جولة بينس المكوكيّة.. حصادُ زرع يابس
سماهر الخطيب
في الجولة المكوكية التي قام بها نائب الرئيس الأميركي مايك بينس الى المنطقة التي تزامنت مع انفجار داخلي أميركي وانفجار خارجي تركي كردي تدور رحى الخفايا والنيات الهادفة لاستنباط حلول مصلحية لعلّها تحفظ ماء وجه الإدارة الأميركية وسياستها التي لا زالت في المهد متخبّطة باستراتيجيات واهية وخطط متشعّبة من دون الحصول والوصول لقرارات حازمة فلا يخفى على المتابع للمجريات الأميركية بأن يلاحظ ويقع نظره وحدسه على تخبّط في الإدارة الأميركية مع وصول ترامب «البغو» زهرة الشوك في علم السياسة وعلم الجيبولتيك السياسي.
داخلياً، سبقت تلك الزيارة تظاهرات مناهضة للإدارة الأميركية بسبب جمودها وعدم تأقلمها مع مطالب شعبية، فمن إلغاء قانون «أوباما كير» إلى إلغاء برنامج «داكا» وانقسامات بين الديمقراطيين والجمهوريين رافقت حفل تسلّم دونالد ترامب مهامه الرئاسية، من دون أيّ تعديل يُذكر في استراتيجيته الداخلية سوى المزيد من الانكسارات والشروخ داخل بيته الأبيض.
خارجياً، سبقت زيارة بينس سلسلة من الإجراءات والتطورات والخطط البديلة بدءاً من التلويح والتهديد بالانسحاب من الاتفاق النووي بحجة «تعديل بنوده»، مروراً بزيادة ضخّ الاتهامات ضدّ روسيا والصين التي توّجت باستراتيجية الأمن القومي الأميركي واعتبار مواجهتهما أجدى وأولى من مواجهة الإرهاب ولمَ لا وهو ما صنعته أيديهم ناسين بأنّ طابخ السم ذائقه.
وصولاً إلى إعلان تشكيل حرس الحدود في الشمال السوري لمواجهة النفوذ والمدّ الإيرانيين، على حد زعمهم، غير متناسين إعلاناً طال انتظاره «القدس عاصمة لدولة لا أساس لها من الشرعية والوجود».
كل ذلك جاء متزامناً وسابقاً لجولة بينس المكوكية بين مصر والأردن ودولة الاحتلال، وكأنما به «العزيز هنري كيسنجر» الذي جال جولة مشابهة من حيث الفحوى والجشع الأميركي والتي سعى من خلالها إلى «فصل القوات» عن طريق استراتيجيته «خطوة خطوة» مكللاً عهر خطواته باتفاقية «كامب ديفيد» الملعونة.
وبينس اليوم يسعى لـ «ضمّ القوات» وحشدها عن طريق استراتيجية الـ «خلط» وجمع جميع المكاسب دفعة واحدة من دون أن يتناسى ذاك الهاجس الجيوبولوتيكي والسيطرة على المنطقة باعتبارها منطقة حيوية في قلب المصالح الأميركية وضمان إسكات الصوت الداخلي الأميركي بحصد مكاسب خارجية، وحشد الدعم مقولباً بقالب «الخوف على المنطقة من التمدّد الروسي والإيراني» وفي باطنه تحقيق أكبر مكسب بإبعاد «الشبحين» أو على الأقلّ تعطيل ذاك التمدّد عبر حزام مختلط «إسلامي متشدّد، إثني متزمّت، وصهيوني متعجرف».
ففي مصر نال بينس ما ذهب لأجله، وهو صرف النظر عما أعلنته من عاصمة لدولة غاصبة إلى التركيز على الجار القطري «الداعم للإرهاب» واستصدار إدانة للجنون التركي الذي عاقبته واشنطن كما موسكو بزجّه وتوريطه في الحرب السورية إنما العقوبة الأميركية كانت بسبب التقارب الروسي التركي وصفقة الصواريخ «أس 400» والدخول في الحوار السياسي كضامن وطرف مما أغضب واشنطن وجعلها تقوم بخطوة الإعلان عن حرس الحدود كصفعة في وجه أردوغان، حتى يعود إلى بيت الطاعة الأميركي.
وفي الأردن لم تختلف الأهداف والنيات إلا من جهة تأمين الحدود الجنوبية مع سورية ومحاولة للمراوحة علّها تحبط شيئاً من نصر لم تعد تدرك عدّ مراته وفشل خطط شيطانية سجله الجيش السوري وحلفاؤه.
وفي دولة الاحتلال حيكت الخطط والمكائد بمباركة «إسرائيلية» يلخصها كلّ ما جرى وسيجري في المنطقة المتّجهة نحو التصعيد الذي تريده الولايات المتحدة، إنما بدهاء روسي وحكمة سورية وثبات إيراني، فإنّ هذا التصعيد سيستثمره الثالوث المقاوم ليحصد نتائج نصره فيما ينقلب السحر على الساحر الأميركي.
فخطوة خطوة ليست تشبه بنداً بنداً والمبادئ تنتصر على المصالح في الجيوبولتيك السياسي، هناك رابح واحد هم أبناء الجيوبولتيك السوري وأبناء الأرض السورية.