أردوغان يدعو حلف الناتو للتدخل في سورية…!
محمد ح. الحاج
خمسة وأربعون يوماً مرّت على بداية العدوان التركي على الشمال السوري بذريعة مكافحة إرهاب لم يصنّفه العالم إرهاباً ما عدا السلطان التركي ونظامه ـ ومعلوم أنّ عفرين ليست حكراً على الاثنية الكردية، بل هي أرض سورية يعيش فيها مزيج من السوريين وإنْ غلبت عليهم الصفة الكردية.
قلنا وما زلنا نقول: هي الخطيئة الكردية في البداية، وهي الذريعة التي يغطي بها السلطان العثماني الجديد أطماعه، لكن هذا الغطاء سرعان ما يسقط بعد أن يعلن شيئاً من خططه للمنطقة كإقامة سبع مخيمات تحت الإشراف التركي، يدفع بسكان المنطقة خارجها، ليمنحها لمن والاه، وأغلبيتهم ممّن منحهم الجنسية التركية وإنْ كانوا ما زالوا على القيود السورية، ونعرف الكثير منهم، أردوغان ونظامه يلعبان من جديد وإنْ بطريقة مختلفة لعبة مارسها أسلافه قبل ثمانين عاماً في اللواء السليب… الاسكندرون!
«السلطان» يعلن أنه بعد عفرين سيتوجه إلى منبج ويتابع شرق الفرات وصولاً إلى الحدود العراقية…! ويأتي إعلانه هذا وسط صمت مريب من كلّ الأطراف وأوّلها الأميركي الذي أعلن أنّ وجوده لغاية واحدة، منع داعش من العودة وحماية حلفائه الأكراد…! فهل تنبّه الأكراد إلى هذه اللعبة…؟ لعبة الصمت التي تسبق الانسحاب، وأنّ الوجود الأميركي مردّه الرغبة في منع الجيش السوري من العودة إلى المنطقة تسهيلاً لمهمة الحليف التركي في السيطرة على كامل الشمال السوري واقتسام ثرواته وإقامة قاعدة أميركية قرب دير الزور لا شك أنّ دراستها ومخططاتها جاهزة منذ سنوات وهي بند من الاتفاق التركي الفرنسي الموقع عام 2010… هل نسيتموه، أم تناسيتموه يا من يعنيكم الأمر؟
لم تعلن الامبريالية العالمية أمراً وتراجعت عنه عبر تاريخها الطويل، ومخطط «الشرق الأوسط الجديد» أو «الكبير» هو الآن قيد التنفيذ ومن يقول إنه توقّف أو ألغي أو تمّ تجاوزه هو عديم الرؤية أو هو عميل صامت مهمته التعمية والتضليل، وأما الدليل على أنّ المشروع ما زال قائماً فهو استمرار أميركا وأردوغان على ذات النهج، ونسي البعض تصريح أردوغان بأنه مدير مهمته العمل لتحقيق المشروع الجزء المنوط به في كلّ من العراق والشام، ولمن لا يعلم بعد يمكنه أخذ العلم بأنّ السلطان عضو في المحفل الماسوني اسطنبول ، وحائز على الثقة اليهودية وتمّ تعيينه مديراً في مشروع كوندوليزا رايس الشرق الأوسط الكبير وحصل على أوسمة ومرتبة علمية وتكريم من المحفل الأعظم – راجعوا أقوال نجم الدين أربكان ففيها الحقيقة.
الذين يعتقدون أنّ أردوغان هو ضدّ الكرد مبدئياً يرتكبون خطأ عظيماً، بعض الكرد أقرب إليه من كثيرين في حزبه، وهو الذي وصل إلى قيادة هذا الحزب بطرق ملتوية فيها الكثير من الخداع، ولكن بدعم من الجهات الفاعلة على مستوى الغرب بالكامل ومحافله، وهي تضمّ كثيراً من قيادات الكرد وهم بالأصل من جذور يهودية كالبرزاني وبعض من حوله، أخوية المحافل الماسونية تتجاوز كلّ التناقضات وكلّ الولاءات ولن أعدّدها.
مسموح للسلطان العثماني الجديد أن يتوجه بالإنذار إلى القوات الأميركية، وأن يضربها إذا اقتضى الأمر زيادة في التضليل، وستخرج هذه القوات من المناطق المتواجدة فيها لصالحه متخلية عن الكرد الذين لا يهمّها مصيرهم وليست بوارد حمايتهم لا في القديم ولا حديثاً ويكفي عقلاء الأكراد المقارنة ودراسة المواقف الأميركية تجاه من كانت تستخدمهم تحت اسم حلفاء وتخلت عنهم كأجراء.
