الرئيس الألماني يُجري اتصالات مع الأحزاب التي يمكن أن تشارك في ائتلاف حكومي
تسارعت الاتصالات في ألمانيا أمس، في محاولة لإيجاد تسوية بين الأحزاب السياسية تتيح للمستشارة أنجيلا ميركل تشكيل حكومة جديدة، وبالتالي تجنب إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وباشر الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي أصبح يشرف على هذه الأزمة بموجب الدستور، اتصالات مع الأحزاب التي يمكن أن تشارك في ائتلاف حكومي برئاسة ميركل التي لا تزال في السلطة منذ 12 سنة.
وأكد الرئيس الألماني أنه لن يجري أي اتصال مع اليمين المتطرف ولا مع اليسار الراديكالي. وهو الأمر الذي ترفضه ميركل بشكل قاطع.
وبعد لقاء طويل أول أمس مع ميركل، استقبل شتاينماير أمس، الرئيسين المشتركين لحزب الخضر سايمون بيتر وجيم أوزدمير، ثم عقد لقاء سريعاً مع زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي كريستيان ليندنر الذي أغرق ألمانيا في هذه الأزمة غير المسبوقة بقطعه المفاوضات لتشكيل حكومة مع المحافظين في الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي. ولم تتسرّب أي معلومات عن نتيجة هذين اللقاءين.
وسيعقد شتاينماير غداً لقاء منتظراً جداً مع مارتن شولتز رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس ويرفض حتى الآن التحالف مع المستشارة، بعدما مُني بخسارة كبيرة في انتخابات أيلول.
وهدف الرئيس هو التوصّل إلى تشكيل ائتلاف بقيادة ميركل وتجنّب عودة الألمان إلى صناديق الاقتراع بعدما انتخبوا نوابهم للتوّ.
وقد تستغرق هذه المهمة أسابيع وربما أكثر. وفي حال فشلت هذه المفاوضات، يبقى شتاينماير الشخصية الوحيدة التي يحق لها الدعوة إلى انتخابات مبكرة بعد حلّ البرلمان.
وصرّح شتاينماير الذي يلقى احتراماً كبيراً لدى الألمان، أول أمس بأن «مهمة» الأحزاب المنتخبة تشكيل حكومة ولا يمكنها «إلقاء هذه المهمة على عاتق الناخبين فور بروز العقبة الأولى».
وفي افتتاح جلسة البرلمان أمس، قال فولفغانغ شويبله رئيس مجلس النواب وإحدى أهم الشخصيات السياسية الألمانية أن ألمانيا «تواجه مشكلة ولا توجد أزمة حكم». وأكد وزير المالية السابق البالغ من العمر 75 عاماً أن «المهمة كبيرة، لكن المشكلة قابلة للحل».
وتترقّب كل الدول الأوروبية بقلق تطوّرات الوضع في ألمانيا، لأنه بغياب ألمانيا لا يمكن الدخول في أي إصلاح للاتحاد الأوروبي ولا في مفاوضات جدية حول البريكست مع بريطانيا.
وأعلنت المفوضية الأوروبية أمس، أنها ستقدم كما كان مقرراً من قبل، مشاريع الإصلاحات لمنطقة اليورو في السادس من كانون الأول، على أن يبدأ النقاش حولها في الخامس عشر من الشهر نفسه في بروكسل خلال قمة أوروبية.
وقال المتحدّث باسم المفوضية مارغاريتيس سكيناس في هذا الصدد «إن أوروبا لن تتوقف» بسبب الأزمة الألمانية.
وتنطوي الدعوة إلى انتخابات جديدة على مجازفة، خصوصاً أن ألمانيا شهدت زلزالاً سياسياً في الانتخابات التشريعية التي جرت في 24 أيلول مع دخول نواب من اليمين المتطرف إلى مجلس النواب.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن صعود حزب البديل من أجل ألمانيا الذي وعد «بطرد» ميركل يمكن أن يتعزز في حال إجراء انتخابات مبكرة. والاختراق الذي حققه هذا الحزب هو الذي يجعل تشكيل أغلبية صعباً.
وأشار استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «إينسا» أن حزب البديل من أجل ألمانيا سينال 14 في المئة في حال أجريت انتخابات مبكرة مقابل 12.6 في المئة حصل عليها في أيلول الماضي.
ومع ذلك كشف استطلاع للرأي أجراه معهد «فورسا» بعد فشل ميركل في تشكيل حكومة، أن عدد الألمان الذين يميلون إلى إجراء انتخابات مبكرة يزداد وبات 45 في المئة.
إلا أن استطلاع إينسا كشف أن نتائج الانتخابات المبكرة قد لا تساعد على تشكيل أغلبية جديدة، إذ أعطى حزب ميركل 30 في المئة مقابل 33 في المئة في الرابع والعشرين من أيلول.
كما يؤيد 27 في المئة فقط تشكيل «تحالف كبير» بين المحافظين والحزب الاشتراكي الديمقراطي و24 في المئة حكومة أقلية بقيادة ميركل.
وعلى الرغم من النتائج المخيّبة للآمال في الانتخابات التشريعية، والفشل في تشكيل ائتلاف حكومي الأحد، وتهديد اليمين المتطرف، لا تنوي المستشارة الألمانية الانسحاب وتفكر حتى في الترشح إذا جرت انتخابات جديدة.
وترفض المستشارة قيادة حكومة أقلية، كما يسمح لها الدستور. وقالت إن ألمانيا «تحتاج إلى حكومة مستقرة ليست مضطرة للبحث عن أغلبية عند اتخاذ كل قرار».
إلا أن ميركل تواجه انتقادات حادة وفي بعض الأحيان من داخل معسكرها السياسي. فبعض معارضيها السياسيين يرون أن الصعوبات الحالية وصعود حزب البديل من أجل ألمانيا نجما عن قرارها استقبال أكثر من مليون طالب لجوء في 2015 و2016.
وبانتظار انتهاء الأزمة، تبقى ميركل على رأس الحكومة لتصريف الأعمال.