لافروف: واشنطن وحلفاؤها يحصرون سياساتهم الخارجية بـ «لغة الإنذارات» ولا يقبلون واقع العالم متعدّد الأقطاب..
أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، عن أولويات السياسة الخارجية الروسية للعام 2018 الحالي، حيث أكد أنّ «روسيا في عام 2018 ، ستواصل مواجهة الإرهاب وستسعى لتطبيع الوضع حول التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، وستواصل العمل حول القضية الأوكرانية».
أشار لافروف خلال المؤتمر الصحافي السنوي الموسّع حول نتائج العمل الدبلوماسي الروسي لعام 2017 أمس، إلى أنّ «من وجهة نظر تطوير السياسة الخارجية، لم يكن بالسهل، وكان هناك توتّر في العديد من مناطق العالم»، موضحاً أنه «في الأشهر الأخيرة لعام 2017 تأزّم الوضع بشدة بسبب تهديد واشنطن بما في ذلك وتلويحها بحلّ المشكلة في شبه الجزيرة الكورية عن طريق القوة».
وفي الحديث عن واشنطن عبّر الدبلوماسي الروسي عن أسف موسكو «لأنّ واشنطن وحلفاءها لا يزالوا يسترشدون في سياساتهم الخارجية حصراً بلغة الإنذارات».
وقال لافروف: «للأسف، زملاؤنا الأميركيون وحلفاؤهم لا يزالون يريدون العمل فقط على أساس الإملاء والإنذارات ولا يريدون الاستماع لوجهات نظر غيرهم من مراكز السياسة العالمية، وبالتالي لا يريدون، في الواقع، قبول حقيقة تشكيل العالم المتعدّد الأقطاب».
وحول مسألة كوريا الشمالية، أعلن لافروف «أنّ روسيا والصين تقترحان تجميد أية إجراءات مواجهة في شبه الجزيرة الكورية».
وقال: «كما تعلمون، لدينا مع الصين مبادرة مشتركة، تخصّ الانتقال من المواجهة إلى تسوية سياسية للمشكلة، التي نشأت في شبه الجزيرة الكورية»، مقترحاً على الجميع «الهدوء ووقف أية إجراءات للمواجهة، خاصة الإجراءات المتعلقة بالأنشطة العسكرية، سواء إطلاق الصواريخ، أو تجارب الأسلحة النووية أو تنظيم مناورات واسعة النطاق من قبل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان».
وأضاف الوزير الروسي، أنّ «هذا بالطبع، إذا تكلمنا عن المشكلة النووية، قبل كل شيء، بيونغ يانغ وواشنطن. ولكننا سنكون على استعداد لمواكبة الحوار الثنائي أيضاً، في إطار ما يّسمّى بالعملية السداسية بمشاركة روسيا وجمهورية الصين الشعبية واليابان وجمهورية كوريا».
وصرّح الوزير لافروف، «أن روسيا تعتقد أن فكرة عقد اجتماع حول كوريا الشمالية في فانكوفر لا تؤدي لنتائج جيدة».
وقال: «جدول أعمال الاجتماعات حول كوريا الشمالية في فانكوفر ينصّ على وضع آلية لمزيد من الضغط على بيونغ يانغ». وتابع بالقول: «قبل أسبوعين فقط، اعتمد قرار آخر لمجلس الأمن الدولي، وبعد يومين أعلنوا عن عقد مثل هذا الاجتماع في فانكوفر. ولم يدعونا ولم يدعوا الصينيين إليه، لكنّهم قالوا بأنّ الاجتماع بدأ أمس. وستكون اللقاءات الرئيسية يوم 16 وتعالوا أنتم والصينيون يوم 17، سنخبركم بما اتفقنا عليه، وكما تعلمون، هذا غير مقبول».
وبخصوص تصريحات واشنطن حول النووي الإيراني أعلن لافروف، «أنّ التصريحات الأخيرة لواشنطن حول الاتفاق النووي الإيراني لا تزيد من التفاؤل والاستقرار».
وقال: «التصريحات الأخيرة للقيادة ألأميركية، الهادفة لإفشال تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة للبرنامج النووي الإيراني، لا تزيد من التفاؤل والاستقرار».
وأضاف «سنسعى للحفاظ على الاتفاقات الخاصة بالملف النووي الايراني».
