مناورات روسية في المتوسط… واستعدادات لتحويل قمة طهران محوراً إقليمياً بري من بعلبك لعفو عام وتشريع «الحشيشة»: «متشائل» حكومياً… لأيام
كتب المحرّر السياسيّ
مع احتدام المواجهة في جبهات الاشتباك على مستوى المنطقة بين واشنطن وقوى محور المقاومة، على إيقاع الاستعدادات السورية لبدء معركة إدلب وما يُحيط بها من محاولات حماية علنية تقدّمها واشنطن لجبهة النصرة والجماعات المسلحة الإرهابية الرديفة، تحوّل البحر المتوسط بحيرة عسكرية، حيث تتواصل الحشود الروسية ضمن إطار التحضير لمناورات بحرية وجوية أعلنت عنها وزارة الدفاع الروسية ووصفها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بالمشروعة والطبيعية، بينما تحدّثت التقارير الروسية التي نفتها واشنطن، عن انتشار قطع بحرية أميركية بينها مدمرات وحاملات طائرات، اتهمتها موسكو بالتحضير لعدوان على سورية.
مصادر إقليمية معنية بالتصعيد الذي تشهده المنطقة مع واشنطن، وضعت قرار رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بإقالة رئيس هيئة الحشد الشعبي ومستشار الأمن القومي العراقي فالح الفياض ونائبه أبو مهدي المهندس، في إطار التضييق على قوى المقاومة ومحاولة عزلها عن المعادلة السياسية في لحظة دقيقة لتبلور المشهد النيابي العراقي قبيل حلول موعد انعقاد المجلس النيابي المنتخب لانتخاب رئيسَيْ الجمهورية ومجلس النواب وتسمية رئيس الحكومة، بينما تحدّثت معلومات مصادر أمنية عراقية عن إعلان الاستنفار في تشكيلات الحشد الشعبي بعد قرار العبادي وتعرّض مواقع للحشد لعمليات انتحارية نفّذها تنظيم داعش ترى المصادر أنها تمّت بتسهيلات من القوات الأميركية واستخباراتها التي لم تكن بعيدة عن تحرّكات داعش في العراق.
المصادر الإقليمية توقعت أن تخرج قمة طهران نهاية الأسبوع المقبل التي ستضمّ رؤساء إيران الشيخ حسن روحاني وروسيا فلاديمير بوتين وتركيا رجب أردوغان، بالإعلان عن ثوابت سياسية استراتيجية تتصل باستقلال معادلات المنطقة أمنياً وعسكرياً واقتصادياً، ومواجهة سياسة العقوبات الأميركية بالتكافل والتضامن بين الدول الثلاث المستهدفة بالعقوبات. وقالت المصادر لقد أظهرت التطورات الدولية والإقليمية منذ انخراط الدول الثلاث في مسار أستانة الخاص بسورية، أن ما يجمع هذه الدول من مصالح مشتركة وتحديات مصيرية يتخطى ما ظهر في مقاربة الحرب على سورية من حاجة للتنسيق بعد سنوات تواجهت فيها تركيا مع كل من روسيا وإيران، وتبنّت السياسة الأميركية لإسقاطها، قبل أن تنجح روسيا وإيران بالتعاون مع الدولة السورية بفرض اتجاه معاكس لسير الحرب. واعتبرت المصادر أن تعاون تركيا وروسيا وإيران سيحقق اقتصادياً كتلة متصلة جغرافياً، ضخمة بعدد سكانها ومواردها الطبيعية، وقدراتها الزراعية والصناعية والسياحية والمصرفية، وحاجتها المتبادلة للتكامل، كما أنّها ستشكل قوة عسكرية وسياسية تغلق مساحات هائلة من آسيا عبر بحر قزوين، وآسيا الوسطى، وكل من سورية والعراق.
