلى التحديات المالية والمؤسساتية التي تواجهها. وينبغي أن يشمل التصميم أدوات رقابة صارمة للإشراف على سحب الأموال وإدارة السيولة المطلوبة».
أبي خليل
ثم تحدث الوزير أبي خليل معتبراً أنّ «شكل تاريخ 12 تشرين الأول 2017 محطة مفصلية في مسار النفط والغاز في لبنان لكونه الموعد النهائي لتقديم العروض على الرقع الخمس المعروضة للمزايدة. وكما بات معلوماً تقدم ائتلاف يتشكل من ثلاث شركات هي «توتال» و»إيني» و»نوفاتيك» بعرض على كل من الرقعتين 4 و9». وأشار إلى أنّ هيئة إدارة قطاع البترول «تعكف على درس العرضين المقدمين على أن ترفع تقريرها التقويمي إلي لتتم مناقشته في مجلس الوزراء تمهيدا لاتخاذ القرار المناسب».
وقال: «كلي أمل أن تكون نتائج التقويم إيجابية لكي يستطيع لبنان الشروع في أعمال الاستكشاف التي طال انتظارها تمهيداً لتحقيق اكتشافات بترولية تضعنا على خارطة الطاقة وفي صلب تحالفات شرق المتوسط».
وأضاف: «استطاع لبنان وضع منظومة تشريعية متكاملة مؤلفة من قانون الموارد البترولية في المياه البحرية ومراسيمه التطبيقية، إضافة إلى القانون الضريبي الخاص بالبترول. وبناء عليه، أصبح الإطار التشريعي جاهزاً للدخول في مرحلة الاستكشاف التي تمتد خمس سنوات قابلة للتمديد سنة واحدة اضافية، ومرحلة التطوير التي في حال حصول اكتشاف تجاري، تشمل أعمال الإنشاءات وتحتاج من 3 إلى 5 سنوات».
وتابع: «يشكل إنشاء الصندوق السيادي استكمالاً لهذه المنظومة التشريعية وإنفاذاً لما نص عليه قانون الموارد البترولية في المياه البحرية لناحية إيداع العائدات الناتجة من الأنشطة البترولية في صندوق سيادي. لذلك أؤكد حرص الوزارة على إنشاء هذا الصندوق، مع العلم أن العائدات الناتجة من الأنشطة البترولية لن تتدفق قبل تحقيق اكتشاف تجاري وتنفيذ أعمال التطوير قبل 7 سنوات على الأقل، باستثناء ما تجنيه الدولة من عائدات تراخيص الاطلاع على البيئات الزلزالية ورسم المنطقة».
وذكّر «بأن حجم العائدات المتدفقة إلى الصندوق يعتمد على تطوير قطاع النفط والغاز في لبنان، إن من حيث وتيرة دورات التراخيص أو من حيث حجم الاكتشافات المتحققة ووتيرة الإنتاج وأسعار البترول عند البيع وتوافر الأسواق من عدمه، داخلياً وخارجياً. كذلك، لا بد من الإشارة إلى أنّ رصيد الصندوق سيرتفع تدريجياً مع تطور القطاع وقد لا يحتوي على مبالغ كبيرة قبل مرور سنوات عديدة من الإنتاج».
ولفت أبي خليل إلى «أنّ قانون الموارد البترولية في المياه البحرية أرسى مبادئ أهمها الإنتاج الرشيد والمستدام وحدّد دور الصندوق السيادي في المحافظة على العائدات البترولية للأجيال المستقبلية، كما أشارت المادة 3 منه التي نصت على أن «يحدّد نظام الصندوق ونظام إدارته الخاصة، ووجهة استثمار العائدات وتوظيفها واستعمالها بموجب قانون خاص بالاستناد إلى مبادئ وأسس واضحة للتوظيف والاستعمال، تحتفظ من خلالها الدولة برأس المال وبجزء من عائداته بمثابة صندوق استثماري للأجيال المقبلة، وتصرف الجزء الآخر وفقاً لمعايير تضمن حقوق الدولة، من جهة، بما يجنب الاقتصاد أي انعكاسات سلبية محتملة على المدى القصير والطويل».
وأكد أنّ «وزارة الطاقة والمياه وهيئة إدارة قطاع البترول على استعداد تام للقيام بدورهما في مسار العمل الوطني الشامل المتعلق بالصندوق السيادي عبر تقديم الدعم التقني والمساعدة المطلوبة للسير قدما بطريقة عملية مدروسة».
ورأى أنّ تصور الدولة اللبنانية لقطاع النفط والغاز «يجب أن يتركز على طريقة الإفادة منه ومن موارده لتنمية القطاعات الإنتاجية الأخرى في الاقتصاد اللبناني التي، بدورها، تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد ورفع الإنتاج القومي وزيادة فرص العمل وخفض الدين العام في لبنان».
وأكد «الاستعداد الكامل للتعاون مع جميع الأفرقاء المعنيين على رأسهم مجلس النواب لكي يتمكن من صوغ قانون للصندوق السيادي مناسب للاقتصاد اللبناني وحديث وفاعل وقابل للتأقلم مع متغيرات السوق النفطية العديدة التي تحدد حجم الصندوق وعائداته، وبالتالي طريقة استثمار هذه المداخيل».
وختم وزير الطاقة: «كل ما تحدثت عنه لا يمكن أن يتحقق ما لم نباشر عمليات الاستكشاف في مياهنا البحرية اللبنانية، آملين المزيد من التعاون للسير قدماً في بناء قطاع البترول في لبنان».
