السير على خُطى أخطاء الآخرين
السير على خُطى أخطاء الآخرين
في واقع سياسي واقتصادي واجتماعي يفرض نفسه وقلمّا يُقدّر فيه قيمة القرارات بعيدة المدى، يكشف لنا كيف تستطيع بعض الإدارات أن تفكر وتتخذ القرارات على نحو استراتيجي، تخلق فيه مساحات للفكر والتعلّم، لرسم ملامح مستقبل متماسك تترجم فيه المعرفة إلى واقع في أن توجّه جميع الإدارات الحكومية تركيزها نحو هدف واحد ليحقق المنفعة العامة ويصب في مصلحة المجتمع ككل.
فكيف وأين يكمن التحدّي فيما لو وحدت كل إدارات الدولة هدفها ليكون بكل أبعاده فعلاً نحو النصر السوري؟
يكمن التحدّي أمام الإدارات الحكومية المسؤولة ذات الرؤية بتحرّكها نحو المستقبل على محاور عدّة، تتجلّى في المحور القصير المدى بمحافظتها على قيمها ومبادئها ولياقتها وقدرتها في التعامل مع المشكلات والأزمات التي تفرض نفسها على الساحة وتظهر دون مقدّمات، والمحور المتوسّط المدى الذي يتبيّن في قدرتها على متابعة أداء برامجها وتنفيذ سياساتها بحيث يصبح النجاح هو فيصل الأداء فيها، بالإضافة إلى إمكانيتها على تنفيذ السياسات والاستراتيجيات الجديدة التي تصبح حرجة عند الرهان على نجاحها والبقاء على صعيد المحور طويل المدى.
والسؤال الذي يطرح نفسه أي من تلك المحاور الاستراتيجية يمكن للإدارات الحكومية أن تطبقه لتحقيق النصر السوري؟ في سؤال عام كهذا، لن يكون الجواب عام. فالاستراتيجيات التي تتعامل مع القضايا الخاصة تقتصر على سياق ماتتعامل فيه ومعه، والمعايير المطلوبة لأحد الإدارات تختلف عن المطلوبة لأخرى، والخدمات أيضاً تختلف بحسب ألياتها وأنواعها وأهدافها ومهنيتها وما يتوافق مع السلوك المجتمعي بكيفية استثمارها والمعرفة من قبل جمهورها.
عدا عن أن الإدارات تختلف بعضها عن بعض في تطبيق الاستراتيجيات، وكذلك في مستويات الأداء، فمنها من يبرز قيمتها في مواجهة تقلّبات الاقتصاد ومنها من يحاول الحفاظ على تحسين الخدمات ومنها من يتوجه نحو إعادة البناء ومنها ما ينحو نحو ظاهرة الاحتواء لما يساهم في تقليص الشرخ المجتمعي والتخلص من بعض مخلّفات الحرب على سورية وتحقيق التعايش والاندماج وكلّه في خطّط طموحة تساهم في إعادة بناء صرح سورية.
ولطالما سمعنا بأن الحروب والكوارث والفشل هي بوابة البناء لأنها تُعلّم كيفية صناعة الاستراتيجيات، فهل يا ترى ركّزت استراتيجيات الإدارات اليوم هدفها على توحيد هدف الاستراتيجيات؟ أم أننا مازلنا نضع الاستراتيجيات والخطط أملاً بالتنفيذ؟ أم ما زلنا بعيدين عن التركيز في تحديد الرؤية الواضحة نحو سورية المنتصرة بكل أبعاد النصر اليقين؟ أم ما زالت بعض إداراتنا الحكومية تسير على خُطى أخطاء الآخرين؟
ريم شيخ حمدان