في لبنان رسم رئيس مجلس النواب صورة المشهد الحكومي على إيقاع ما يجري في المنطقة خلال كلمته في ذكرى الغياب الأربعين للإمام السيد موسى الصدر، حيث خاطب البقاعيين معلناً العمل لإنشاء مجلس لتنمية البقاع وآخر لتنمية عكار والمنية والضنية، ومؤكداً السعي لتشريع زراعة القنب الهندي «الحشيشة» للأغراض الطبية والصناعية، والعزم على إقرار قانون مناسب للعفو ينهي معاناة الكثير من البقاعيين مستثنياً المتهمين بجرائم القتل والاعتداء على الجيش والأجهزة الأمنية. واختصر بري الذي أكد عمق العلاقة بين حركة أمل وحزب الله المشهد الحكومي بالإعلان عن كونه متشائلاً، نصف متفائل ونصف متشائم، لأيام سيتضح بعدها الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فينقلب التشاؤل تشاؤماً أو تفاؤلاً. ورأت مصادر متابعة للشأن الحكومي في كلام بري فرصة لمنح المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري لإثبات أن الاعتبارات المحلية هي التي تتحكم بتعقيد التفاهم على التشكيلة الحكومية. وهذا يعني نجاح مساعي الحلحلة خلال أيام، وإلا فالانتظار حتى بدء عمل المحكمة الدولية ما سيعني أن الشكوك والظنون بربط الحكومة بساعة توقيت خارجية هي في مكانها، وعندها يصير لتحذير الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، «لا تلعبوا بالنار»، موقعه وحساباته المختلفة.
«مسودة» الحريري في بعبدا خلال يومين
مع حلول شهر أيلول بدأ العدّ العكسي للمهلة التي حدّدها رئيس الجمهورية للرئيس المكلف تأليف الحكومة لتسليمه مسودة حكومية قبل أن يبادر الى التحرك على الصعيدين الدستوري والسياسي لدفع عملية التأليف الى الأمام، إذا استمرت المراوحة.
4 أيام فاصلة تحدث عنها رئيس المجلس النيابي تقرّر مصير التأليف والحكومة، مشيراً الى أنه «مُتشائل» حيال مسألة الحكومة، أي أنه ليس متفائلاً ولا متشائماً ويعوّل على لقاء مرتقب بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لمناقشة الوضع الحكومي. وقد رجحت مصادر «البناء» أن يزور الرئيس المكلّف بعبدا خلال الثماني وأربعين ساعة المقبلة وبيده تشكيلة حكومية تتضمّن أكثر من صيغة للعقدتين القواتية والاشتراكية. لكن المصادر أكدت بأنّ «الحريري في طور إنجاز هذه التشكيلة ولن تنتهي بعد وبحاجة إلى مزيد من الوقت لصياغة مطالب الأطراف بعد اللقاءات والمشاورات التي أجراها خلال الأيام القليلة الماضية».
وقد تسبق زيارة الحريري الى بعبدا لقاء يُعقد بين الرئيس المكلف ورئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل لمناقشة حصة التكتل وشكل التوزيع الذي عرضه الحريري على رئيس القوات سمير جعجع للحصة المسيحية.
«القوات»: 4 «خدمية» مقابل «السيادية»
وقد انتقلت «القوات» للحديث عن نوعية الحقائب بعد أن كانت تتمسك في السابق بالكمية، وتركت للرئيس المكلف الخيارات والهوامش للتفاوض مع كل من عون وباسيل ما يُعَدّ مؤشراً على تراجع «القوات» عن مطالبها بعدما تبلغت من الحريري صعوبة إسنادها حقيبة سيادية، غير أن القوات تحاول التعويض عن تنازلها عن موقع نيابة رئاسة الحكومة والحقيبة السيادية بغنم أربع حقائب خدمية هي الأشغال والعدل والشؤون الاجتماعية والتربية خالية من نيابة الرئيس والسيادية بحسب مصادر قناة «أم تي في» المقرّبة من «القوات». وأكدت القناة أنّ «حركة اللقاءات والاتصالات والمشاورات الأخيرة أفضت إلى نتائج مقبولة، ويبقى أن يلتقي الحريري باسيل الذي سيحمل معه إجابات ينتظرها الحريري»، لافتة إلى أنه «كان من المتوقع أن يزور باسيل الحريري اليوم، لكن تم إرجاء الزيارة مما أثار استياء الحريري».
