الناقدة غيثاء قادرة: على النقد أن يراعي طبيعة أدبنا وسماته
يستحوذ الشعر الجاهلي بمراحله ومضامينه على اهتمام الناقدة السورية الدكتورة غيثاء قادرة وتعتبره الأساس الذي انطلق منه الشعر العربي ويعكس مستوى الفلسفة والفكر الذي وصل إليه العرب في تلك الحقبة.
وترى قادرة أن إطلاق تسمية الجاهلي على الشعر والأدب في تلك المرحلة ظلم لهما لأنهما لم يأتيا من الجهل الذي هو ضدّ العلم بل من عدم المعرفة بتعاليم الدين الإسلامي القائمة على نبذ العصبية القبلية وغيرها.
وتصف قادرة الشعر الجاهلي بالركيزة التي نهض عليها الشعر العربي على مستوى اللغة والمعنى والشعرية والإيقاع والبعد الدلالي للصورة الفنية وتقول: هو شعر فصاحة وبلاغة ومن يقرؤه بتأنٍ وإمعان يستقيم لسانه بالفصاحة والبلاغة ومر بأطوار كثيرة قبل أن يستوي على صورته الحالية.
وتضيف: الشعر الجاهلي يؤكد منسوب الفكر والفلسفة العميقة لدى شعرائه التي جاءت على صورة نظرات وشذرات عكست رؤيتهم للوجود والحياة والموت ما يؤكد أنهم لم يكونوا جاهلين بالعلم والفكر والفلسفة.
قادرة التي تدرس الأدب العربي في جامعة تشرين ترى أن الدور الثقافي في الجامعات في تراجع وهذا سببه وفقاً لها طبيعة الظروف الحالية واقتصار قراءة الطلاب على مقرراتهم المدرسية والجامعية وابتعادهم عن مطالعة الكتب وحضور المنتديات والبرامج الثقافية داعية المؤسسات الثقافية إلى تعزيز دورها في هذا الإطار.
وحول واقع الحركة النقدية الأدبية الحالية تقول قادرة رغم جهود مجموعة من النقاد والباحثين ما زالت المزاولة النقدية الأدبية عند بعضهم قاصرةً على تحليل البنى الإبداعية التي تضمنها النصّ الأدبي، مبينةً أن النقد الأدبي الأكاديمي أكثر قدرة من غيره على تأويل النص وتفسيره لأنه قائم على مناهج علمية بصورة تسمح للناقد الأدبي أن يكون مبدعاً ثانياً.
ونوّهت قادرة ببعض الأقلام الجديرة بالتقدير لنقدها المنجز الأدبي بموضوعية ومنهجية وصوابية بعيداً عن الانطباعية والشخصانية والشكلانية معتبرة أن الحركة النقدية في حالة تراجع بسبب قلة التفاعل بين المثقفين والنقاد من جهة، وبين النقاد والنقاد من جهة أخرى. إلى جانب انتشار الأعمال الأدبية بشكل عبثي على ضوء انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبح جلّها مصدر نشر الإبداعات وتوزيعها فساهمت في نشر كثير من الدراسات النقدية غير المنهجية.
وتنتقد مؤلفة كتاب «لغة الجسد في أشعار الصعاليك» هيمنة الاستلاب الإرادي والثقافي على كثير من النقاد واعتمادهم على المصطلحات والاتجاهات والنظريات التي يخترعها الغرب من دون مراعاة لطبيعة أدبنا العربي وسماته وبيئاته.
يشار إلى أن من مؤلّفات قادرة «جدلية الوجود والعدم… قراءة في مضمرات الخطاب الشعري الجاهلي» ولها عدد من المقالات العلمية المحكمة المنشورة في مجلات علمية دورية ومشاركات في مؤتمرات أدبية ونقدية عربية ودولية.