الأمر المحيّر للمتابع هو في الموقفين الروسي والإيراني من العملية التركية الجارية على أرض دولة ذات سيادة يقولون بضرورة الحفاظ على وحدتها…! وفي الوقت ذاته هم في وضعية تحالف مع التركي النقيض لهم بتحالفه العضوي مع الناتو… فهل يفهمان الدعوة التركية إلى تدخل الناتو في سورية على أنها مزحة أم حقيقة تفتح الباب أمام صدام دولي بين كتلتين إحداهما حلف واسع متكامل العتاد والمخططات والتصميم الناتو ، وطرف لا تزال خططه إفرادية تعتمد ردود الفعل إذ لا تكامل بين قواه العسكرية ومواقفه ومخططاته… الحلف الروسي لم يخرج عن فردية روسيا دون الإيراني والصيني والهندي وغيرهم، ومن اليسير على الغرب تحقيق مخططاته إذا علمنا يقيناً أنّ تركيا هي رأس الحربة، وما يقوله «السلطان» قد يفعله طالما لم تقف بوجهه قوة كبيرة، وليست وحدات الحماية الكردية هي القادرة مع افتقارها للسلاح الثقيل والدفاع الجوي، فهل يمكن لسورية المقامرة بمناطق الشمال لتكون غنيمة التدخل العسكري التركي؟ وقد يقول أردوغان إنه حرّرها وإنه سيستمرّ بحمايتها عبر تواجده! ثم ليكرّر اللعبة ذاتها عبر استفتاء لتصبح حلب مدينة حدودية، ومن يضمن ألا يقف الغرب معه كما وقفوا في الماضي نتيجة توافق المصالح وهو الآن من يتحكم بالكثير المؤثر على الحياة في أوروبا وخاصة الغربية منها… خطوط الغاز والمعابر المائية إلى داخل البحر الأسود والحليف الجديد أوكرانيا!
لقد تأخر الكرد كثيراً ليطلبوا الدولة السورية وجيشها وقواها لحماية عفرين، مع العلم أنّ ذلك لم يكن ممكناً مع انشغال الدولة بمكافحة العصابات الموالية لتركيا والسعودية وقطر، ولكن كان مجرد وجود الدولة على الحدود وارتفاع علمها ووجود وحدات رمزية من الجيش كافياً لاعتبار الهجوم التركي يستهدف الدولة السورية وليس المنظمات الكردية.
حقيقة ما يحصل الآن هو عدوان على الأرض والشعب السوري بكامله، ولكن يُقال إن لا وجود للجيش السوري هناك، ولا العلم السوري مرفوع وإنْ جرى رفعه لاحقاً في أكثر من نقطة مع تواجد الوحدات الداعمة للجيش والتي لبّت النداء بتجهيزاتها الخفيفة والمتوسطة ليستمرّ السؤال أين هو الدفاع الجوي القادر على منع الاختراق اليومي للسماء الوطنية وقيام التركي بقصف وتدمير المنشآت وقتل المدنيين السوريين بكلّ أطيافهم؟
المخطط التركي المعلن على لسان مدير عملية «الشرق الأوسط الجديد أو الكبير» يستمرّ بانطلاقته، فإذا ما استمرّ الحال كما هو حاضراً فقد لا يتأخر سقوط عفرين وغيرها ثم ينتقل السلطان شرقاً إلى منبج بعد أن يخليها الأميركي، بعدها يتجاوز جسر قره قوزاك حيث كان ضريح جدّه السيّئ الذكر ليجتاح عين عرب وتل أبيض والرقة وربما بعدها إلى الحسكة مروراً بتل تمر فالقامشلي وإلى آخر نقطة في كراتشوك إلخ…
الكرد الذين يراهنون على الأميركي وحمايته سوف يتلقون طعنة منه في الظهر، هم اليوم يكتمون أنفاس الوطنيين السوريين في المدن والبلدات السورية شمال وشرق الفرات، إلا أن يكونوا على اطلاع بالمخطط وأنهم جزء منه، وهم على ارتباط وثيق بالبرزانية الماسونية المأجورة، القادة منهم يستمرّون مع انسحاب الأميركي ليتولى آخرون الإدارة تحت سلطة التركي مع وجود أميركي ودخول صهيوني كما يحصل في الشمال العراقي، وإلا ما على الكرد اليوم إذا كانوا من الوطنيين ويرغبون بإدارة ذاتية المبادرة إلى طلاق بائن مع الوجود الأميركي والمطالبة بخروجه فوراً وجمع كلمة المنطقة وطلب انتشار الجيش الوطني السوري على الحدود مع تركيا لوقف هذا الاجتياح العدواني.
ما زال للدولة السورية حرماتها وحقها وواجبها في حماية حدودها بدعم من شعبها وليس بدعم الغرباء، وهي بالتأكيد قادرة على وقف هذا الاجتياح وإفشال عملية «الشرق الأوسط الجديد» التي يديرها اليهودي أردوغان.