وظهّر تصريح رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور المناخ الانفراجي للعقدة المسيحية، إذ أشار الى أنّ «القوات وضعت السقف المتمثل بالقبول بأربع وزارات ولا يمكن أن تتنازل عن ذلك»، معتبراً أنّ «المطلوب هو أن تتمّ ملاقاتنا من جانب الوزير باسيل ». وذكر جبور، في حديث تلفزيوني، «أننا سلّمنا الرئيس الحريري مجموعة أفكار ليكون لديه هامش كبير بلقائه مع باسيل ورئيس الجمهورية»، وأكد جبور أنّ «الحريري لا يمكن أن يتقدّم بتشكيلة حكومية لا تأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر القوات و الحزب التقدمي الاشتراكي ».
وبين سطور التصريحات القواتية محاولة لرمي الكرة الى ملعب التيار الوطني الحر وبعبدا والإيحاء بأنّ باسيل هو الذي يعرقل التأليف ويعارض ويوافق على مطالب الآخرين وليس الرئيس المكلف أو رئيس الجمهورية المعنيين بالتشكيل بحسب الدستور، ما استدعى رداً من باسيل من الديمان حيث شدّد على أننا «لسنا معنيين بالمشاكل المطروحة امام رئيس الحكومة، لأننا لا نطرح أي مشكلة او عقدة، بخاصة أن هناك أموراً كان يمكننا ان نحوّلها عقداً ولم نفعل. فنحن لا نزال مصرّين على عدم تكريس وزارات لطوائف من مالية وداخلية وطاقة وغيرها، لكننا نتساهل». وأمل باسيل «أن تتألف الحكومة سريعاً وفق معيار واحد»، وقال بعد لقائة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي: «إذا أراد أحد ما أن يتنازل لفريق آخر فلا مشكلة لدينا».
بري: «متشائل»
وفي الذكرى السنوية لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، أطلق الرئيس نبيه بري جملة مواقف من القضايا الداخلية والخارجية، وذلك في مهرجان خطابي أقامته حركة أمل في ساحة القسم – بعلبك، وقد لاقى بري الرئيس المكلّف في تعبيد الطريق السياسية أمام ولادة الحكومة، عبر فصله مسألة الحديث الرسمي مع سورية في أزمة النازحين ومعبر نصيب عن عملية التأليف، إذا قال: «البقاع أكثر تحملاً لقضية النازحين وننتظر حلاً سياسياً للقضية بعد تأليف الحكومة ونحتاج لكلام رسمي بين حكومتي البلدين»، مشدداً على أنه لا يمكن الفصل بين لبنان وسورية في التاريخ والجغرافيا والسياسة والمصالح المشتركة. كما رسم بري ملامح البيان الوزاري في خطوة استباقية لتجنيب عملية التأليف أي خلاف حول البيان الوزاري، وقال بري: «إن حكومة لبنان يجب أن تمثل كل القوى وأن تكون قراراتها مستقلة ومرتكزة على الوحدة الوطنية ونأمل أن تحصل فكفكة للعقد وأنني «متشائل» حكومياً حتى اجتماع الرئيس عون بالحريري».
وقال رئيس المجلس: «يحاولون يائسين الدخول بين الام وابنتها امل وحزب الله ونحن الثنائي الشيعي الوطني المقاوم. يريدون الدخول بين فكي الكماشة المتمثل بالجنوب والبقاع بين العشائر والعائلات بين الطوائف والمذاهب وأحياناً بين أمل وأمل لعلهم يعقلون». مضيفاً: «الحركة والحزب عينان ورئتان في قفص لبنان الصدري ينبعان من البقاع ويصبّان في الجنوب».
إنمائياً، جدّد رئيس حركة أمل المطالبة بإصدار قانون يشرّع زراعة الحشيشة لأغراض طبية وصناعية كاشفاً عن سلسلة مشاريع لإنماء المنطقة منها الصحي والإستشفائي والمائي. وتابع: «أعلن باسم حركة امل وحزب الله رفع الغطاء عن كل مرتكب او مهرّب وأطلب إصدار عفو عام مدروس».
