عداء «حكماء 14 آذار» لحزب الله والمقاومة
علي البقاعي
مضحكة تصريحات «حكماء 14 آذار»، المثقفين منهم وغير المثقفين، والمقيمين وغير المقيمين في فريق 14 آذار تجاه حزب الله بأنه سبب مآسي لبنان كلّها!
أكثر ما يتداوله هؤلاء «الحكماء» في إعلامهم ومجالسهم وندواتهم أن حزب الله هو الذي يمنع انتخاب رئيس للجمهورية، ويمنع إجراء الانتخابات النيابية، ويعطل أعمال مجلس الوزراء، ويعطل عمل الجيش اللبناني، ويعرقل عملية الإفراج عن العسكريين الأسرى لدى «داعش» و«النصرة»، ويشجع على الفوضى للوصول إلى الفراغ ومن ثم وضع اليد على الدولة.
يقول بعض المحلّلين الجهابذة في هذا الفريق إن حزب الله اتهام سياسي فحسب هو الذي نفذ الاغتيالات التي شملت خصومه وحلفاءه وحتى أتباعه. فهو، أي حزب الله، كان المخطط لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ويجدون التبريرات لتبرئة «إسرائيل» بل ممنوع الظنّ بالموساد! والحزب اغتال الشهيد عماد مغنية لأنه قاد المقاومة في الانتصار على «إسرائيل» في تموز 2006، وحزب الله كان وراء اغتيال الشهيد حسان اللقيس، أحد قادته الخبراء في مجال الاتصالات، وحزب الله هو من اغتال اللواء فرانسوا الحاج واللواء وسام الحسن ووسام عيد، وهو المخطط والمنفذ لعمليات الاغتيال والتفجيرات كافة في الضاحية الجنوبية وطرابلس وبيروت وباقي المناطق، وصولاً إلى المركز اليهودي في الأرجنتين وقتل السياح «الإسرائيليين» في بلغاريا.
يقول أحدهم وهو ممثل للشعب اللبناني في مجلس النواب إن حزب الله هو المتآمر الأول على سنّة لبنان ويريد إذلالهم، وحزب الله هو الذي يتآمر على مسيحيي لبنان ويريد تهجيرهم، وعلى دروز لبنان ويريد إفناءهم، وهو المتآمر الأول على شيعة لبنان ويريد إلحاقهم بإيران وبولاية الفقيه!
يعجبني الفكر «الاستشرافي» لدى أحد «المحللين العسكريين» الذي يبدو أنه نسي قبل فترة أنه أمام عدسة الكاميرا فاستطرد في تحليلاته «الذكية» أن حزب الله وقادته حلفاء لـ«إسرائيل» وأميركا، وأن جميع المعارك التي خاضها أبطال الحزب ضد «إسرائيل» كانت فبركة إعلامية متفق عليها! وأن تدمير الميركافا والبارجة الحربية ولجنة فينوغراد كانت كلّها تمثيلية هوليوودية لخداع سعد الحريري وسمير جعجع وفارس سعيد، ولا ننسى خالد الضاهر وأحمد فتفت، ولمساعدة الحزب في السيطرة على لبنان!
يتفق عدد من «حكماء 14 آذار» مباشرة أو مداورة على أن حزب الله ينفذ سياسة إيران في لبنان ويتحالف مع النظام في سورية ويمنع «ثوار الربيع العربي» بقيادة «أبو بكر البغدادي» من تحقيق الديموقراطية الموعودة في سورية والعراق ولبنان، وأن عناصر الحزب هي التي تحاصر بلدة عرسال وتعتدي على أهلها، وهناك من يدعي ومن هو جاهز ليصدق أن حزب الله هو الذي قتل الضباط والعسكريين اللبنانيين في عرسال وليس مجرمو «داعش» و«النصرة»، وأن حزب الله هو الذي غدر بجنود الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد وليس شاكر العبسي، وأن الحزب هو الذي ارتكب المجزرة في حق جنود الجيش اللبناني في صيدا ولم يكن المجرم الفار أحمد الأسير وصديقه المطرب فضل شمندر.
قد تسمع بعضاً من هذا الفريق يجادل بأن هؤلاء القادمين من أصقاع الدنيا يريدون الخير للبنان وأن «أبو بكر البغدادي» و«أبو حفص السعودي» و«أبو دجانة الداغستاني» و«أبو سلافة الطاجيكي» و«أبو الدرداء الليبي» و«أبو المعتصم الصومالي» و«أبو الأشهب الألباني» و«أبو البراء الشيشاني» أقرب إلينا من أبناء أمتنا الذين يؤمنون بوحدة المجتمع، رافضين فكرهم الظلامي الذي يقوم على النحر والسبي والاستعباد والتمييز الديني.
الأنكى من ذلك كله أنك تسمع بعضهم يطالب المقاومة علناً بإلقاء سلاحها، رغم اعتراف العديد من قادتهم بأن لبنان يحتاج إلى سلاح المقاومة وكفاءة مقاتليها ونظاميتهم لتكون سنداً للجيش اللبناني ضد الخطر الداهم، سواء كان «إسرائيلياً» أو «داعشياً»، ولأن هؤلاء المقاومين أثبتوا في أرض المعركة سواء في سورية أو في لبنان أن «داعش» أوهن من «إسرائيل» التي ثبت أنها أوهن من خيط العنكبوت.
لو كان حزب الله يريد حقاً وضع اليد على الدولة اللبنانية والاستئثار بالسلطة لقام بذلك في أيار عام 2000 يوم اندحرت «إسرائيل» وهُزم مشروعها في لبنان ووقف السيد حسن نصرالله في بنت جبيل يهدي الانتصار لجميع اللبنانيين على اختلاف فئاتهم وطوائفهم وأحزابهم.
خاتمة: «إن العبد الذليل لا يمكنه أن يمثل أمّة حرة لأنه يُذِلّها». هكذا آمن أنطون سعاده.