الضغوط على لبنان ستتزايد والمقاومة جاهزة
حسين حمّود
لم يكن إدراج لبنان على جدول جولة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى لبنان مفاجئاً، ولا حتى زيارة مساعده دايفيد ساترفيلد. فكل طارئ يتعلق بمصلحة العدو «الإسرائيلي» من الجانب اللبناني يحط الموفدين الأميركيين فيه، حتى لو اقتضى الأمر زيارة من الرئيس الأميركي نفسه إلى هذا البلد الصغير بمساحته، أي لبنان.
أما الطارئ المستجد الذي استدعى هذه الزيارات فهو النفط، وعدم سماح لبنان للعدو بـ «التسلبط» على ثروة لبنان منه، الموجودة في المنطقة البحرية المحاذية لفلسطين المحتلة. أما الأمر الثاني فهو الضغط لمنع المقاومة من أي تحرّك أو عمل للدفاع عن مصالح لبنان الحيوية.
في الشكل، كان يجب على الأميركيين التوجّه إلى «إسرائيل» قبل لبنان، لأن المشكلة النفطية هي التي افتلتها بادعائها ملكية البلوك النفطي التاسع، وحلّ المشكلة مع لبنان بمنع «إسرائيل» من الاستيلاء على ما ليس لها، وبشكل أعمّ، إقناعها بالإقلاع عن مبدأ السلب والنهب الذي امتهنته ولا تزال منذ احتلالها فلسطين.
طبعاً، هذا غير وارد ولا مطروح البتة، إذ الولايات المتحدة بذاتها اعتمدت هذا المبدأ في المنطقة وفي غيرها من العالم. فهي تحتل أي دولة تخطر على بالها وتسيطر على ثرواتها، ولا تقيم وزناً لأي قيم أخلاقية أو سياسية ولا حتى لحقوق الإنسان والشعوب، فكيف تطلب من «إسرائيل» كبح جماحها العدواني التسلطي.
أما في المضمون، فبدل أن يحمل الموفدون الأميركيون، أفكاراً جدية للحل، مثلاً، كإثبات عدم ملكية لبنان للبلوك النفطي المذكور، بوثائق ومستندات وخرائط علمية ودامغة، فبدل ذلك يطلبون من لبنان، التنازل عن جزء من ثروته لعدوه التاريخي، الموجود أصلاً بسبب سرقته أرضاً وبحراً وحتى شعباً، لا علاقة له بهم. كما أن لبنان لا يعترف بوجود دولة كهذه في محيطه، وكثير من اللبنانيين يرفضون بقاءها، لذا فإن الكيان الصهيوني، ليس دولة قانونية وشرعية ليطالب بحقوق أو حتى لينازع فيها.
وتبعاً، لذلك أقلّ ما يجب أن يواجه به «الإسرائيليون» ومن ورائهم الأميركيون، هو رفض المناقشة بأي حقوق لبنانية يطلب من الحكومة التنازل عنها، إذ هي أصلاً ليست ملك الحكومة بل هي حقوق لكل اللبنانيين ومهمة حكومتهم إدارتها، وليس وهبها لأي عابر سبيل، شخصاً كان أو دولة، أميركياً كان أو غيره.
بيد أن ما ظهر، هو أن واشنطن لا تعبأ بمسألة الحقوق ومَن يملكها حقيقةً، ولم تلاحظ أن النظام اللبناني ليس ملكياً، على النمط الخليجي وتملكه وتحكمه أسرة أو بضع أسر معينة.
كان على المسؤولين اللبنانيين أن يشرحوا للأميركيين هذه الحقيقة، وعدم التعاطي مع لبنان على الطريقة التي اعتادتها الولايات المتحدة مع إمارات وممالك أسرية. وإفهامهم أن لبنان ليس ضعيفاً، وقادر على الدفاع عن مصالحه وثرواته ووجوده، من خلال قوة اللبنانيين، والإقلاع عن استخدام فريق لبناني يلفظ أنفاسه الأخيرة، في التحريض على قوة لبنان وينادون بتجريده من هذه القوة بذرائع تافهة.
الولايات المتحدة و«إسرائيل» لن يهدآ في الضغط، رغم رفض المقترحات الأميركية، بشأن النفط. وهما سيستعملان كل الوسائل لإرضاخ لبنان. لكن المقاومة تكشف في كل مرة عن إحدى وسائل الردع للعدو ومن يقف خلفه. لكن كما قال السيد حسن نصرالله أمس، إن المقاومة كفيلة بمواجهة كل الضغوط وإلى أي حد تصل. وحتى الآن أميركا خابت في لبنان.