وفي سياق آخر، صرّح لافروف، «أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تخشى المنافسة في الساحة الدولية في العديد من المجالات».
وقال: «يبدو لي أنّ في تصرّفات الإدارة الأميركية الحالية كما في تصرفات إدارة أوباما، هذا الإرث، للأسف، على الرغم من خط الرئيس ترامب خلال الحملة الانتخابية، لم يتم الحفاظ عليه بل وأصبح هذا الإرث أكثر تشبعاً وأكثر حزماً.. هناك شعور بالخوف من المنافسة النزيهة في عدد من المجالات وهي الطاقة وإمدادات الغاز إلى أوروبا».
وأعاد لافروف إلى الأذهان حالة فرض الغاز المسال بدلاً من الغاز الروسي على أوروبا، وهو أكثر تكلفة بكثير.
وقال في هذا الصدد: «يُطلق على معارضة مشروع خط أنابيب الغاز التيار الشمالي 2 محرّر تسمية المعارضة المسيّسة والتي تؤدي إلى انقسام أوروبا وخنق أوكرانيا. وهذا كله يأتي من الولايات المتحدة التي تجبر الأوروبيين بشكل صريح على التخلي عن التيار الشمالي 2، على الرغم من أن توريد الغاز إلى ألمانيا بواسطة خط أنابيب التيار الشمالي 2 يُعتبر أقصر مسافةً بمقدار ألفي كيلومتر وأقلّ تكلفة بمقدار مرة ونصف أو مرتين، بالمقارنة مع توريد الغاز ذاته عبر أوكرانيا.
وحول مشروع التيار التركي، أعلن رئيس الدبلوماسية الروسية، «أنّ الخط الثاني من خط أنابيب الغاز التيار التركي سيجري بناؤه فقط بوجود ضمانات صارمة من اللجنة الأوروبية، وأنّ روسيا مستعدة لمناقشة المسارات».
وقال: «التيار التركي، الذي يمكن أن يمد إلى أوروبا، يتم بناء الخط الأول منه فقط، الذي سيورد الغاز للزبائن في تركيا. أما الثاني فسنبدأ بمدّه فقط إذا حصلنا على ضمانات صارمة كالإسمنت المسلح من اللجنة الأوروبية، بأنّهم في أوروبا لن يسلكوا السلوك نفسه كما حصل مع التيار الجنوبي تجاه بلغاريا، التي حالياً ومن جديد مستعدّة للنظر في مسألة استقبال الخط الثاني من التيار التركي».
و أضاف: «نحن مستعدّون لأي احتمال، لكن يجب أن يكون مضموناً 100 في المئة من قبل اللجنة الأوروبية».
وبخصوص الأزمة السورية، أعلن وزير الخارجية الروسي، «أنّ بلاده تأمل بأن تنتهي تركيا بأسرع ما يمكن، نشر نقاط مراقبة حول منطقة خفض التصعيد في إدلب في سورية».
وقال: «نحن نأمل للغاية بأن ينتهي الزملاء الأتراك من نشر نقاط مراقبة إضافية حول منطقة خفض التصعيد في إدلب، وحسب ما أذكر نشروا 3 من أصل 20. وجرى الحديث بين القيادتين، وأكد الأتراك لنا أن العمل سيُسرّع. وآمل أن يساعد ذلك في تسوية الوضع في إدلب».
وصرّح الوزير الروسي «أن الولايات المتحدة في الواقع لا تساهم في التوصل لتسوية في سورية، لكنها تحاول مساعدة مَن يُصرّون على تغيير النظام في دمشق».
وقال: «بين إدارتي أوباما وترامب، غالباً لا يوجد اختلاف جذري. للأسف في كلتا الحالتين، نحن نرى التوجّه ليس للمساعدة في إخماد الصراع في أقرب وقت ممكن. ولكن لمساعدة أولئك الذين يرغبون في اتخاذ خطوات عملية لتغيير النظام في الجمهورية العربية السورية».
وفي سياق متصل، أعلن لافروف «أن خطط واشنطن لإنشاء مناطق حدود آمنة في سورية، تشير إلى أنها غير مهتمّة بالحفاظ على وحدة أراضي سورية».
