أينما كانت السفارة.. فلسطين كلها لنا!
سماهر الخطيب
في المشهد السياسي الدولي اليوم ما يتعدّى حدود المنهج العقلاني. موازين قُلبت، وساعات قُدّمت، وسطور لرواد التاريخ قد بدأت.
ما بين الأقطاب السياسية تجاذبات مصلحية توافقية، بعد أن كانت فردانية عمودية.. ولكن المعادلة الربحية قد ولّى الرهان عليها، في نظرية الألعاب الصفرية. وما بين التوافق والتنافر وبين معضلة السجين باتت اللعبة واضحة المعالم منسوجة بخيوط واهية كـ «خيوط العنكبوت».
بالأمس البعيد، تلاقت المصالح وتكاتفت الجهود وتوحّدت الأهداف وتسلطت الأضواء، ومعها المنابر على أرض الشام بحجة الحرية ونشر مبادئ الديمقراطية. فلا هي أضواء نورانية وكثيراً ما تعطي النار ضوءاً آنياً سرعان ما ينطفئ بشعلة المقاومة. فما حال نيرانهم «الآنية» الزمان أمام تجمّع لشعلة المقاومة «الأزلية» المكان والزمان إلى أن تعود الأرض، كلّ الأرض، إلى أصحابها.
ليس لنا من غاية في السرد، فـ «القوة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره»، وإن كان الثمن دماءنا فلتكن الحياة قرباناً لأرضنا السليبة.
إنما نذكر لعلّ بعضاً منا نسيَ ما حاولت السياسات الأميركية إخفاءه بصبغه بصبغة «القانون الدولي»، فعندما وافق مجلسا الشيوخ والكونغرس عام 1993 على قانون ينصّ على أنه «من حقائق السياسة الخارجية الأميركية ضرورة بقاء القدس عاصمة موحّدة لإسرائيل»، فإننا بالمحراب لهم واقفون، لكوننا أحراراً من أمة حرة.
وإن كانت تلك حقائق السياسة الأميركية كما ادعت، فهي باطلة بتأكيدنا وليس ادعاءات وإرهاصات أحلام بدليل أنّ القدس لازالت وستبقى عاصمة قداستنا وجنوبنا المعبّد بمياهها القدسية.
لكنّ محاولات الإدارة الأميركية تابعت مسيرها باسترضاء كينونتها الخبيثة.
وفي بيان صدر عن البيت الأبيض، في 23 أيار 2017، قال: «إن الرئيس ترامب التزم أمام نتنياهو، بأن تحافظ الولايات المتحدة على التفوّق النوعي للجيش الإسرائيلي على باقي الجيوش في الشرق الأوسط».
كذلك، جاء في البيان «أن ترامب شدّد على التزام الولايات المتحدة بأمن «إسرائيل»، وناقش معه الجهود الأميركية لتحديث القوة العسكرية لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة في مواجهة إيران».
لم يكتف البيت الأبيض بذلك إنما أعلن نقل «سفارته إلى العمارة»، ولم يكن إعلاناً فحسب، إنما وفي محاولة لاستغلال موت «الضمير العربي» وتهافت حكام الخليج إلى استرضاء حليفه «اليهودي»، في الأثناء، سعى لربط القول بالفعل.
يجدر بنا التنويه إلى أن، عندما تتقاطع المصالح تموت المبادئ، توضع في نعش الأنانية، ويصبح الظالم ضحية. تلك هي شريعة الغاب التي تحاول الولايات المتحدة الأميركية إسقاطها على البشرية، تحت ذريعة الحرية ومبادئ الديمقراطية.
ولا نستغرب أنّ شرعة إعلان حقوق الإنسان كانت في العام نفسه الذي أُعلنت فيه الدولة المشؤومة، فباسم حقوق الإنسان أزالوا شعوباً وأوطاناً.
فها هم اليوم يفتتحون سفارتهم في القدس، تزامناً مع إعلان «دويلتهم» المشؤومة على أرضنا، دافعين رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو لدعوة دول العالم إلى «الاقتداء بالولايات المتحدة ونقل سفاراتهم إلى القدس»، مشدّداً على أنّ «القدس ستبقى دوماً عاصمة لدولة إسرائيل».
ولأنها فلسطيننا فإن لغضبنا قولاً ومعنى وفعلاً، بخاصة حين يكرس العدو القدس «عاصمة أبدية له»، ويكرسها حليفه الأميركي بنقل سفارته من تل أبيب إلى القدس، لتكريس الاعتداء وتكريس الاغتصاب لمدينة الديانات وقطب السموات، والعاصمة السورية التاريخية للروح.. فكل الأرض أرضنا الفلسطينية المحتلة من شرقها حتى غربها وفي شمالها عزتنا ولجنوبها مجد وتاريخ لنا.
إنما ما يثير السخط هو توجّههم نحو اللعب على الوتر الديني والاتجاه نحو «تهويد» القدس بمحاولاتهم الزائفة لتزييف تاريخنا وأرضنا، متناسين بأنّ ديننا هو أرضنا التي هي كرامتنا وعزتنا ومنها شمس مقاومتنا التي لن تغيب.
ولكن سؤال افتراضي: ما هي المدة التي يمكن تعيش فيها «إسرائيل» من دون الدعم الأميركي؟!
كيف ستنجو؟ وما المدّة التي ستصمد فيها؟ وإلى متى؟..
ومهما كان هذا الدعم.. وأي دعم كان،.. فستزول.