تحالفات جديدة بالأفق «بَطلها» الحريري؟
روزانا رمّال
صار السؤال عن إمكانية أن يقلب رئيس وزراء لبنان الطاولة على حلفائه مشروعاً بعد سلسلة اللقاءات التي تجمعه في بيت الوسط وزعامات سياسية منذ أسبوع حتى اليوم بدأت بزيارة خاصة لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية ونجله طوني، وصولاً إلى لقاء الأمس بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بالرئيس الحريري في كليمنصو والذي عقب لقاء حمل طابع أكثر من سياسي وهو «عائلي» يدلّ على مدى الرغبة بتعزيز هذه العلاقة بين رئيس التيار الوطني الحرّ والنائب وليد جنبلاط لتشير مصادر متابعة لهذه اللقاءات لـ«البناء» الى «دور يلعبه وزير الخارجية جبران باسيل على صعيد تحسين العلاقة التي ساءت قبل شهور بين الحريري وجنبلاط ما يعني أن تقريب وجهات النظر قبل البدء بمرحلة العد العكسي لبلورة التحالفات الانتخابية الأخيرة هو ما تُعدّ العدّة إليه في الساعات المقبلة، وكل هذا قبل أن «يبقَّ» الحريري «البحصة» التي عَدَل عن البوح بها في الوقت الراهن لأسباب ستكشف الأيام ارتباطها بتغييرات يتحضّر إليها الحريري على صعيد القوى السياسية الأساسية في البلاد والتي تطال تحالفاته الانتخابية». وتكشف المصادر «أن القوات اللبنانية هي أكثر المتأثرين بأي تقارب أو تفاهم محتمل بين الحريري وجنبلاط، خصوصاً في مناطق حيث المعركة الانتخابية أكثر حساسية كالشوف وعاليه». وتقول المصادر إن «الساعات الأخيرة تتكفّل وحدَها بحسم خيارات النائب وليد جنبلاط الذي يبدو أنّه يدرس الأمور بهدوء وتفكير مع رغبة واضحة بتعزيز العلاقة بينه وبين الثنائي حريري باسيل مع إيلاء اهتمام بعلاقة جيدة مع الحريري. وهو كان قد وقف الى جانب التمسّك به كرئيس للحكومة في فترة وجود الحريري في الرياض وعدم التهاون في استبدال الحريري بعد محاولات انطلقت من عند جنبلاط من زوار صاروا معروفين».
التمسك بالحريري وتعزيز العلاقة معه صار واضحاً على أنه هدف يجمع جنبلاط وباسيل بعضهما ببعض. وصار جلياً أيضاً أن العلاقة الجيدة بين أي من الطرفين تعني أملاً مباشراً في إمكانية إنشاء أوراق تفاهم جديدة قبل أن تدق ساعة الانتخابات النيابية، ليصبح السؤال عن تفاهم معراب الرابية مطروحاً أيضاً. مع العلم أن أجواء الطرفين تحكي تراجعه الكبير، لكن من دون نعيه رسمياً. الأمر الذي يشبه الى حد بعيد عزوف الحريري عن «بقّ البحصة» تجاه القوات في الوقت الراهن، ما يعني البقاء في الحالتين في هذه الأثناء في مرحلة ستاتيكو. وفي هذا الإطار تتابع المصادر «أن الأمرين يتعلقان بالعمل الحكومي وعدم الميل الى زعزعة عملها، فضرورة أن تبقى الحكومة متماسكة في الوقت الراهن هي ضرورة محلية ودولية. وهذا ما يفسّر عدم اللجوء إلى التعديل الوزاري والانتظار على الصيغة الحالية الى حين موعد الانتخابات المقبلة وتغيير جذري في الحكومة وحقائبها، خصوصاً أن مهمة هذه الحكومة من الأساس هي الإشراف على الانتخابات ووضع قانون انتخابي».
المقرّبون من الحريري يحرصون على نصحه بعدم الوقوع في فخّ التحالفات السابقة التي كشفت الأزمة الأخيرة عدم صحتها، خصوصاً لجهة الاستعداد السريع للتخلّي عن خيار الحريري. وهو الأمر الذي يصبح أصعب بعد الانتخابات. وكل هذا يعني التساؤل مجدداً عن واقع القوات اللبنانية وحزب الكتائب في الانتخابات النيابية المقبلة أو لجهة العلاقة بالقوى السياسية الباقية فزيارات الطرفين إلى السعودية وإيجابيتهما مع الفريق السعودي الساعي لاستبدال الحريري جعل المسافة أبعد بينه وبينهم في مرحلة حساسة جداً، وهي مرحلة الانتخابات النيابية. وبالتالي فإن الحديث عن عزل القوات والكتائب مسيحياً صار ممكناً، خصوصاً بعد الإيجابية التي بدت عند النائب فرنجية لجهة الانفتاح على أي مبادرة للحوار مع باسيل في زيارته الأخيرة الى بيت الوسط التي افتتح بها الحريري رسائله الانتخابية والتي أراد منها فرنجية تأكيد متانة العلاقة بينه وبين الحريري بشكل واضح.
وبكل الأحوال، ففي حال اتُخذ قرار بتفاهمات ثنائية جديدة أم لا، فإن الأكيد أن المتغيّرات قد وقعت وأن الرسائل السياسية والاجتماعات المطوّلة أقوى من الخطابات ونفيها، وبالتالي فإن الحديث عن شكل جديد لنتائج الانتخابات وإعادة تموضع أفرقاء في اتجاهات مغايرة صار هو الأهم. وتبدو المتغيّرات السريعة ترجمة لما يتأثر فيه لبنان من أحداث تدور بالجوار. وهذا وحده قد يطرح أسئلة عن إمكانية أن يستقرّ شكل التحالفات النيابية على ما ستؤول إليه الأمور في الفترة المقبلة، فأزمة الحريري على سبيل المثال أتت بشكل مفاجئ لم يكن أحدٌ يتوقّعها سوى بعض من اشتركوا فيها محلياً، فما الذي يمنع أن لا تتكرّر مفاجآت من نوع آخر، خصوصاً أن التوترات الدفينة قد تؤدي إلى اشتباك سياسي في أي وقت من الأوقات.
المجتمع الدولي الذي يحرص على دعم الحريري والذي ترجمت رغبته فديريكا موغيريني نيابة عن الاتحاد الأوروبي يؤكد الرغبة باستقرار لبنان، ربطاً بما ينتظر سورية والاتفاقات حول النزوح وإعادة الإعمار من بوابة لبنان. وكلها ملفات تحتاج إلى شيء واحد في لبنان لتحقيقها وهو «الاستقرار»، ما يعطي أملاً بإمكانية أن تُجرى الانتخابات وسط هذه الأجواء.