وقال لافروف: «إنّ ريكس تيلرسون وسلفه جون كيري، أكدا لي مراراً، أنّ هدف وجود أميركا في سورية هو القضاء على الإرهابيين وداعش. لكن الآن.. تظهر الإجراءات التي نراها أنّ الولايات المتحدة لا تريد الحفاظ على وحدة أراضي سورية».
وأضاف «بالأمس تم الإعلان عن مبادرة جديدة، بأن الولايات المتحدة تريد مساعدة ما يُسمّى بقوات سورية الديمقراطية على إنشاء مناطق حدود آمنة. ويعني هذا بشكل عام عزل منطقة شاسعة على طول حدود تركيا مع العراق وشرق نهر الفرات وإعلان بأن هذه المنطقة ستسيطر عليها جماعات بقيادة الولايات المتحدة هي قضية خطيرة جداً تثير المخاوف من أن هناك مساراً قد يُتّخذ لتقسيم سورية».
وأشار الوزير لافروف إلى أنّ «هذا يثير أسئلة كثيرة لدينا من ناحية احترام وحدة أراضي سورية، وتوجد مشكلة بين الأكراد وتركيا. وهذا المشروع الجديد والخطوة الفردية الجديدة لا تساعد على تهدئة الوضع حول عفرين».
كما أعلن لافروف أنّ «مكان وجود الروسيين رومان زابولوتني وغريغوري تسوركانو، اللذين يُزعم بأنه تم أسرهما في سورية غير معروف، والعسكريون الروس يقومون بالبحث عنهما».
وقال: «نحن اطلعنا على التقارير التي ذكرتم، ومنخرطون لمعرفة مصير أيّ روسي، أينما كان، إذا كانت هناك تقارير تفيد بأنه إما في عداد المفقودين أو في ورطة، موقع مواطنينا اللذين قد ذكرتم زابولوتني وتسوركانو غير معروف، تحديد هذا الموقع وإعادة جمع المعلومات ذات الصلة وإعادة النظر فيها هي، أولاً وقبل كل شيء، مهمة جيشنا. لذلك، وبمجرد أن يكون هناك بعض الوضوح، سنكون على استعداد لإعلامكم بهذا الأمر».
وفي سياق موازٍ، أعلن وزير الخارجية الروسي، «أنّ روسيا مستعدّة للمساعدة في تسوية العلاقات بين بغداد وأربيل في حال كان الطرفان مهتمّين بذلك».
وقال: «نحن نؤيد وحدة أراضي العراق، ونؤيّد حل جميع المسائل عبر المفاوضات والحوار الوطني. وفي حال كانت الأطراف بحاجة لجهود وساطة، وإذا تمّ ذكر الجهود الروسية، أؤكد لكم أننا سننظر إلى ذلك بإيجابية».
وأكد لافروف رداً عن سؤال حول ماهية الدور الذي يمكن أن تلعبه روسيا في تسوية النزاع بين أربيل وبغداد: «الجواب بسيط جداً الدور الذي سيكون مقبولاً وسيهمّ بشكل أساسي أربيل وبغداد».
وحول القضية الفلسطينية، أعلن لافروف، «أنّ احتمال إجراء حوار مباشر بين إسرائيل وفلسطين في الوضع الحالي قريب من الصفر».
وأشار إلى أنّ «موسكو تحدّثت عن المخاطر التي تشكّلت من حالة الجمود في التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، وعلّقت على الوضع مع إعلان الرئيس دونالد ترامب نقل سفارة البلاد من تل أبيب إلى القدس»، قائلاً «إنّ موسكو تتفهّم تماماً المشاعر التي يواجهها الفلسطينيون الآن».
وأضاف «على مدى أعوام طويلة، كانوا يقومون بتنازلات أحادية ومن دون مقابل. وكانوا على استعداد للمفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين من دون شروط مسبقة، وكنا مستعدين لاستقبالهم لهذا الهدف على أراضي روسيا».
وأوضح أنه «في الوضع القائم أعتقد أن احتمال الحوار المباشر يقترب من الصفر، وهذا أمر مؤسف».
وأضاف وزير الخارجية الروسي، «آمل أن نستطيع قريباً إجراء مشاورات مع شركائنا في الرباعية، وهم الولايات المتحدة، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.. ومناقشة ما الذي يجب فعله»، مشيراً إلى أن «لدى موسكو قريباً اتصالات ثنائية مع الولايات المتحدة».