«البترول سلاح انترناسيوني لم يستعمل بعد»… مراسيم النفط والغاز… «خطاك راوح»
أدونيس كيروز
«هذا السلاح الثمين لم نستعمله، وأسلحة غيره كثيرة تبقى من دون استعمال!! …لقد كان في إمكان المفاوض السوري أن يتحكّم بمصير مفاوضات الهدنة السورية-اليهودية، وبمصير أعمال مؤتمر لوزان، وبطبيعة مواقف أميركانية في الأمم المتحدة في جميع القضايا التي تهم الدول السورية في قضاياها الحيوية، وخصوصاً في فلسطين».
هذا ما أشار إليه أنطون سعاده في مقالته التي كتبت في التاسع من أيار من عام 1949، بعنوان «البترول سلاح انترناسيوني لم يستعمل بعد»، وذلك تعقيباً على تصديق «اتفاقية التابلاين»، بعد أن كانت موضع أخذ ورد ورفض في عهد الحكومة السابقة، وبعد أن مرّ على توقيعها من جانب الحكومة اللبنانية ما يزيد على العام.
إلا أنّ الوضع اليوم، أصبح أكثر سوءاً من كيفية استخدام هذه الثروة النفطية في الأسلوب الأفضل لخدمة أي مصلحة عليا، أو خلق فرص عمل، أو دعم القطاعات الإنتاجية.
فمن جهة، تستمرّ الحرب في سورية مستنزفةً كلّ قدرات الدولة والشعب، في حين تستبيح التنظيمات الإرهابية النفط من أجل تمويل عمليّاتها. وتشهد المراسيم النفطية في لبنان تأجيلاً خامساً، حاجبةّ التقدّم في أي مسار للاستكشاف.
كما يبدي بعضهم مخاوفه من إدارة عائدات النفط والغاز بشكل سيئ، ومن عدم تحقيق الفائدة المرجوة للبنانيين في نهاية المطاف. وهذا ما لفت إليه وزير الطاقة والمياه آرتور نظريان أمس، خلال إطلاق «اليوم اللبناني للبترول 2014»، تحت عنوان «إطلاق الفرص»، في فندق فينيسيا. لافتاً إلى أنّ «بعضهم لا يزال يتساءل عما إذا كانت المياه البحرية اللبنانية تختزن في قعرِها موارد بترولية واعدة، في حين أنّ بعضهم الآخر بات مقتنعاً بوجود هذه الموارد، لكنه يخشى عدم انطلاق عملية الاستكشاف في المستقبل القريب». وهذا ما يخشاه معظم اللبنانيين.
وفي حديث إلى «البناء»، أشار رئيس هيئة إدارة قطاع البترول د. ناصر حطيط من جهته، إلى أنّ «التوقيع على المراسيم هو الخطوة الأولى والأساسية قبل أي مرحلة تالية، إن كان من تلزيم بلوك أو إثنين، أو عملية الحفر والاستكشاف، لتظهر من بعدها الفرص الحقيقية أمامنا»، لافتاً إلى أنّ «التأخير في توقيع المراسيم يعرقل كلّ الفرص وقد يستمرّ طويلاً».
وتجدر الإشارة إلى أنّه تم تأهيل 46 شركة، وفقاً للمعايير التي تضمّنها مرسوم التأهيل والمعمول بها في الصناعة البترولية، ووضعت الهيئة خطة دورة التراخيص الأولى ووافق عليها مجلس الوزراء عام 2012، ثم المرسومين المتعلّقين بالرقع في البحر اللبناني، ومسوّدة الاتفاق بين الدولة والشركات ودفتر الشروط، ووافق مجلس الوزراء على خطة دورة التراخيص، وتم التأجيل لخمس مرات، وتم ربط المزايدة بموافقة مجلس الوزراء على المرسومين الشهيرين. وكانت هيئة إدارة البترول، وبحسب بعض الخبراء، سبقت كلاً من «اسرائيل» وقبرص في خطواتها في التحضير لإطلاق هذا القطاع.
لكن في المقابل، ومع مراوحة المراسيم مكانها، تقدّمت «اسرائيل» في إيجاد دول مستوردة للغاز الفلسطيني، وبدأت الفرص المتاحة للبنان تواجه مزيداً من الأخطار.
فبعد أن كانت «إسرائيل» لأكثر من عقد من الزمن، تعتمد على إمدادات الغاز الطبيعي المصري، إذ كانت تستورد نحو 40 في المئة من احتياجاتها بموجب اتفاق وقع بين البلدين عام 2005، قرّرت شركة «إسرائيلية» تزويد مصر بالغاز الطبيعي، وذلك بعد مرور أكثر من عامين على توقف تصدير الغاز المصري الى «إسرائيل» بسبب أعمال تخريب تعرّضت لها أنابيب الضخ.
إضافة إلى ذلك، أشار وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني محمد حامد إلى أنّ عام 2017 سيشهد تدفقاً لكميات كبيرة من الغاز الطبيعي، الذي سيتم استخدامه لإنتاج الكهرباء وفي الصناعة، مؤكداً أنّ خيار التوجه الى «إسرائيل» لاستيراد الغاز مردّه عدم وجود خيارات أخرى.
أمام هذه التطوّرات، هل سيكون للبنان أي نصيب بعد التوقيع والاستكشاف في تصدير الغاز إلى دول الجوار؟ ولمن؟ لتركيا؟ التي تستبيح ثروات العراق وسورية في الشمال!