خليل
وشكر الوزير خليل، من جهته، لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه ومؤسسة وستمنستر للديموقراطية على تحضير هذه الورشة. وقال: «يمر لبنان بمرحلة مهمة في الحياة المالية والإقتصادية، فبعد مرور 12 عاما من دون إنتظام الحياة المالية و7 أعوام من أول إطار تشريعي للتنقيب عن الثروات البترولية، يتجه الاقتصاد اللبناني، رغم الصعوبات البنيوية والطارئة التي فرضتها الأزمات في المنطقة، نحو أيام أفضل سيكون من ركائزها الاستثمارات في هذه الثروات وتصديرها. وها نحن سنشهد وضع نتائج أول دورة تراخيص للمرة الأولى على جدول مجلس الوزراء والذي سيفتح الباب في ظل توافق سياسي على اكتمال الإطار التشريعي بما فيه قانون الأنشطة البترولية في البر».
وأضاف: «يقع الصندوق السيادي في وسط الإدارة الحكيمة للثروات الناتجة من هذا القطاع، إذ يجب أن نتذكر أن هذه الموارد هي غير متجددة، ما يعني أن الأموال التي ستحصل هي محدودة وديمومتها متصلة بحسن إدارتها. حسن إدارة الأموال في إطار وضع القطاعات الإقتصادية الحالي والبنى التحتية، والمالية العامة والدين العام، يتطلب قواعد مالية تضمن العناصر التالية:
1 ـ فصل إيرادات الأنشطة البترولية عن الصرف الجاري في الموازنة إذ أنّ الاقتصاد اللبناني يجب أن يتطور بغضّ النظر عن البترول.
2 – استعمال جزء من العائدات في القطاعات المنتجة وهيكلة الدين العام بشكل لا يؤثر على نمو رأس المال وفقط في موازنات تتضمن فائضا أوليا لمنع الصرف العشوائي.
3 ـ تنويع الأصول المالية للوصول إلى عائد مرتفع مما يتطلب فريقاً مختصاً خارج قدرات المصرف المركزي». ولفت إلى أنّ النروج «تتجه نحو هذا النموذج لتنويع استثماراتها خارج السندات والأسهم، ويسعدنا وجود الخبير النروجي معنا اليوم للاستماع إلى خبرة بلده.
أما نظام الحوكمة فيجب أن يلائم النظام الديموقراطي اللبناني ويضمن العناصر التالية:
1 – استقلال مجلس الإدارة واللجان المعاونة له والفريق الإداري للصندوق عن السياسة.
2 – توجيه عمل الصندوق للتأكد من تحقيق أهدافه من خلال وصاية وزارة المال كما هي الحال عالميا بما فيها النروج.
3 – رقابة من المؤسسات الدستورية كمجلس الوزراء ومجلس النواب وموافقتها على التقارير الدورية المقدمة من الصندوق ووزارة المال.
4 – الشفافية المطلقة لقرارات الصندوق واستثماراته وأرباحه وقدرة الشعب على الاطلاع عليها.
وختم: «نتطلع إلى اكتمال الإطار التشريعي لهذا القطاع، وكوزارة مال نحن نتابع الدراسات والخطوات القانونية لإنجاز هذا القانون، خصوصاً أننا على أبواب تلزيم أول بلوكات في المياه اللبنانية بعد إقفال أول دورة تراخيص بنتائج مشجعة».
الخبير النروجي
وتحدث بالخبير النروجي أوفيسين، بدوره، عن الاستقرار وشرح بواسطة خارطة موضوع الصندوق السيادي معتبراً أنّ «لبنان هو على المسار الصائب».
وأعطى تعريفاً للصندوق السيادي «هو مجموعة من الأموال تملكها الدولة لأهداف الاقتصاد الكلي، هو أداة اقتصادية ويجب ألا يؤخذ بطريقة منفصلة، هو جزء لا يتجزأ من الاقتصاد الكلي وصناديق الاستثمار المحلية لا تعتبر صناديق محلية، وهناك أنواع كثيرة تسمى صناديق سيادية وهي مجموعة أموال تمتلكها الدولة وتعنى باقتصادها الكلي».
وتحدث عن «العائدات، إدارة أصول تملكها الدولة، والعائدات التي تأتي من فائض الموازنة لحماية الاقتصاد المحلي من بعض التأثيرات السلبية، هدف الاستثمارات لزيادة قيمة هذه الصناديق من خلال دور العائدات الاستثمارية، و70 في المئة من هذه الصناديق بعضها يحوي 50 مليار دولار وتمولها عائدات خاصة من النفط والغاز، معظم هذه الصناديق يمولها قطاع النفط والغاز وحجم النقطة يعكس حجم الصناديق».
وقال: «بحسب تصميم الصندوق يمكنكم الادخار، وهذه الصناديق يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من موازنة الحكومة».
وتطرق إلى الموارد والادخار، فقال: «قد يكون لدينا الكثير من المشاريع المريحة التي تولد الكثير من العائدات»، وتحدث عن حال النروج، معطياً مثلا على ذلك، وقدم عرضاً تفصيلياً عن «النموذج النروجي والتجارب الفضلى».
وعرض النائب جابر اقتراح قانون «الصندوق السيادي اللبناني».
وتحدث الخبير الاقتصادي غازي وزني عن «أهداف الصندوق السيادي اللبناني مع الإطار المالي الاقتصادي».
ثم جرى نقاش مفتوح.