قانا 16 نيسان: حقاً قام
بلال رفعت شرارة
يبقى هذا الأسبوع هو أسبوع قانا فلا تخونني الذاكرة ولا تريد واحة الياسمين دمشق المقيمة وسط هذه الصحراء العربية أن نسرق الأضواء من قانا، ولو أنها أنهت للتوّ اثنتين من أكبر معاركها، الأولى تحرير الغوطة من الإرهاب ورفع سلاحه الذي كان مصوّباً إلى أنحاء جسدها، والثاني إسقاط أهداف العدوان الثلاثي مع تحالف الراغبين الجوّي الصاروخي الذي استهدفها ومهّدت له «إسرائيل» بقصف مطار «تي فور» في حمص.
كي لا ننسى، ففي السادس عشر من نيسان أطلقت المدفعية «الإسرائيلية» الثقيلة عدداً من القذائف المنثارية التي استهدفت تجمّعاً للمواطنين الذين التجأوا إلى مخيم ثابت للقوات الفيجية العاملة في إطار قوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان بموجب القرارين الدوليين 425 و426.
القصف «الإسرائيلي» الذي وجّهته طائرة «إسرائيلية» من دون طيار كانت تحلّق فوق المكان أدّى إلى مجزرة مشهودة ذهب ضحيتها ما يزيد عن مئة مدني جلّهم من النساء والأطفال
يقول آرييه شافيت في صحيفة «هآرتس – الملحق الأسبوعي» نيسان 1996: لم نقتلهم عن سابق تصوّر، ولم نقتلهم عامدين متعمّدين، وإنما قتلناهم ببساطة، لأنه لم يكن من الأهمية بالنسبة لنا أن لا نقتلهم. لقد قتلناهم لأنّ الفارق الشاسع بين الطابع المهمّ الى حدّ القداسة الذي نوليه لأرواحنا وبين الطابع القليل الأهمية لأرواحهم سمح لنا بقتلهم… . هكذا تمّ الأمر ببساطة، ولكن الفارق هذه المرة بين هذه المجزرة والمجازر «الإسرائيلية» الأخرى أنّ وسائل الإعلام التقطت مشاهد المجزرة ونقلتها إلى العالم وهي أخذت وقتاً طويلاً قبل أن تقع في ذاكرة العالم والشرق الأوسط على وجه الخصوص وتصبح أرشيفاً وسجلاً مضافاً للجرائم «الإسرائيلية» ضدّ الإنسانية!
وحدهم أهالي الجنوب وطليعتهم بلدة قانا والجوار والقوى السياسية الحيّة يبادرون سنوياً إلى إحياء ذكرى مجزرة بل محرقة قانا… ببساطة هم ميّتهم لا يموت … فهم انتظاريّون وتقوم عقيدتهم على انتظار ظهور الإمام الحجة عليه السلام ليملأ الأرض عدلاً وسلاماً، بعد أن امتلأت ظلماً وجوراً، وعودة الإمام السيد موسى الصدر الذي أخفاه نظام القذافي منذ العام 1987… ووحدهم أهالي الجنوب ومعهم ذاكرة جليلية يتذكّرون الجرائم والمجازر «الإسرائيلية» التي استهدفت كلّ مدينة وبلدة وقرية دسكرة فلسطينية وحدودية لبنانية حولا وصلحة في أعوام النكبة، ويتذكّرون أنه بالرغم من اتفاقية الهدنة لعام 1948 فإنّ أيدي الجريمة من قوات الكومندوس «الإسرائيلية» هاجمت كلّ موقع مدني لبناني وقتلت ونسفت، ثم تطاولت على لبنان بالاجتياحات والاحتلال وارتكبت كلّ أنواع الجرائم والمجازر واستخدمت الأسلحة الفتاكة والمحرّمة دولياً.
الآن وفي كلّ نيسان/ ابريل تعاود قانا نبش جراحها واستعادة ذاكرة مفقودة أو مهترئة أو مبعثرة، وتعود لتجمع أشلاء صور الأطفال الذين اغتالتهم شظايا القذائف «الإسرائيلية» المنثارية والحارقة النابالم المحرّمة دولياً، وتعود الذكرى لتطلق صرخة مضافة إلى صراخ فلسطين كلّ جمعة بوجه الاحتلال.
أنا أزعم أنّ أعراس قانا ودمها المنسكب عاد وكتب قيامة جديده تشهد أنّ السيد المسيح حقاً قام، وأنه لا بدّ وأنه سيطرد التجار من هيكل الربّ.