الدعوة الروسية إلى أميركا للإسهام في إعادة إعمار سورية جديّة أم مناورة؟
حميدي العبدالله
دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأكثر من مسؤولٍ روسيٍّ الولايات المتحدة للاشتراك في عملية إعادة إعمار سورية. وتلقف بعض الإعلام الأميركي هذه الدعوة وطلب من الإدارة الأميركية عدم الاستجابة لهذه الدعوة بذريعة أنّ الاستجابة الأميركية تعني حمل عبء من أعباء عملية إعادة الإعمار التي يجب أن تقع على كاهل الرئيس الروسي وسورية وحدهما كما قالت صحيفة «يو. إس. إيه. توداي» الأميركية، بذريعة عدم تبديد أموال دافعي الضرائب الأميركيين. علماً أنه من المعروف أنّ الولايات المتحدة الأميركية لم تشارك في أيّ عملية إعادة إعمار في أيّ مكان في العالم إلا إذا كانت نتائجها في مصلحة الشركات الأميركية ولم تكن هذه العملية من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، بل كانت أرباح الشركات الأميركية في عمليات إعادة الإعمار على حساب ثروات ودافعي الضرائب في البلاد التي تمّت إعادة إعمارها جزئياً، وهذا ما حدث فعلاً في العراق.
في مطلق الأحوال، وبمعزل عن الجدل الدائر في وسائل الإعلام الأميركية، لا بدّ من الإجابة على السؤال المطروح: هل الدعوة الروسية لواشنطن دعوة جديّة أم أنها للإحراج السياسي؟ من يقرأ بيانات الدعوة الروسية يتعرّف على حقيقتها، فالولايات المتحدة تزعم بأنها معنية بأوضاع اللاجئين السوريين بسبب الحرب، والدعوة الروسية تؤكد على ما يلي في مخاطبة الأميركيين: إذا كنتم جادّين في التصدّي لقضية اللاجئين فأقصر الطرق لحلّ هذه القضية المساهمة في إعادة إعمار سورية لخلق ظروف تساعد اللاجئين على العودة إلى بلادهم.
روسيا تدرك سلفاً أنّ الولايات المتحدة غير جادّة، وهي تستخدم قضية اللاجئين وتشهرها سياسياً، وتريد روسيا من خلال هذه الدعوة فضح حقيقة السياسة الأميركية وفضح زيفها والأكاذيب التي تنطوي عليها، وهذه الدعوة من قبل روسيا هي أقصر الطرق لتحقيق هذه الغاية.
في مطلق الأحوال عملية إعادة إعمار سورية شأنٌ سياديٌّ يخصّ الدولة السورية والكلمة العليا فيها ستكون للدولة السورية من دون تجاهل رأي حلفائها وفي مقدّمتهم روسيا، وإذا ما وجدت دمشق وموسكو أنّ سورية هي المستفيد الأول والرئيس من أيّ إسهام خارجي في عملية إعادة الإعمار، فإنها سوف تستقبله بالترحاب من أيّ جهة جاء حتى لو كان من الولايات المتحدة، التي خططت وقادت الحرب المدمّرة على سورية، فالإسهام في إعادة الإعمار بما ينعكس إيجاباً على سورية مفيد، ولعله تعويض عما قامت به الولايات المتحدة من أدوار في هذه الحرب المدمّرة على سورية.