أحمد أبو زينة: واجب التشكيليّ السوريّ الاستمرار في العمل والبقاء في الوطن
كتب محمد سمير طحّان من دمشق ـ سانا : في لوحة التشكيلي أحمد أبو زينة الكثير من الزخم اللوني والتضاد القوي إلى جانب التوازن في التوزع على سطح اللوحة، عبر تجريد مميز ما يدخل المشاهد في حالات شعورية متناقضة محمّلة بأفكار عميقة وتفتح أمامه العديد من التساؤلات النفسية، إلى جانب المستوى البصري العالي المرتكز على الجرأة اللونية في الألوان المتفاوتة بين الحار والبارد.
تحتاج لوحة أبو زينة إلى التأمل لتفكيك رمزها ومكوناتها اللونية الخالية تقريباً من الإيحاء، فهي تقدم حواراً لونياً عميقاً يحمل ثقافة الفنان ومخزونه المعرفي والفني ويخاطب العقل والإحساس لدى المتلقي على حد سواء.
عن تجربته الفنية ونظرته إلى واقع الحركة التشكيلية السورية يقول التشكيلي أبو زينة: «أقدم عبر لوحتي مشاعري وأحاسيسي ومخزوني الثقافي والفكري وأحاول أن أوصل ذلك كله عبر أسلوبي الخاص وألواني. اللون في لوحاتي هو المحرض الرئيسي لي. واللون لديّ معقداً أحياناً، لكنه يعمل في الوقت ذاته على إثارة المشاعر لدى المشاهدين، علماً أن لوحتي تبرز اللون الصريح القوي مباشرة»، موضحاً أنه يبتعد عن فكرة الانسجام الهادئ للألوان بعضها مع بعضها الآخر، وغالباً ما يلجأ إلى حوار الألوان الصريحة على القماش مباشرة.
يؤكد أبو زينة أن نجاح تجربته الفنية يعتمد على التوازن اللوني والقدرة على خلق عمل فني ناجح، مضيفاً: «إن همي هو التوجه إلى القيم عبر التضاد اللوني بمفاهيم روحية وواقعية إنسانية ومخاطبتها بألوان ومساحات لونية تصادمية متضادة وممزوجة بواقعية تبسيطية شفافة لخلق حوار حضاري انساني عبر الشكل واللون والحالة الدرامية بينهما. إنّنا في أمسّ الحاجة اليوم إلى الملتقيات الأدبية والفنية والثقافية في هذه الفترة الحرجة التي تشهدها سورية، وهذا يستدعي إيجاد فسحة للحياة للإنسان السوري، ومن المفيد مضاعفة عدد النشاطات الثقافية».
يوضح الفنان الذي شارك في الملتقيات التشكيلية التي أقامتها وزارة الثقافة في كل من مدينتي دمشق وجبلة هذا العام أن أي مكان يملك القدرة على احتضان أي نشاط ثقافي يعتبر مكاناً مهماً، وعندما يتسم هذا المكان ببعد حضاري وتاريخي وثقافي فذلك يزيده ألقاً وتميزاً ويعطي للنشاط الثقافي زخماً، خاصة إذا كان المكان مفتوحاً أمام عامة الناس، ما يساعد في تفاعلهم مع العمل الإبداعي ومع الفنانين أثناء عملهم ويكسر الحاجز بين الناس والفعل الإبداعي الثقافي ويقربه منهم. ويعتبر أن دور الفنان السوري اليوم هو الاستمرار في العمل والبقاء في الوطن لتقديم الفن المعبر عن الحياة وقوة الإرادة.
وحول الملتقيات والأنشطة الفنية يقول أبو زينة: «إن حضور مجموعة من الفنانين التشكيليين في ملتقى فني يساعد في تعاونهم عن قرب والاطلاع على أساليبهم وتقنياتهم وطرائق عملهم، وهو فرصة للتلاقي والحوار والتفاعل. ومن خلال اطلاعه على الصحافة الفنية الغربية التي اهتمت بأعماله التي عرضت هناك وأعمال التشكيليين السوريين، ومن خلال تفاعل الجمهور الغربي مع تلك الأعمال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يوضح أبو زينة أن الفن لغة عالمية ولا يمكن تجاهله لأسباب سياسية أو غيرها فلو كان يتمتّع بسمة الإبداع سوف يفرض وجوده على الساحة الفنية العالمية .
ويرى أن الفن التشكيلي السوري موجود على الساحة العربية بقوة رغم غياب بعض الأسماء المهمة، لكنه وضع موقت يزول مع زوال الأزمة، مؤكداً على أن للحركة التشكيلية السورية قيمتها ودورها الرائد في الفن التشكيلي العربي.
شارك أبو زينة في أبرز معارض ألمانيا الذي يعتبر من الأهم في الغرب لكونه يستمر أربعة أشهر متواصلة ويزوره أكثر من أربعمائة ألف زائر ويتقدم للمشاركة فيه سنوياً أكثر من أربعة آلاف فنان تشكيلي من أنحاء العالم ويتم اختيار مئة وثمانين فناناً فحسب، وتأتي هذه المشاركة تقديراً للوحة التشكيلية السورية عامة، بحسب تعبير أبو زينة.
يعبر أبو زينة عن تفاؤله بمستوى الفنانين التشكيليين الشباب ويقول إنه لاحظ في معرض الربيع لهذا العام مستوى مبشراً من المواهب: «أستطيع القول إن ثمة سوية فنية عالية فاقت ما قدم في معرض الخريف، وهذا يدعو إلى السعادة بوجود جيل سيطور الحركة التشكيلية السورية».
أحمد أبو زينة خريج قسم العمارة في كلية الفنون الجميلة، في جامعة دمشق، عام 1970، أقام العديد من المعارض داخل سورية وخارجها وحاز مع أربعة فنانين جائزة «بيينالي الخرافي الدولي الرابع للفن المعاصر» الذي شارك فيه تسعون فناناً وفنانة تشكيلية من 17 دولة عربية.