الحديقة التبادلية… مشروع مبتكر يعيد إلى الكتاب ألقه
شذى حمّود
في خطوة جديدة تعكس قدرة السوريين على ابتكار أفكار خلّاقة ومبدعة من شأنها أن تعيد إلى الكتاب ألقه وإلى الثقافة مكانتها بين العامّة، يضع فريق «إيقاع الحياة» اللمسات الأخيرة على مشروعه الجديد بعنوان «الحديقة التبادلية للكتاب»، كأول مكتبة من نوعها في سورية، بالتعاون مع وزارة التربية ومحافظة دمشق.
المكتبة التبادلية للكتاب هي تجسيد حقيقيّ لشعار «خذ كتابي وأعطني كتابك»، كمشروع ثقافيّ يهدف إلى تبادل الكتاب بين الناس وتكريس أهميته، لما يشكّل العامل الأساسي في المعرفة والاطّلاع على ثقافات الشعوب وحضاراتها، إضافة إلى وجود أنشطة فنّية مختلفة من موسيقى ومحاضرات ترافق هذا المشروع المقرّر إطلاقه خلال الأيام المقبلة في ساحة حيّ القصور في مدينة دمشق.
وتعتمد المكتبة التبادلية للكتاب على آلية مبتكرة محدّدة، حيث يقوم كلّ شخص بوضع كتابه في المكتبة والحصول على كتاب آخر بديل عنه، بهدف ترسيخ فكرة مفادها أنّ الكتاب هو لك ولغيرك. وبالتالي تشجيع الناس على وضع كتبهم في الحديقة بدلاً من وضعها في المنازل، بحسب الفنان التشكيلي موفق مخول مدير فريق «إيقاع الحياة» المشرف على المشروع الذي يرى فيه عملاً ثقافياً لتبادل الثقافة والتواصل والمحبة والآراء عن طريق هذا الكتاب.
ووصف مخول المشروع بأنه مشروع حضاريّ وثقافيّ من شأنه إعادة العلاقة الروحانية مع الكتاب، بعد أن أصبحت علاقتنا معه «علاقة غربة وجفا»، بسبب البرامج التكنولوجية التي أثّرت سلباً على الكتاب. معتبراً أنّ هذا المشروع يعطي الطلاب والناس أكثر بكثير ممّا تعطيه مدارسهم وبيوتهم. لأنّ الأماكن العامة لها خصوصية بالأدبيات والأخلاقيات ويجب استغلالها بالشكل الصحيح.
ودعا صاحب مشروع «لحن الحياة» إلى استغلال الأماكن الجميلة في دمشق سواء في حدائقها أو ساحاتها، وتوظيفها ثقافياً واجتماعياً، كما يجب إعطاؤها الدور الذي يزيدها جمالاً وحضارة. مبيّناً أنّ فريق «إيقاع الحياة» بدأ منذ سنوات بمخاطبة الشارع عن طريق مختلف الأنشطة الثقافية، سواء عن طريق اللوحات أو الأشجار المنحوتة، وتزيين أسوار المدارس وغيرها من النشاطات. والآن يعمل على وضع الكتاب في الشارع انطلاقاً من ضرورة خلق ثقافة الشارع كوسيلة أساسية لتعميم الثقافة.
وتحدّث مخول عن التفاعل الكبير مع هذا المشروع من قبل كلّ فئات المجتمع ومواقع التواصل الاجتماعي كتأكيد على تعطّش الناس إلى هذه الأفكار. ودليل على حبّ السوريين وشغفهم بالثقافة وترقّبهم أيّ مبادرة من قبل المؤسّسات الحكومية أو حتى المنظّمات والجمعيات الأهلية.
وأشار مخول إلى أنّ وزارة التربية السورية ستعمل على تفعيل هذا المشروع مع المدارس والطلاب لوضع كتبهم في هذه المكتبة. مع التأكيد على أنّ المشروع ليس بديلاً عن المكتبة المدرسية، لأن لكلّ مشروع خصوصيته وأهدافه ومكانه. وهذا المشروع هو في حديقة عامة متاحة لكلّ الناس ولكلّ الأعمار، وذلك وصولاً إلى تأسيس حديقة مكتبية خاصة في كلّ منطقة.
ولفت مخول إلى أنّ دور نشر محلية كثيرة أبدت إعجابها بفكرة الحديقة التبادلية للكتاب وتشجيعها لها، وأبدت استعدادها لتقديم كلّ ما تحتاجه هذه المكتبة من كتب متنوّعة لوضعها في متناول الناس المتعطّشين للثقافة، لردم الهوّة الكبيرة التي خلّفتها الحرب على مدى سنوات، وتأسيس مشاريع تخدم المجتمع.
ورأى مخول أن هذا المشروع هو إحدى المحاولات لإعادة الثقافة إلى الواجهة، والذي من شأنه التشجيع على إطلاق مبادرات مبتكرة تزرع في عيون الناس هذه المناظر الحضارية التي تشجّعهم مستقبلاً على زيارتها، لا سيما عند الأطفال. داعياً إلى تقديم المزيد من المشاريع وانتظار نتائجها التي قد لا تظهر في أيام أو أشهر، إنما تحتاج إلى سنين.
يشار إلى أن المشروع ينفّذ من قبل فريق «إيقاع الحياة» بالتعاون مع مديرية التربية في دمشق ومحافظة دمشق، حيث سبق للفريق تنفيذ نشاطات أخرى في الشارع ومنها «تحت الأشجار اليابسة»، إضافة إلى لوحة المزّة الجدارية والتي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية، واللوحة الجدارية على مدرسة «دار السلام» وغيرها.