الأمين علي قانصو… عقائدي لم يَحِد يوماً عن نهج الحزب
د. مروان فارس
كنا معاً في كلية التربية في الجامعة اللبنانية، هو يدرس اللغة العربية وآدابها وأنا أدرس اللغة الفرنسية وآدابها أيضاً.
ثم تخرّجنا معاً، وفي هذه الأثناء انتمينا إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي.
أسّسنا معاً في الجامعة الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية. وكان هذا الاتحاد منبراً من منابر الانتماء الوطني في وجه صفوف الرجعية، وخضنا الصراع الحقيقي من أجل بناء وطن جديد.
الوطن الجديد الذي حلُم به علي قانصو وأنا وعدد كبير من الطلبة الذين التحقوا أيضاً بحركة الحزب في الجامعات بمختلف كلياتها في الحقوق والآداب والعلوم الاجتماعية وغيرها.
كان علي قانصو يسعى باستمرار من أجل أن ينمو الحزب نمواً طبيعياً في صفوف طلبة الجامعة اللبنانية إلى درجة أننا استطعنا أن نرفع أعداد الطلبة الجامعيين بشكل ملحوظ. وكانت الحلقة الإذاعية تنتظر دائماً الرفيق علي قانصو، ومن ثم الأمين، ليزرع البهجة في المحيط الذي يكون فيه. فكان عنواناً من عناوين الفرح في الجامعة، بالرغم من الملاحقات والاضطرابات الداخلية.
بعد زراعة الشجرة ننتظر وقتاً لتتفتح بالثمر. وعلى هذه السوية استطعنا مع علي قانصو أن نغرس أشجاراً عديدة وهذه الأشجار حملت رجالاً قالوا لا لخطوط الانتماءات الطالبية الملتحقة باليمين الرجعي، فأثمرت نضالاتنا معاً طلبة جدداً دخلوا في صلب العقيدة القومية الاجتماعية التي أصبحت آنذاك منارة من منارات الجامعة اللبنانية.
في هذا الحقل أثمرت زراعات الأمين علي قانصو حقولاً وفيرة. في الحقل السياسي لم يستطع الحزب إلا أن يستفيد من عطاءات الأمين علي إلى جانب مسؤولياته الحزبية الداخلية في مختلف المجالات.
أما على الصعيد الوطني، فلم يجد الحزب السوري القومي الاجتماعي مَن هو أكفأ منه في تحمُّل المسؤوليات الحكومية، فكان وزيراً في حكومات عدة، ولا أحد ممن يذكرون هذه الحكومات إلا ويشهد لمعالي الوزير علي قانصو بالقدرة والكفاءة في مختلف المجالات.
وها هو اليوم انتقل إلى الحياة الأخرى. هو الذي لم يهَب الموت يوماً. وشجاعته هذه هي التي أهّلته ليكون قائداً من قادة الحزب السوري القومي الاجتماعي. نعم هو من القادة الذين لا يبحثون إلا عن رفع مقام حزبهم والخطوط التي ينتمون إليها. ونتيجة لذلك كله، تكرّر انتخابه على رأس الحزب مرات عدة، إذ اعتبر القوميون الاجتماعيون الأمين علي قانصو مَعْلَماً من معالم النهضة القومية الاجتماعية. وهو الرجل العقائدي الذي لم يحِد يوماً عن نهج الحزب، نهج الصلابة والالتزام الكلي.
ليتك يا أمين علي لم تذهب إلى مكان آخر، لأنّ الأمكنة كلها لك، أينما كنت وسوف تبقى كذلك إلى أن يحين موعد الفجر الجديد الذي كنتَ تريده وتشرق شمس الحياة على الذين يريدون فعلاً الحياة الجديدة.
الأمين علي قانصو مَعْلَمٌ جديد من معالم النهضة القومية الاجتماعية سوف تفتقده بلدته الدوير والجنوب اللبناني الذي كان يحلم به دائماً قوياً مواجهاً للعدو الصهيوني الذي قاومه علي قانصو مع رفقائه في كلّ ذرة من ذرات ترابه من النبطية إلى أقصى الجنوب.
لن يستطيع أحد أن يذكر المقاومة من دون أن يقول إنّ علي قانصو كان رمزاً من رموزها. لذلك حين انتصرت المقاومة اعتبر هو وحزبه أنّ رسالة الزعيم أنطون سعاده قد وفّت حقها للتاريخ.
كان الأمين علي قانصو صانعاً من صنّاع التاريخ. فالتاريخ هو المقاومة. والمقاومة هي انتصار حتمي. علّ الناس يعرفون ذلك. لقد عرف علي قانصو ذلك الخط التاريخي فكان ممن صنعوا التاريخ الجديد للوطن الجديد.
نائب سابق وعميد في الحزب السوري القومي الاجتماعي