فلسطين مقاومة.. وعرب نائمون!
سماهر الخطيب
قالت نيكي هيلي، أمس، «لا توجد دولة في هذه القاعة يمكن أن تتحلى بضبط النفس أكثر مما تقوم به إسرائيل»! بهذه الكلمات صدحت حنجرتها الأميركية مساءً تحت قبة مجلس الأمن في سياق انتهاكها ودويلتها للمبادئ والقوانين الدولية واستباحة الشرعة الدولية الإنسانية.
وإذا ما كان أكثر من 63 شهيداً ارتقوا أثناء التعبير الغاضب عن تدشين السفارة في القدس تزامناً مع يوم العودة فأي ضبط للنفس ذاك الذي تبجّحت به تلك المندوبة الأميركصهيونية.
وفي الأثناء نفسها غرّد رجل البيت الأبيض مهنئاً «إسرائيل» ويعتبره يوماً عظيماً، ليقابله صهره «العزيز» بقول «إنّ الرئيس إذا أعطى وعداً فيفي بوعده.. ونحن اليوم نفتتح سفارتنا في القدس عاصمة إسرائيل ».
أيّ يومٍ هذا الذي تزامن مع إعلان الدولة المشؤومة والكيان الغاصب على أرضنا، في 14 أيار 1948 كان ذاك الإعلان وكانت تلك «الأميركية» أول المعترفين والمصفقين.. وفي 14 أيار 2018 تعيد الخزي الدولي والبلطجة في المواثيق والقوانين الدولية وتعلن القدس عاصمة لدويلتها الخبيثة.
ومَن يمنعها! «العرب» الذين عندما حرقوا المسجد الأقصى قالت عنهم رئيسة الوزراء «الإسرائيلية»، «غولدا مائير»: لم أنَمْ ليلتها وأنا أتخيّل العرب سيدخلون فلسطين أفواجاً من كل صوب.. لكن عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء.. أدركت أن بـ «استطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أمة نائمة ».
وهم اليوم يستبيحون الحجر والبشر والمال «خليجي»، أجداد «مائير»، الذين أرادت لمّ شملها بهم! عندما سألت عن نظرتها التوسّعية حيث وقفت على شاطئ خليج العقبة قائلة: «إني أشمّ رائحة أجدادي في خيبر».
أليس الدفاع عن النفس هو إحدى مواد القانون المقدس! أليس القانون الدولي الإنساني هو أحد أهم القوانين الحاكمة في العالم؟ أليست اتفاقيات جنيف الأربع صيغت ووضعت لحماية المدنيين وغيرهم ومعاقبة مجرمي الحرب، بالإضافة إلى بروتوكولين لحماية ضحايا النزاعات الدولية وغير الدولية.
أين تلك المواد وواضعوها مما جرى ويجري على كامل أرض فلسطين المحتلة بالممارسات الصهيونية، إن كانت حركة «حماس» المسؤولة، فليكن، أليست حركة شعبية مقاومة ضدّ الاحتلال؟ وهذا ما نصّت عليه اتفاقات جنيف وبروتوكولاتها! إلا أنّ سياسة الغاب هي الحاكمة والكيل بمكيالين هو السائد في شريعة الغاب الأميركية.
وفي وقاحة الردّ «العربي» كان في القمة، وزير الخارجية البحرينية خالد بن أحمد الذي غرّد متباهياً «طالما أن إيران أخلّت بالوضع القائم في المنطقة، واستباحت الدول بقوّاتها وصواريخها، إنه يحقّ لأية دولة في المنطقة ومنها إسرائيل أن تدافع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر».
إنّ الخطوة الأخيرة في المسار المتدنّي الذي تتخذه الدول الخليجية، بالتزامن مع نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس المقدسة، ما سيشّجع إسرائيل بشكل واضح على التغطرس في عدوانها، رامية جلّ «خبثها» على إيران مبتعدة بنفسها عن الدعم للحقوق الفلسطينية.
وفي المقلب الآخر، استغلال تركي «إسلامي» للموقف.. العربي «الخليجي» في محاولة استغلال الفرصة واستخدامها كـ «حالة دعائية» للعدالة والتنمية علها تنجح في الانتخابات، ولعل ريادة إدارة القضية تصبح في اليد التركية!
في حين، تضاربت المواقف الأوروبية – الغربية بين مؤيد وبين معارض، وإن كانت معارضة تنددية إنما سجلت في خانة «المواقف» التي ربما تبقى في سجل التاريخ، إنما الأصدق والأبقى للتاريخ أن يدوّن أنها المقاومة بقولها وفعلها بدعاتها ورعاتها.
إذا حكمنا من خلال هذا الحدث، أكثر من 63 شهيداً من الذين جاؤوا للاحتجاج، هؤلاء أبناء الحياة، الذين تجري في عروقهم دماء الكرامة والعزة هم الذين يردون الرد المشرف، لم يعودوا ينتظرون الجيوش العربية وطائرات «إف 16» التي اشتراها العرب لـ «إسرائيل» ضدّ فلسطيننا، وليس مستبعَداً أن يقاتل «العرب» جنباً إلى جنب مع حليفتهم «الإسرائيلية» ضدّ شّعبنا الفلسطيني نفسه، كما فعلوا في سورية واليمن.
مبدأ القوة ساد العالم فكيف الحال إن كانت قوة المقاومة بشرعة الحق والأرض وأصحاب الأرض فستغيّر وجه التاريخ وتغير المعادلة، وإينما كانت السفارة، ففلسطين كلها لنا، ولنا إليها عودة لن يطول ميعادها.
وما آل إليه «بيت العنكبوت» من رعب تفشّى داخل خيوطه الواهية منذ أيام بفعل الصواريخ السورية، فإنه سيبقى، وكما قال السيد حسن نصر الله «جهّزوا ملاجئكم» الحقّ قادم.