وأقسم بري أمام الحشود على مواصلة العمل لتحرير الإمام الصدر وأخويه، مشدّداً على أنّ الأوضاع المتدهورة في ليبيا لن تمنع استمرار المحاولة، واليأس لن يصل إلى هذه القضية لا سيما أنّ ساحة عمل لجنة المتابعة الرسمية في ليبيا وما يكون خارج ليبيا يهدف إلى فتح كوة في الجدار».
الحريري: سنتعاون مع حزب الله
وأعرب الرئيس الحريري عن اعتقاده بـ»قرب تشكيل الحكومة الجديدة، رغم الصعوبات التي تعترض عملية التشكيل»، وقال: «إذا كنا نريد حكومة توافقية، فعلى الجميع أن يتنازل قليلاً، وأحياناً أميل شخصياً إلى التنازل أكثر قليلاً لأنني أعتقد أن البلد أهم من حزبي السياسي أو غيره».
وقد أظهر تصريح الحريري حيال العلاقة مع حزب الله المناخ الإيجابي واستمراره في الانفتاح والتعاون الحكومي مع حزب الله مع سياسة التطبيع وربط النزاع مع الحزب في ظل الحديث عن محاولات خلق فتنة مذهبية نتيجة قرارات المحكمة الدولية تعقّد مشاركة الحزب في الحكومة الجديدة، حيث قال في حوار مع قناة «يورونيوز» الأميركية: «لدينا خلافات سياسية مع حزب الله، وهو يعرف ذلك، هم لن يقبلوا أبداً سياستي تجاه الخليج، وأنا لم أقبل سياساتهم تجاه إيران وأشياء أخرى، لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نمنع البلاد من العمل».
وتعمّد الحريري الهروب من سؤال حول علاقته بالرئيس السوري بشار الأسد عبر الاختباء خلف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي وصف علاقته به بأنها «جيدة جداً»، وقال: «أنا أحترمه كثيراً، وأعتقد أنه شخص يمكن العمل معه».
وأكد «متانة علاقته مع السعودية»، وقال: «علاقتي مع المملكة ممتازة، وكذلك مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكما تعلمون، فإن المملكة ساهمت في إنجاح مؤتمر سيدر، وقدّمت مليار دولار في صناديق التنمية لدعم لبنان».
عون لغراندي: لفصل العودة عن الحل السياسي
وحضر ملف النزوح السوري في جولة قام بها رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، على المسؤولين اللبنانيين. وطلب رئيس الجمهورية أن تضطلع المفوضية بدور أكبر في تسهيل العودة الآمنة للنازحين في لبنان الى بلادهم، خصوصاً الى المناطق السورية التي باتت مستقرة حسب تأكيدات جميع المعنيين بالوضع في سورية، وعبّر الرئيس عون عن قلق لبنان من أي ربط بين عودة النازحين وبين الحل السياسي للأزمة السورية، داعياً الى الفصل كلياً بين الامرين.
ومن بيت الوسط أشار غراندي الى انه «كرّر للرئيس الحريري أن أفضل حل للاجئين السوريين في المنطقة، البالغ عددهم خمسة ملايين، هو في تأمين عودة آمنة وكريمة لهم الى بلدهم». ولفت الى ان «الوضع كان سيئاً جداً خلال السنوات الماضية في سورية، لكننا نحاول معرفة مخاوف الناس في ما يتعلق بموضوع العودة او عدمها».
في سياق آخر، رحبت اليونيفيل في بيان، بـ «تبني مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 2433 2018 الذي مدد ولاية قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لسنة أخرى بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701 2006 ».
وقال رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول: «إن تمديد ولاية اليونيفيل، بناء على طلب حكومة لبنان، يؤكد من جديد أهمية الحفاظ على وقف الأعمال العدائية على طول الخط الأزرق والهدوء السائد في منطقة عمليات اليونيفيل في جنوب لبنان».